خاص أثر|| رضا توتنجي
يبدو أن المتغيرات الميدانية على الأرض السورية خلال الأسابيع الأخيرة سارت لصالح مختلف القوى الإقليمية المشاركة في الحرب السورية، باستثناء الولايات المتحدة الأمريكية ما قد يدفعها للقيام بردود فعل قد تعرقل مسار المتغيرات وتمكنها من إعادة ترتيب أوراق مصالحها في المنطقة.
تمكنت القوات السورية بدعم القوات الروسية من تحقيق تقدم كبير ضمن غوطة دمشق الشرقية واستعادة السيطرة على معظم القرى في شرق الغوطة، قابل ذلك صمت تركي غير معهود عما يجري في الغوطة من الحكومة التركية التي اعتادت الحديث عن الإنسانية التي تناستها تماماً في عفرين، باستثناء بعض التصريحات الخجولة للرئيس التركي، جاء ذلك نتيجة انشغال الأتراك في تحقيق التقدمات في مدينة عفرين التي أوشكت أن تحاصر، ليبقى الجانب الأميركي يراقب ما يحدث دون أن يتمكن من تحقيق أي مكسب على الأرض.
تلك التطورات دفعت القيادة الأميريكية لوضع بعض الخطط التي تعيد خلط الأوراق في المنطقة ليتسنى للولايات المتحدة تنفيذ بعض استراتيجياتها التي أوشكت على فقدانها وظهر ذلك من خلال تطورين أساسين هما درعا وريف حماة اليوم.
ففي منطقة درعا، بدا من الواضح خلال الأيام الأخيرة قيام القيادة الأميركية بتوجيه رسائل ضغط للفصائل المعارضة هناك عبر غرفة “الموك” للقيام بعملية عسكرية موسعة تشتت أنظار الحكومة السورية عن مكان تركيزها في الغوطة الشرقية، حيث ظهر على عدد من المواقع المعارضة منها و”كالة ستيب نيوز” حديث قيادات في المعارضة عن بدء التجهيزات لعملية عسكرية وصفوها بأنها “نصرة للغوطة الشرقية” دون الحديث عن الأوامر الأمركية “الإسرائيلية” التي رافقها رسائل شديدة اللهجة بقطع الدعم المالي عنهم في حال لم تبدء التجهيزات للعملية.
إلا أن القوات السورية قامت بتوجيه ضربه استباقية استهدفت عدد من مقار فصائل المعارضة و”جبهة النصرة” في الجنوب السوري، ما دفع الولايات المتحدة لعقد اجتماع في الأردن عبرت فيه عن قلقها مما يجري في منطقة “خفض التصعيد” في درعا، متجاهلاً تعزيزات الفصائل المسلحة و”جبهة النصرة” التي أرسلتها مؤخراً.
جاء ذلك بالتوازي مع إعلان مفاجئ لعدد من الفصائل في ريف حماة الشمالي اليوم، عن البدء بعملية عسكرية ضد القوات السورية تحت عنوان “الغضب للغوطة الشرقية”، والتي تستهدف عدد من النقاط والبلدات بريف حماة الشمالي الغربي.
ويشارك في المعركة الجديدة عدد من الفصائل هي “جيش العزة، وجيش الأحرار، وجبهة تحرير سوريا” وهي فصائل تتلقى دعم مشترك من عدة دول على رأسها الولايات المتحدة وتركيا.
إلا أن تلك العملية لم تكن جدية حيث لم يتلوها أي تقدمات بري لتقتصر على بعض الضربات الصاروخية والمدفعية هناك دون أن تلاقي أي صدى من الجانب التركي المهتم بتحقيق مكاسبه في عفرين وكيف يتمكن من كسب المزيد من مقاتلي المعارضة لزجهم بعملية “غصن الزيتون”.
في حين نسب آخرون ما جرى في ريف حماه بأنه كان محاولة من “جبهة تحرير سوريا” لإحراج “الهيئة” وإجبارها على وقف الاقتتال الداخلي بعد أن تمكنت الأخيرة من السيطرة على عدد من المناطق التابعة لـ “تحرير سوريا” رافضةً وقف العمليات العسكرية.
يأتي ذلك بالتوازي مع تهديدات أميريكة عن تنفيذ ضربات صاروخية تطال مواقع سورية، وقد يتم ذلك في حال لم تنجح الفصائل المعارضة و”جبهة النصرة” في تطبيق مخططاتها.
وعليه يبدو بأن التطورات الأخيرة ما تزال في مرحلة التهديد، وستكون الأيام المقبلة كفيلة بأن ترينا إذا كان ما يجري في درعا وحماه تجهيز لعمل عسكري أميركي، أم أنها مجرد محاولات أميركية لإقناع باقي أطراف الحرب في سوريا بأن نفوذها لا يقتصر على مناطق شرق الفرات وما يجري سواءً في الغوطة أو ما سيجري بعدها في درعا يمس مصالحها بشكل مباشر.