باستهداف بناء سكني بمنطقة كفرسوسة في العاصمة دمشق، نفّذ الكيان الإسرائيلي عدوانه الثاني على سوريا خلال عام 2023، ووفق تحليلات نشرتها وسائل إعلام عبرية فإن هذا العدوان يختلف عن غيره من الاعتداءات ويُنذر بالانتقال إلى مرحلة تصعيدية في سوريا، باعتباره استهدف بناءً سكنياً في العاصمة وجاء بعد نحو 15 يوماً من الزلزال الذي ضرب الشمال السوري.
بعض التحليلات العبرية لفتت إلى أن الدولة السورية وحلفاءها سيركزون أكثر على الاعتداءات “الإسرائيلية”، لتعلن وسائل إعلام إيرانية بعد أيام نيّة إيران تزويد سوريا بنظام “خرداد 15” للدفاع الجوي، الذي وصفته صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أنه يعتبر تحسيناً لنظام الدفاع الجوي الروسي “إس300″، مؤكدة أن “هذه الخطوة الإيرانية لها تداعيات على دور روسيا في سوريا، وربما على دور تركيا والولايات المتحدة، وكذلك على سياسة إسرائيل إزاء سوريا”.
كما يبدو أن التصعيد الذي لحق بالغارة “الإسرائيلية” الأخيرة، دفع المختصون والخبراء “الإسرائيليون” إلى البحث بجدوى “سياسة الغارات الإسرائيلية المتكررة على سوريا”، وفي هذا الصدد لفتت الباحثة في معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب “عيدان كدوري” إلى أنه قد يترتب على هذه “الاستراتيجية” ثمن يفوق “المنفعة الإسرائيلية”، موضحة أن “هذه الاستراتيجية تواجه الآن في شكلها الحالي تحدياً يتمثل بمعادلة رد الفعل الإيراني ضد القوات الأمريكية في المنطقة، وعدم القدرة على تعطيل جهود تعزيز إيران على الأراضي السورية، بل أسفرت عن توطيد العلاقات بين روسيا وإيران، وتعزيز هذا المحور، وتعميق التواجد الإيراني في سوريا، مما يتطلب فحصاً وصياغة استراتيجية مناسبة”.
ونوّهت “كدوري” في دراستها إلى أن هذه الاستهدافات “الإسرائيلية” يقابلها رد يستهدف القواعد الأمريكية في سوريا، مشيرة إلى أن “استهدافات القوات الأمريكية في سوريا توضح الثمن الذي تدفعه الولايات المتحدة، وقد يؤدي لتقليص مشاركتها لدرجة الانسحاب من سوريا خلافاً للمصالح الإسرائيلية، ولعل استمرار الهجمات يثير التساؤلات عن استمرار الدعم الأمريكي للحملة الإسرائيلية الهادفة لتقليص نطاق الجيش الإيراني في سوريا”.
وأشارت “كدوري” في دراستها إلى أن “المطلوب الآن بعد مرور عقد كامل على اتباع هذه الاستراتيجية هو إعادة التفكير في أهداف الجيش الإسرائيلي في إطار صياغة استراتيجية واسعة ومحدثة تجاه الساحة السورية، وبلغة الأرقام فقد شهدت سنوات 2018-2019 وقوع 18- 22 هجوماً سنوياً، مقارنة بما حدث بين عامي 2020-2022، حيث شهدت هذه المدة 36-32 هجوماً سنوياً أي بمعدل 3 غارات شهرياً”.
وخلصت “الباحثة الإسرائيلية” إلى أن “الاستنتاجات الإسرائيلية” تدل على أن استراتيجية المعركة بين الحروب تظهر أنها غير فعالة بما يكفي للتعامل مع الاتجاهات الجديدة والاستراتيجية الإيرانية الشاملة وطويلة الأمد، مما يتطلب من “الجيش الإسرائيلي” إعادة صياغة استراتيجية مناسبة، وإعادة التفكير بأهداف القوة الجوية وحدودها، وفحص أهداف الهجوم في سوريا، وفي الوقت نفسه تقليص الهجمات على الأهداف المدنية كالمطارات والبنى التحتية، مقابل إمكانية تعزيز العمل السري فيها.
وتتزامن هذه الدراسة “الإسرائيلية” التي تدعو إلى البحث في “السياسة الإسرائيلية” تجاه سوريا مع توترات داخلية يشهدها الكيان الإسرائيلي، والتي باتت تُنذر بنشوب حرب أهلية، وفقاً لما يؤكده مسؤولون “إسرائيليون”، إلى جانب التوترات التي تشهدها العلاقات “الروسية- الإسرائيلية” بسبب موقف الكيان الإسرائيلي من الحرب الأوكرانية.