خاص|| أثر برس طرأ في مؤخراً تغييرات على خطة اللقاءات السورية- التركية التي سبق أن تم الحديث عنها، حيث أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، أن اجتماع وزراء خارجية سوريا وروسيا وتركيا تم تأجيله، كما أفادت الرئاسة التركية بأن اجتماع وزراء الخارجية قد يسبقه اجتماع آخر لوزراء الدفاع.
أسباب هذه التغيرات توضّحت إلى حد ما في اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد، بالمبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، عندما علّق الرئيس الأسد على اللقاءات السورية- التركية بقوله: “هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنها يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب” مؤكداً ن دمشق ليست في عجلة من أمرها لإنجاز التقارب السوري- التركي، وأنها ليست بصدد تقديم أي تنازل في سبيل تحقيق هذا المسار.
الأمر ذاته أكده وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، عند لقائه أمس بنظيره الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، حيث قال: “لا يمكن الحديث عن إعادة العلاقات الطبيعية مع تركيا من دون إزالة الاحتلال.. نحن في كل تحركاتنا منذ عام 2011 وحتى هذه اللحظة نسعى لإنهاء الإرهاب الذي عكر علاقاتنا مع تركيا”.
هذه التصريحات السورية أوضحت ما يجري في المفاوضات السورية- التركية، بين اللجان المشتركة التي تم تشكيلها من قبل الجانبين السوري والتركي، وفي هذا الصدد نقلت وكالة “رويترز” عن مصدر مطلّع على سير المفاوضات قوله: “إن سوريا تريد من تركيا سحب قواتها من مناطق في الشمال ووقف دعمها لثلاثة فصائل معارضة رئيسية” مضيفاً أن “سوريا حريصة على رؤية تقدم بشأن تلك المطالب من خلال لجان المتابعة قبل الموافقة على اجتماع لوزراء الخارجية”.
إعلان أنقرة عن نيتها بالتقرّب من دمشق كان بمثابة تحوّل كبير في السياسة التركية إزاء سوريا، حيث لفت السفير التركي الأخير لدى دمشق عمر أنهون، إلى أن حكومة بلاده اختارت “تحولاً سياسياً جدياً للغاية، من مقاربة عنوانها ليس مع الأسد، إلى مقاربة ليس من دون الأسد”، هذا التحوّل ارتبط بعدة ملفات تركية وعلى رأسها الانتخابات الرئاسية التركية وانتشار “الوحدات الكردية” على الحدود السورية- التركية وغيرها من الملفات، وكذلك سوريا أعلنت عن أولويات محددة لإنجاز هذا المسار، حيث قال في هذا الصدد الكاتب والباحث السياسي غسان يوسف في حديث لـ”أثر”: “إن أردوغان يريد القفز إلى النتائج قبل معالجة الأسباب وقبل دفع أي ثمن حتى تقديم البديهيات لذلك الرئيس الأسد كان دقيقاً عندما قال أن أي تقارب سوري تركي أو أي محادثات بين الجانبين يجب أن تبدأ بإنهاء الاحتلال وإنهاء الإرهاب”.
إنجاز هذا الملف يعتبر انتصاراً ديبلوماسياً كبيراً لأردوغان، حيث قال السفير التركي السابق لدى دمشق في مقال له نشرته صحيفة “الشرق الأوسط”: “إذا تمكن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، من التحدث مع الرئيس بشار الأسد وتحقيق أي شيء يمكن اعتباره إنجازاً، فإنه سوف يحقق نجاحاً دبلوماسياً كبيراً آخر”، لكن بالنسبة لسوريا فالمعادلة مختلفة، وفي هذا الصدد أوضح يوسف أن “المعارضة التركية قالت بأنها مستعدة لإقامة علاقات ديبلوماسية مع سوريا وبنفس الوقت هي مستعدة لإعادة اللاجئين وإقامة علاقات ديبلوماسية كاملة بين البلدين، لذلك أعتقد أن سوريا غير مستعجلة إزا لم يكن أردوغان مستعداً لهذين الأمرين -إنهاء دعم الإرهاب والانسحاب من سوريا- والأمر الثاني تعتبر سوريا أن انتظار نتائج الانتخابات الرئاسية سيكون أفضل لها لأنها تعرف مع من ستتفاوض”.
منذ أن الإعلان عن الاجتماع الذي جمع وزراء دفاع سوريا وروسيا وتركيا في موسكو، أكّدت معظم الأوساط السياسية العربية والغربية، أن دمشق وأنقرة أمام مرحلة جديدة وتحمل في طيّاتها العديد من العقبات والصعوبات، لافتة إلى وجود العديد من الخطوات التي يجب أن تُنجز قبل عودة العلاقات بين البلدين.
زهراء سرحان