أثر برس

بعد أن أصبح ثمنها يعادل راتب شهر ونصف.. سوريون يلجؤون لحرامات “البالة”

by Athr Press B

خاص|| أثر “للأمانة أسعارها مقبولة مقارنة بمحلات أخرى” هكذا وصفت الشابة رحاب أسعار الحرامات الشتوية (البطانيات) في أحد مولات دمشق التي تقدم حالياً عروضاً تشجيعية في قسم بيع الحرامات على الرغم من أنه موسم بيعها في مثل هذه المدة من السنة، فبين 350 ألفاً و850 ألف ل.س بعد التخفيضات يتراوح سعر الحرام وفق وزنه من 4 إلى 8 كيلوغرامات ومساحته مفرد أو مزوج.

تتابع رحاب لـ”أثر” وهي تتسوق بالمول بحسرة: “الأسعار نوعاً ما مناسبة ولكن تكلفة التاكسي للمجيء إلى المول أو المحل الذي يقدم عروضاً ستكون هي فرق السعر كما أن الأسعار لا تزال مرتفعة مقارنة مع أجور الموظفين حتى في القطاع الخاص”، مشيرة إلى أنها جاءت إلى المول صدفة ولفت نظرها أسعار بيع البطانيات وعروض التخفيضات لأنها في محلات أخرى لا يقل سعرها عن 800 ألف وحتى المليون ليرة وبنوعيات مختلفة.

أما معتز (موظف البيع في إحدى المحلات) يقول لـ “أثر”: “مع موسم الشتاء يزداد الإقبال على شراء الحرامات الصوفية أو الشراشف من نوع الديكرون وهو ما يتميز بخفة الوزن ويعطي دفئاً كبيراً وهو مصنوع من خيوط صناعية ولكنها كغيرها من السلع طالها الغلاء”، معتبراً أن الحرامات سلعة مستدامة تستهلك على مدى سنوات عدة ويجب أن يشتري الشخص النوع الأفضل.

وأضاف: “معظم الذين يدخلون إلى المحل من الأشخاص الذين يشترون أغراض منزل جديد أو من المتزوجين حديثاً ويكتفون بالسؤال عن السعر مع ابتسامة تعبر عن عدم الرضا بالسعر ومنهم من يفضل متابعة الحديث عن الأنواع والألوان لينتقل إلى المفاصلة بالسعر آملاً بتخفيض يسمى حبة سكة”.

“وإلنا شو قلت.. آخر كلمة خلينا نقسم الربح بالنص.. الله يعوضك وطلع الفرق ببيعة حرام ثاني.. أنا موظف وثمن الحرام يعني راتبي لشهرين أو لشهر ونصف”، يقول معتز هذه العبارات نسمعها يومياً من زوار المحل وكلنا أمل أن نجد زبوناً يشتري فالطلب قليل على الرغم من أننا بعز الموسم والسبب ارتفاع الأسعار.

لا تعلم عليا شيئاً عن أسعار الحرامات فمنذ زمن لم تشترِ بحسب تعبيرها لـ”أثر” لكن سمعت من زوجة عمها أن سعر لحاف الديكرون الصغير قارب الـ150 ألف ليرة سورية، مستذكرة أنها أهدت والدتها بعيد الأم منذ ما بزيد على 15 عاماً بطانية من النوع الثقيل جداً لم يتجاوز سعرها الخمسة آلاف أما الآن أفضل هدية هي مبلغ مالي لأن الاحتياجات أصبحت كثيرة.

“معقول نشتري البطانيات من البالة” تتساءل مروة، مضيفة لـ “أثر”: “كنت أشتري كل عامين طقم حرامات صيفية أو شتوية فأنا أحب التغيير في أشياء المنزل وأتابع الألوان والتصاميم بشغف أما الآن تغير كل شيء وأصبح غالياً وشراء حرام جديد من الكماليات بالفعل سألت إحدى جاراتي إن كانت تباع في محال البالة بطانيات أو شراشف جيدة فالأكيد أنها بنوعية جيدة وأخذها إلى المصبغة يحل مشكلة وجود بقع أو تنظيفها بشكل جيد”.

وبإعجاب تقول أم دعاء إنه توجد في إحدى بالات منطقة “الإطفائية” بدمشق شراشف وحرامات متنوعة ويوجد شرشف شتوي نوع ديكرون شبه الجديد بـ300 ألف ليرة ويعتبر مناسباً لنوعيته وحجمه ولكن لم تحمل ما يكفي من النقود، بحسب تعبيرها.

وتقول أم أنس بلهجتها العامية البسيطة: “الله يخليلنا بطانيات المعونة ذات اللون الرمادي الغامق نوعية عالية وتدفي متل الصوبيا”، مستذكرة أنها في منزلها الذي هجرته من عام 2012 بسبب الحرب في سوريا كانت تحتفظ بإحدى الغرف بعدد كبير من فرش النوم والحرامات الصيفية والشتوية والبطانيات بأنواع ثقيلة معظمها من دول الخليج أو من مصانع حلب وكانت تشتريها بشغف وغالبيتها لم تستعمل بل جديدة وبقيت بكيسها أو كرتونتها، كما تضيف بصوت حزين: “لا أعلم مصيرها مع بيتي الذي فقدته “.

وتلفت الجدة أم عمار إلى أن أبناءها السبعة ذكوراً وإناثاً عندما تزوجوا أهدتهم حرامات صيفية من التي كانت تحتفظ بها فهو تقليد أن تُخرج العروس في جهازها حرام صيفي وآخر شتوي، متابعة: “كان أقل بيت يحتفظ بالعشرات من الحرامات والأغطية لاستعمال البيت أو للضيوف وغير ذلك أما اليوم الأغطية على عدد أفراد الأسرة وغالية الثمن”.

بالعودة إلى أسعار الحرامات الشتوية التي تعرف بالبطانيات، يقول كثير من الذين تحدثوا لـ “أثر” ومعظمهم من النساء إن أسعارها ارتفعت كباقي المواد وشراء قطعه جديدة منها أصبح من الكماليات فهناك أمور كثيرة لها الأولويات، وفق غادة مضيفة: “أسعارها ارتفعت بسبب ارتفاع سعر المازوت لتشغيل المعمل وأجرة العمال والنقل والمواد فمتر خيط الصوف ارتفع وإذا باع التاجر على السعر القديم سيواجه مشكلة في تأمين سعر البضاعة الجديدة فالأسعار ترتفع يومياً وهذا الكلام ليس من عندي (تقولها ضاحكة) هو كلام أو محاضرة يومية من أصحاب المحال عند سؤالهم عن الأسعار المرتفعة والكل أصبح محلل اقتصادي”.

“والله مابتوفي معي” يقولها محمد لإحدى زبونات محله بسوق الحريقة بدمشق التي طلبت أن “يراعيها” أي يخفض لها بالسعر ليعود ويجدد كلامه مدعوماً بالحلفان والقسم إن البضاعة غالية من أرض المعمل وهو يبيع حرامات بنوعية وجودة عالية.

“بين كر وفر وجدال في إمكانية إنقاص السعر يربح الزبون أحياناً وأحياناً لا ويبقى العرض والطلب سيد الموقف وبين البائع والشاري يفتح الله” يقولها أبو عمر صاحب محل بيع حرامات وبياضات بسوق الحميدية، مؤكداً لـ “أثر” أنه لن يبيع بخسارة على الرغم من قلة الشراء والسوق مواسم والرزق مكتوب.

اقرأ أيضاً