خاص || أثر برس حتى ساعة متأخرة من الليل، تقف “أم محمد” في منطقة الشيخ سعد بدمشق لتتشارك مع أعداد كبيرة من الأشخاص بيع الخـبز، دون أن تحتاج السيدة الخمسينية للنداء على بضاعتها الطازجة، بل تقف حاملة الخبز بانتظار توقف سيارة عابرة لتشتري منها الربطة بـ 2000 ليرة، وأحياناً بـ 2500.
وتقول “أم محمد” في حديثها لـ “أثر برس”: “لا تزيد مرابحي عن 10 آلاف ليرة يومياً بعد عمل قد يستمر لعشر ساعات، وأحياناً يصل ما أجنيه لنحو 50 ألف ليرة سورية، فبعض الزبائن يترك “بقشيشا أو حسنة”، مع ثمن ما يشتريه من الخبز.
إلى جانبها تقف سيدة في الثلاثين من عمرها، وتقول دون الكشف عن اسمها: “الساعة الواحدة ليلاً، هل تتخيل عدد المتحرشين الذين يمرون بنا يومياً خلال بيعنا للخبز؟، هناك من لا يحترم أن وقوفنا هنا بقصد الرزق الحلال وبيع “نعمة الله”، وتضيف خلال حديثها لـ “أثر برس”: “هناك صبيان صغار ورجال يقفون لبيع الخبز الذي نحصل عليه بطرق مختلفة لنبيعه بمقدار ربطة من سبعة أرغفة بمبلغ 2000 ليرة، ونحن نقدم خدمة لمن لا يريد الوقوف في الطابور ومن لا يريد شراء الخبز السياحي”.
ويحصل الصبي مجد البالغ من العمر 13 عاماً، على 20 ربطة خبز يومياً يبيعها بمربح قد يصل لـ20 ألف ليرة يعين بها والدته التي تدير شؤون البيت بعد وفاة والده، ويقول في حديثه لـ “أثر برس”: “أعمل بعد المدرسة، نحن ثلاثة أخوة نتشارك العمل بالقرب من أفران ابن العميد في منطقة ركن الدين، ولا تغيب أعيننا عن بعض لأن أمي تنبهنا دوماً من السيارات المسرعة، وألا نستجيب لأي عرض من الغرباء للركوب معهم أياً كانت المغريات”.
خبز أم شيء آخر!
“عبير” اسم وهمي لفتاة تقف حاملة عدد من ربطات الخبز على أوتستراد الفيحاء بكامل أناقتها، وتضع كميات مبالغ فيها من مساحيق التجميل “المكياج”، وحين الاقتراب منها لشراء الخبز تقف السيارات طويلاً وقد لا يتم شراء الخبز منها بعد طول نقاش، وتقول لـ “أثر برس”: “البعض يشتري ويحاول تقديم عروض مغرية لأرافقه بجولة في السيارة، أو القبول ببعض الممارسات الجنسية مقابل المال، وحين أرفض يغادر المكان وغالباً ما ينتهي الحوار بعبارات من قبيل “تصطفلي – إنت الخسرانة” وما شابه.
وتفسّر الشابة العشرينية مبالغتها في التأنق خلال بيع الخبز بالقول: “بعض الزبائن يضع مالاً إضافيا فوق قيمة الخبز كـ بقشيش فقط لمحاولة استمالتي، أقبل هذا البقشيش فهو ليس مقدماً مقابل شيء سوى بعض ما يسميه الناس (مياعة)”.
تضيف الشابة مع إشارتها لمكان وقوف فتيات بعمر 13 – 14 عاماً بالقول: “إنهن بعمر الطفولة، ومع ذلك يتعرضن للتحرش ومحاولات الإغواء، ومنهن من يضعن المكياج ومنهن من لا يعرفن كيف يستخدمنه، وهناك من يقبلن بمرافقة المتحرشين ليحصلن على “يومية دسمة”، مقابل بعض الممارسات في السيارة، وقد تصل أجر “لفة بالسيارة” لمبلغ 50 ألف ليرة، تنهي نهار عمل الواحدة منهن سريعاً، وربما هذا ما يجعل بائعات الخبز يتعرضن للتحرش أياً كان عمرهن أو أشكالهن، والناجيات من التحرش هن فقط من تظهر عليهن علامات التقدم في السن.