بعد إعلان عودة سوريا إلى الجامعة العربية، في اجتماع وزراء الخارجية العرب الذي جرى أمس الأحد في القاهرة، أعربت عدد من الدول عن مواقفها من القرار، وذلك بعد تجميد عضوية سوريا في الجامعة لأكثر من 12 عاماً.
وكانت الإمارات في رأس هذه الدول حيث أجرى الرئيس الإماراتي محمد بن زايد، والرئيس بشار الأسد، اتصالاً هاتفياً بحثا فيه “التطورات الإيجابية في الساحة العربية”، وعبّر الرئيس الأسد عن تقدير بلاده للدور الذي أدته الإمارات للمّ الشمل وتحسين العلاقات العربية، بما يعزز التعاون العربي المشترك ويخدم مصالح الدول والشعوب العربية” وفقاً لما نقلته الرئاسة السورية.
وكذلك أكد المتحدث باسم الخارجية الإيراني ناصر كنعاني، ترحيب بلاده بهذه الخطوة وقال: “حل الخلافات بين الدول الإسلامية والتقارب والتآزر بينها له نتائج إيجابية في الاستقرار وإرساء السلام الشامل، كما أنه يوفر الأرضية لتقليل التدخلات الأجنبية الهادفة للربح في القضايا الإقليمية، مؤكدا أن إيران ترحب بهذا النهج”.
كما أكد المتحدث باسم الخارجية الصينية وانغ ون بين، أن “الصين ترحب بعودة سوريا إلى جامعة الدول العربية وتهنئها”، وأعرب عن اعتقاده بأن “عودة سوريا إلى الجامعة ستساعد الدول العربية على تعزيز وحدتها وتحسين نفسها، وتسريع التنمية وإعادة الإعمار في العالم العربي”.
على حين أكدت قطر التي تغيّبت عن اجتماع القاهرة أن موقفها لم يتغير من عودة سوريا إلى مقعدها في الجامعة، وقال مستشار وزير الخارجية القطري، المتحدث الرسمي لوزارة الخارجية ماجد بن محمد الأنصاري، أن موقف دولة قطر من التطبيع مع سوريا لم يتغير، منوهاً بأن “بلاده لن تكون عائقاً في سبيل تحقيق الإجماع العربي”.
كما أعربت الخارجية الأمريكية عن رفضها لخطوات التقارب العربي مع سوريا مشيرة في الوقت ذاته إلى أن “الشركاء العرب يعتزمون استخدام التواصل المباشر مع الرئيس السوري للضغط والتوصل إلى حل للأزمة السورية التي طال أمدها وأن واشنطن تتفق مع حلفائها على “الأهداف النهائية” لهذا القرار”.
وتعقيباً على الموقف الأمريكي من التوجه العربي تجاه دمشق، قال الصحافي ديفيد أغناطيوس المختص بالشؤون الخارجية في صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية: “إن غياب وسيط أمريكي دفع الدول العربية للتحرك وحدها لعقد صفقات منفصلة، حيث زار وزير الخارجية السعودي دمشق هذا الأسبوع للمرة الأولى منذ عام 2011، وهذا مؤشر على أن الدول تستعد للعمل المستقل لترتيباتها الخاصة”، مشيراً إلى أنه “يصيب الإرهاق من سوريا صانعي السياسة الأمريكيين، وهو أمر مفهوم بعد عدد لا يحصى من الغزوات الدبلوماسية الفاشلة، وبدلاً من السياسة لدينا عقوبات على الرئيس بشار الأسد ونرفض أي تطبيع معه”، مضيفاً أن “العقوبات قد تجعل أعضاء الكونجرس يشعرون بتحسن، وتمنحنا قليلاً من النفوذ، لكنها لا تفعل شيئاً لتخفيف معاناة سوريا”.
وأصدرت الجامعة العربية قراراً يقضي بعودة سوريا إلى شغل مقعدها فيها، وأكد نص القرار نقاطاً عدة أبرزها “الحفاظ على وحدة سوريا وسيادة الدولة السورية، والالتزام بالبيانات العربية الصادرة عن اجتماع جدة بشأن سوريا يوم 14 نيسان 2023، واجتماع عمان المتعلق بسوريا يوم الأول من أيار 2023، وتأكيد ضرورة اتخاذ خطوات عملية وفاعلة للتدرج نحو حل الأزمة، وفق مبدأ خطوة مقابل خطوة وبما ينسجم مع قرار مجلس الأمن رقم 2254، وتشكيل لجنة اتصال وزارية مكونة من وزراء خارجية الأردن، والسعودية، والعراق، ولبنان، ومصر، بالإضافة للأمين العام، لمتابعة تنفيذ بيان عمّان، والاستمرار في الحوار المباشر مع الحكومة السورية للتوصل إلى حل شامل للأزمة السورية يعالج جميع تبعاتها، إلى جانب “استئناف مشاركة وفود حكومة الجمهورية العربية السورية في اجتماعات مجلس جامعة الدول العربية، وجميع المنظمات والأجهزة التابعة لها، ابتداءً من يوم 7 أيار 2023”.
وتؤكد التقديرات ارتباط عودة سوريا إلى الجامعة العربية مع التغيرات الإقليمية، حيث نشرت صحيفة “النهار” اللبنانية مقالاً في هذا الصدد أشارت فيه إلى أن “عودة سوريا إلى الحضن العربي تتزامن مع تغيّر في الخارطة السياسية الإقليمية بعد الاتفاق السعودي-الإيراني الذي تُعلّق عليه آمال بعودة الاستقرار في منطقة لطالما هزتها النزاعات بالوكالة”.