خاص|| أثر برس أزاح “البيع أونلاين” المكاتب العقارية عن واجهة عمليات البيع والشراء والإيجار في سوق العقارات والسيارات في سوريا، فمن يبحث عن منزل للإيجار أو للشراء، بات يتنقّل بين صفحات “فيسبوك” المخصصة للإعلانات، بدلاً من التنقّل بين المكاتب العقارية والخضوع لسمسرة أصحابها.
حجة الساعين وراء منزل للإيجار أو للشراء، هي أنهم يوفرون دفع السمسرة، إذ يقول “طارق” لـ”أثر”: “كنت أبحث عن منزل للإيجار، وبحثت لمدة شهر ونصف بين المكاتب العقارية، وبين عروض كثيرة لمنازل متدرجة بين كسوة عادية ووسط وسوبر ديلوكس، وبين موقع قريب وبعيد من الشارع والسوق، وبين طابق أول ومتدرج حتى الطابق الخامس، وبين دفع الإيجار كل شهر أو سلفة 3 أشهر أو 6 أو سنة، ناهيك عن دفع قيمة إيجار المنزل لمدة شهر لصاحب المكتب العقاري كعمولة”.
ويضيف: “وبين يوم لم يكن صاحب المكتب العقاري موجوداً رغم موعد مسبق متفق عليه، وبين يوم لم يلتزم صاحب المنزل بالموعد المتفق عليه أيضاً، تمضي الأيام من دون فائدة، حتى نصحني أصدقائي بالبحث عن طريق “فيسبوك” وبالفعل وجدت منزلاً مناسباً وبسعر مناسب والدفع شهرياً من دون سلف، ومن دون وسيط، وذلك من خلال صفحة مخصصة للبيع والشراء والإيجار وكان الاتفاق مباشر بيني وبين صاحب المنزل”.
بدوره، قال “أبو أكثم”: “اشتريت منزلاً من دون وسيط من خلال صفحة “فيسبوك” تطرح عروضاً مختلفة، واللافت فيها أن البيع والشراء يتم مباشرة بين الطرفين من دون وسيط يتقاضى عمولة”، مشيراً إلى أن “عمولة المكتب العقاري تتراوح بين 2.5 – 3% وفقاً لما أعرفه، فقد تكون النسبة أكبر في مناطق أخرى”.
ويرى أبو أكثم أن من مزايا البحث عبر الإنترنت، توفر عروض كثيرة ومختلفة مزودة بصور وفيديوهات، يتنقل بينها الراغب بالشراء أو الاستئجار من دون أن يتكبّد عناء التنقل بين المكاتب العقارية وهدر الوقت ودفع المال. واللافت أكثر هو العثور بكل سهولة على صفحات متخصصة بالأحياء، حيث يستطيع الزبون البحث وايجاد ما يريد بكل سهولة.
“على بساط أحمدي بين البائع والشاري” بهذه الجملة الشعبية البسيطة يختصر “أنور” عملية التفاوض لبيع منزل، فالبائع يبيّن للزبون حقيقة واقع حال المنزل بصراحة من مشاكل وأعمال صيانة يحتاجها، في الوقت الذي يقبل فيه الزبون شراء المنزل أو يعرض عنه.
وأضاف: “منذ فترة بعت منزلاً لي في حي الرادار في طرطوس وقد صارحت الزبون بأن هناك مشكلات في التمديدات الصحية وبحاجة لصيانة في الحمام، واتفقنا على تخفيض بسيط في سعر المنزل بسبب هذه المشكلة”.
وتابع: “الصراحة مهمة ليكون الزبون على اطلاع بواقع الحال من دون أن يتصل بي لاحقاً ليعاتبني على خداعه، ولذلك فإن البيع من دون وسيط أفضل لأن الأخير في أحيان كثيرة يلجأ لتجميل المنزل في عين الزبون وغض البصر عن عيوبه وإخفائها حتى “لا يطفش الزبون” ناهيك أنه من الأفضل لي أن احتفظ بعمولة السمسار”.
في المقلب الآخر، أكد صاحب مكتب عقاري لـ”أثر” تراجع عمليات البيع والشراء والإيجار، بفعل توجه الكثير إلى “الفيسبوك” حيث توجد صفحات متخصصة بعروض العقارات والمزوّدة بالصور والفيديوهات ومعلومات شبه كاملة عن العقار من ناحية المساحة والوضع المالي والقانوني للمنزل وغيرها من المعلومات الأساسية.
وأضاف: “يبقى للمكاتب العقارية دورها من ناحية الضمان بين الطرفين، ناهيك عن كتابة العقد بشكل قانوني بين البائع والشاري والاتفاق على عملية الدفع”.
من جهته، راح “أبو سامي” صاحب مكتب عقاري أيضاً، إلى أبعد من ذلك في التعبير عن امتعاضه من صفحات الإعلانات في “فيسبوك”، محذراً من أنها قد تكون صفحات وهمية، فهي لا تحمل أي سمة من سمات المصداقية حتى يطمئن الزبون بالتعامل معها، فمن يعلن عبر أي صفحة هو شخص مجهول والثقة فيه كمن يمشي في حقل ألغام، في الوقت الذي توفّر المكاتب العقارية الأمان والضمان والموثوقية بمكان وأشخاص معروفين.
الباحث الاقتصادي أيهم يوسف بيّن لـ”أثر” أن أثر وسائل التواصل الاجتماعي لم يعد مقتصراً على عمليات البيع والشراء التي باتت ملاذاً للكثيرين ووجهتهم الأولى في البحث عن أي شيء يريدون بيعه أو شراءه بدءاً من المنزل والسيارة وانسحاباً على كل ما يحتاجه المرء من أثاث وتجهيزات كهربائية وملابس ومواد غذائية وغيرها.
وبحسب يوسف، المزايا التي توفرها وسائل التواصل الاجتماعي من ناحية سهولة البحث والحصول على عروض مختلفة مع معلومات مفصلة، خاصة في ظل إرفاق المنشور الإعلاني بصور وفيديوهات ورقم هاتف للتواصل، تستقطب الزبون بشكل كبير لعدم تكبده عناء التنقل بين المكاتب العقارية ناهيك عن هدر الوقت والمال، ناهيك أن البيع المباشر من دون وسيط يجعل الطرفين يشعران بالراحة لعدم خضوعهما للسمسرة من قبل أصحاب المكاتب العقارية.
وأكد يوسف أن البيع والشراء عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثر سلباً على عمل المكاتب العقارية، لكنه لم يلغها ولن يستطيع -برأيه- لأن هناك شريحة واسعة اعتادت على التعامل مع المكاتب العقارية بوصفها الخيار الآمن والأكثر موثوقية، ناهيك أن هناك أشخاص لا يجيدون التعامل مع وسائل التواصل الاجتماعي.
صفاء علي