على وقع المعارك المستمرة بين الفصائل المسلحة الموالية لتركيا و”جبهة النصرة”، سيطرت “النصرة” على المزيد من المناطق الواقعة تحت سيطرة هذه الفصائل المسلحة، وبسرعة كبيرة.
ونتج عن هذه المعارك سيطرة “النصرة” على معظم أرياف حلب الغربي وحماة الشمالي، وإبعاد فصائل “الجبهة الوطنية للتحرير” الموالية لتركيا إلى الشمال السوري، في مناطق انتشار فصائل “درع الفرات وغصن الزيتون” المسلحة، حتى أنه تم التوصل اليوم الخميس إلى اتفاق بين الأطراف المتنازعة يقضي بأن تخضع المنطقة التي تسيطر عليها الفصائل الموالية لتركيا بالكامل إدارياً لـ”النصرة”، وفق ما نشرته وكالة “شام” المعارضة.
وفي إطار الكشف عن كواليس هذه المعارك نقلت صحيفة “عنب بلدي” المعارضة أمس الأربعاء، عن مصادرها أن تركيا تعمل على إعادة هيكلة فصائلها في ريف إدلب، مشيرة إلى تأخر وصول الدعم المالي الذي كانت تعد به فصائلها، وأكدت مصادر “عنب بلدي” أنه بعد حل “الزنكي” و”أحرار الشام” في سهل الغاب لم يعد هناك جهة يمكن تسليمها هذه الأموال، وشددت المصادر على أن عدد من فصائل تركيا قررت الوقوف بعيداً عن هذه المعارك بدلاً من مساندة باقي الفصائل.
من جهتها، نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادر معارضة أيضاً، أنه قبل المعركة بأيام لم يكن هناك أي شيء يشير إلى احتمال اشتعال معارك، وأضافت هذه المصادر: “أن النصرة باشرت التوغل، وأن انهياراً سريعاً وغير مفهوم وقع على بعض المحاور، ليصل الأمر إلى استسلام مذلّ” مشيرة إلى أن المصادر رفضت التفسير المرتبط بحدوث خيانة داخل “الحركة”، وأكدت في الوقت نفسه أنها كانت خدعة كبرى رسم معالمها الأتراك ونفّذتها جماعاتهم، ولا سيما “فيلق الشام”.
هذه المعلومات تعطي إشارة واضحة بأن تركيا لها دور كبير فيما يحصل في أرياف إدلب وحماة وحلب، وربما هدفها من ذلك إجبار فصائلها على التوجه إلى المناطق الحدودية مع تركيا، في حال قررت شن عملية في تلك المنطقة ضد الأكراد.
لكن هناك حقيقة لم تعِ لها أنقرة قبل هذه التحركات، هو أنها بهذه المعارك باتت “النصرة” على خطوط التماس مع القوات السورية ضمن مايسمى بإتفاق “منطقة منزوعة السلاح”، الأمر الذي يعطي الأخيرة الحجة الكافية لبدء عمليتها العسكرية لتستعيد من خلالها السيطرة على محافظة إدلب كون أن المعركة ستكون ضد “النصرة” التي كانت من المفترض أن تخلي المنطقة “منزوعة السلاح” قبل انتهاء مدة الاتفاق الروسي-التركي المبرم حيال هذه المنطقة، الأمر الذي لم يعد يُلزم القوات السورية بأي اتفاق يمنعها من شن عمليتها العسكرية لاستعادة إدلب، أي قد يحدث ما كانت تخشاه أنقرة سابقاً.
هذه المستجدات مجتمعة تجعل الجميع ينتظر قرار الحسم من قبل الدولة السورية باستعادة سيطرتها على محافظة إدلب وفي الوقت المناسب، خصوصاً أنه بات من الواضح أن تركيا فشلت باتفاقها مع روسيا وأنه لم يعد هناك أي مبرر لتأخير هذه العملية العسكرية وبدعم وتوافق مع الجانب الروسي وباقي الحلفاء.