أثر برس

الولايات المتحدة مع روسيا والصين مع أوروبا.. هكذا باتت التحالفات

by Athr Press R

تغيراتٌ وتبدلاتٌ في العلاقات والتحالفات قد يشهدها العالم في حال استمر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بسياساته العالمية ظناً منه بأن سياسته مع السعودية ودول الخليج يمكن تعميمها على باقي دول العالم.

فبالتوازي مع القمة الروسية-الأمريكية المنعقدة في “هلسنكي” الفنلندية والتي لا تزال مجرياتها غامضة، باستثناء بعض التصريحات التي تخص إيران والتي لم يعلق عليها الرئيس الروسي، توجه عدد من قادة الاتحاد الأوروبي إلى العاصمة الصينية، ثمّ العاصمة اليابانية، في جولة تهدف إلى توطيد العلاقات التجارية مع هذين البلدين، ومواجهة سياسات الرئيس الأميركي دونالد ترامب، في حال تصاعدت حربه التجارية.

فبعيد تصريحات “ترامب” حول تقليص الدعم الأمريكي المالي لحلف “الناتو” الذي يشكل حزام الأمان بالنسبة للأوروبيين في وجه الروس وعقد جلسته الأخيرة المغلقة مع الرئيس الروسي في العاصمة الفنلندية وعدم معرفة الأطراف الأوربية ما دار في الغرف المغلقة بين الرئيسين بخصوص شبه جزيرة القرم وأوكرانيا والناتو، يبدو أن الأوربيين قرروا البحث عن سبل اقتصادية جديدة لعدم الخضوع لسياسة ترامب تحت شعار “أمريكا أولاً”، حيث قال رئيس المجلس الأوروبي “دونالد توسك”: “واجب مشترك على أوروبا والصين، إنما كذلك على أميركا وروسيا، عدم هدم هذا النظام العالمي بل بالأحرى تحسينه، وعدم الخوض في حروب تجارية غالباً ما أدت في تاريخنا إلى نزاعات مفتوحة”، وأضاف توسك بتغريدة على تويتر: “أوروبا والصين، وأميركا وروسيا، اليوم في بكين وهلسنكي، (مسؤولون) بشكل مشترك عن تحسين النظام العالمي وليس تدميره.. آمل أن تصل هذه الرسالة إلى هلسنكي”.

تغريدات رئيس المجلس الأوروبي حملت في طياتها صورة عن تحالفات جديدة وإن كانت اقتصادية فقط، كونه لا يمكن للأوربيين أن يخرجوا من العبائة العسكرية الأمريكية المنتشرة في أراضيها بوجه الاتحاد السوفيتي قديماً، إلا أنها في الوقت ذاته تعكس حالة من التباعد السياسي الأمريكي مع الأوروبيين بسبب حالة التقارب التي يبديها ترامب مع بوتين.

سياسات الأوربيين لم تقتصر على تطوير العلاقات الاقتصادية في شرق آسيا للوقوف في وجه ترامب بل إنها باتت تتمسك أكثر بالاتفاقات مع إيران، أهم الملفات التي تعتبر الشغل الشاغل لعقل الرئيس الأمريكي، حيث أعلنت أمس وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، عقب اجتماع وزراء خارجية الاتحاد في بروكسل، أن إقرار آلية قضائية لحماية الشركات الأوروبية العاملة في إيران أو المتعاملة معها عبر “تحديث نظام العرقلة”،  سيكون نافذاً من تاريخ السادس من آب المقبل، وقالت موغيريني: “(إننا) سنتخذ كل الإجراءات لجعل إيران قادرة على الاستفادة اقتصادياً من رفع العقوبات”، مشيرة إلى أن “التطبيق لن يكون سهلاً، لأن وزن الولايات المتحدة في الاقتصاد العالمي لا يستهان به”.

وتابعت: “لست قادرة الآن على التأكيد بأن جهودنا ستكون كافية، إلا أننا سنبذل كل ما في وسعنا”، من جهته، أشار وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان، إلى وجود تعاون أوروبي مع الصين وروسيا “لإيجاد آلية مالية تضمن لإيران أن تبقى قادرة على تصدير نفطها”، وتفيد المعلومات حول الآلية التي تحدث عنها الوزير الفرنسي بأن شراء النفط الإيراني سيجري باليورو بدلاً من الدولار، من طريق تحويلات بين المصارف المركزية في أوروبا ومصرف إيران المركزي.

مما لا شك فيه أن التباعد الأمريكي الأوروبي والذي كان أحد أهم أسبابه هو التقارب بين ترامب وبوتين قبل أن يكون قيود تجارية، بات يتوسع أكثر فأكثر بالتوازي مع المحاولات الصينية للاستمرار بالصعود الاقتصادي الذي يحاول ترامب تخفيض سرعته، ليكون المستفيد من تطور الخلاف الأوروبي-الأمريكي هي إيران وخصوصاً في حال تمكن الأوروبيون من خلق خطط اقتصادية جديدة تمكنهم من الخروج من القيود الاقتصادية الأمريكية التي تفرضها على العالم، فالدول الأوروبية لا تخضع للولايات المتحدة كدول الخليج وهو ما جسد في العاصمة الفلندية أثناء المظاهرات حيث كتب أحد المتظاهرين الأوربيين على إحدى اللافتات متوجهاً بالحديث للرئيس الأمريكي: “لن تقودنا كما تقود العرب”، وفي النهاية لا يمكن أن نشك بأن أهم سبب للحروب هو انهيار النظام الاقتصادي لدولة ما، فطريقة تعاطي ترامب مع المشهد الاقتصادي العالمي قد تؤدي إلى انهيار في المنظومة الاقتصادية لإحدى الدول العظمى ما من شأنه أن يؤدي إلى نشوب نزاع مفتوح يشعل حرب شاملة.

اقرأ أيضاً