خاص || أثر برس تصدّر خبر قيام مجلس مدينة طرطوس بإغلاق المبادرة الشبابية الثقافية التي انطلقت مؤخّراً تحت مسمّى “بائع الحكمة”، صفحات التواصل الاجتماعي بنفس الزخم والانتشار الذي تصدّر فيه خبر انطلاق المبادرة بوصفها نقطة انطلاق مهمة لمشروع ثقافي غير مألوف في الشارع السوري.
في شارع الزهور أو كما يعرف بالسوق التجاري في مدينة طرطوس، أقام محمد جبر وشريكه في المبادرة خالد الحسين، مبادرة بسيطة تشجّع الناس على القراءة، عمادها “ستاند” يحتوي على مجموعة من الكتب التي تنوّعت بين الروايات والقصص القصيرة والكتب الثقافية والمنوّعة، لتلائم على بساطتها وقلتها اهتمام رواد “بائع الحكمة” خاصة أنهم طلاب جامعة وطلاب مدارس بالإضافة للمارة في الشارع المزدحم معظم أوقات النهار.
مدير المهن والشؤون الصحية في مجلس مدينة طرطوس المهندس فراس الموعي أوضح لـ “أثر” حقيقة المخالفة الواقعة، بالقول: “بموجب القانون المالي ١/٩٤ وتعديلاته فإنه لا يجوز إشغال الأملاك العامة إلا برخصة إشغال نظامية تصدر عن الوحدة الإدارية، يوضّح فيها مساحة الإشغال، نوعه، مدته، ورسوم الإشغال”.
وأضاف الموعي: “بالنسبة لمبادرة “بائع الحكمة” فإنه لا يوجد رخصةً له، ناهيك أنه يشغل الرصيف بالإضافة للطريق، مدللاً بأنه وضع سجادة خضراء على الرصيف وقام بتثبيتها بواسطة مسامير، كما قام بوضع “ستاند” على الطريق، واستخدام جدار إحدى المحال المجاورة بوضع إعلان ترويجي له، مشيراً أيضاً إلى ورود شكاوى من الجوار بسبب قطع الرصيف أمام المارة”.
وتابع الموعي: “ما قامت به بلدية طرطوس ليس هجوماً على المبادرة وفكرتها كما تداولت بعض صفحات التواصل الاجتماعي، فنحن لا نحارب الثقافة ولا المبادرات التي تشجّع على القراءة، ولكن لا نستطيع أن نتجاهل وقوع مخالفة واضحة لإشغال الأملاك العامة وقطع طريق في شارع يوجد في السوق التجاري”، مردفاً: “لا يستطيع أي شخص عندما تأتي إلى ذهنه فكرة، مهما بلغت أهميتها وفائدتها، أن يتعدّى على الأملاك العامة ويتسبب بالضرر للمارة والجوار من خلال قطع الرصيف والطريق، خوفاً من تحوّل أرصفة وشوارع المدينة لعرض الأفكار، لافتاً إلى أن هذه المبادرات والأفكار لها أماكنها وشروطها الخاصة”.
وإذ أكد الموعي أن الأملاك العامة ليست مستباحة لأي فكرة، فإنه بيّن أن أي مهنة يجب أن تخضع للشروط الصحية والفنية، وأن إشغال الملك العام له شروط ترتبط بالمحل والمهنة، مع ضمان عدم قطع استمرارية الطريق أمام المارة.
وأوضح الموعي أنه تم إبلاغ صاحب المبادرة بضرورة إزالة الإشغال، ومراجعة مجلس المدينة للتقدّم بطلب ترخيص، لدراسة الفكرة والإشغال، مؤكداً أنه في حال تم منحه الترخيص فانه لا يجوز له إشغال سوى نصف مساحة الرصيف، مع إبقاء النصف الآخر مفتوحاً أمام المارة، مع التشديد على عدم إشغال أي مساحة من الطريق، والتي لا تعطى لأي رخصة ممنوحة.
وأكد الموعي أن المصلحة العامة هي المصلحة العليا، والحرية الشخصية تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين.
وكانت قد انطلقت مبادرة “بائع الحكمة” خلال الأيام القليلة الماضية، في دعوة عامة للقراءة وتحفيز الشباب، خاصة أن معظم روّاده من طلاب الجامعات والمدارس، على العودة للكتاب الذي نأى الكثير عنه مع انتشار الإنترنت.
ولا شك أن طريقة الترويج للمبادرة أثارت فضول الكثيرين لخوض التجربة التي تغرّد خارج سرب المألوف، وجذبتهم ليكونوا روّاد “بائع الحكمة” موزعين بين من أقبل تحت العنوان الترويجي “إن كنت لا تمتلك المال اقرأ 15 صفحة من أي كتاب، واحصل على مشروبك مجاناً”، أو تحت عنوان “مع كل مشروب تشتريه نعطيك حكمة مطبوعة على الكأس”.
وعلى سبيل التبادل الثقافي، يمكن لأي شخص تبادل الكتب مع “بائع الحكمة” من خلال أخذ كتاب مقابل وضع كتاب بدلاً منه.
صفاء علي – طرطوس