خاص|| أثر برس أثار ارتفاع أسعار جميع المواد وعلى رأسها مادة السكر استياء سكان العاصمة دمشق وريفها ولربما كل المحافظات، على الرغم من التأكيدات الحكومية على محاولة الحد من ازدياد سعره، بعدما شهدت الأسواق أجواء من الانفلات السعري، حتى أصبحت ميزانية الأسرة غير قادرة على شراء الضروريات.
ثبات في الأجور، يرافقه ارتفاع في الأسعار يخضع لمعادلة البيع والشراء ولمزاج التاجر ومن ثم البائع، فهناك أشياء وحاجيات ضرورية ويومية لابد من استهلاكها -على سبيل المثال لا الحصر- مادة السكر التي باتت حديث الشارع السوري، فسعر الكيلو غرام الواحد منها يصل في بعض مناطق دمشق وريفها إلى 9000 ليرة، ويتساءل الأهالي: أين قانون حماية المستهلك الذي أضحى يستهلك “بالقطارة”؟
عبدالله (موظف)، يقول لـ”أثر”: “لديّ أطفال في المدارس، وكل يوم يطلبون الشاي مع فطورهم قبل ذهابهم للمدرسة، لكن بسبب ارتفاع سعر كيلو السكر بتنا نتناسى “الشاي” وهم حالياً محرومون منه لأنه يشكّل أعباء مادية إضافية، في خضم المتطلبات الكثيرة والاحتياجات المتعددة (وهذا حال الكثيرين)”.
أم علاء (ربة منزل) تؤكد أنها توقفت عن صناعة الحلويات في المنزل جراء ارتفاع تكلفة كل المواد ومنها السكر، في ظل تفاقم الأسعار، ناهيك أن ارتفاع سعر السكر أثّر طرداً على أسعار المنتجات التي يدخل في صناعتها كالحلويات والبسكويت والكيك والبوظة وغيرها القائمة تطول”.
وتتابع أم علاء: “الأسعار تحولت إلى مزاد بين تجار الجملة والمفرق على حد سواء، إضافة إلى الفوارق بين محل وآخر، ومنطقة وأخرى، كما أن المشكلة لم تقتصر على تحليق الأسعار، بل رافقه تفشٍّ أكثر لحالات الغش والفلتان في السعر والمواصفة والجودة”.
وفي جولة لمراسلة “أثر” على بعض المحال في جرمانا، المليحة، كشكول بريف دمشق، تضاربت أسعار العديد من المواد ما بين محل وآخر، فمثلاً كيلو السكر وصل إلى 8500 ليرة، فيما محل بجانبه يبيع الكيلو بـ 8300 ليرة، ولم نبتعد كثيراً حتى وجدناه بمحل آخر وسعره 8800 ليرة.
بالمقابل هناك محال في دمشق (الميدان وكفرسوسة) تبيع بـ 7800 – 8000 ليرة، وتتغير الأسعار من مكان لآخر، ليصل سعر الكيلو إلى 9000 ليرة في مناطق متفرقة من دمشق، في ظل حالة من التهكّم تسيطر على الأشخاص من عدم ضبط الأسعار التي باتت مستفحلة، وغياب الإجراءات الفعلية وسط ترقب منتظر للتدخل من الجهات المعنية.
مديرية الأسعار: السكر قليل لضعف الاستيراد:
أكد مدير الأسعار في وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك نضال مقصود لـ”أثر” أن أسعار المواد تخضع في تداولها إلى دراسة الكلفة، وتحديد الأسعار، وعليه يتقدم مستوردو ومنتجو مادة السكر ببيانات تكلفة استيرادها أو إنتاجها ليصار إلى دراستها وتدقيقها واعتماد التسعيرة من قبل لجنة التسعير المركزية المشكلة بموجب المرسوم رقم 8 لعام 2021، ويتم تحديد السعر وفق التكلفة الحقيقية الفعلية، فكانت آخر تسعيرة للسكر 7 آلاف ليرة (دوغما).
وبين أن مادة السكر تنخفض كمياتها تدريجياً من الأسواق بالتزامن مع ارتفاع سعر الكيلو الواحد من 7000 ليرة إلى 8500 – 9000 ليرة حسب المناطق، مؤكداً أن الكميات قليلة، وهناك ضعف في الاستيراد بسبب الارتفاع العالمي للمادة، لافتاً إلى أن دور مديرية الأسعار ينتهي بتحديد الأسعار فقط، ليأتي دور مديريات التموين بالمتابعة والكشف عن أي مخالفة وضبطها، مطالباً بالإبلاغ عن أي تجاوز في الأسعار، والتواصل مع الوزارة عبر مكتب الشكاوى أو المنصة، أو من خلال مديريات التموين.
– ما علاقة الشوندر السكري؟
قبل أشهر، تمت الموافقة على رفع سعر شراء محصول الشوندر السكري من المزارعين، إلى 400 ليرة للكيلو غرام بعد احتساب التكلفة النهائية للمنتج بالسعر الرائج، ويعود ذلك إلى تخفيف فاتورة استيراد السكر، وتغطية الاستهلاك المحلي، وتشجيع الفلاحين على زراعة أراضيهم، وبالتالي الحصول على أكبر كمية من الإنتاج المسلم إلى مؤسسات الدولة.
إلا أن ذلك لم يُهدّئ من روع المزارعين جراء خسائرهم، وتراجع إنتاج الشوندر السكري (البنجر)، لأن السعر السابق لم يزد عن 17 ليرة للكيلو، وجرى رفع الأسعار تدريجياً إلى 175 ومن ثم إلى 250 ليرة، ليصل إلى السعر المعلن عنه أعلاه، ولكن بقيّ السعر أقل من تكاليف الإنتاج الزراعية، ما جعل زراعة الشوندر بلا جدوى، إذ أن الفلاحين أحجموا عن زراعته، رغم بعض التسهيلات المقدمة، إلا أنها غير مشجعة، خاصة بواقع محدودية المياه وارتفاع تكاليف السقاية بسبب ارتفاع أسعار المحروقات.
– تموين دمشق يراقب!
بدوره، أكد مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك في دمشق تمام العقدة لـ”أثر” أنه تم تكثيف دوريات الرقابة للتحقق من وجود الفواتير في ظل تذبذب بنود الكلفة وسعر الصرف، بسبب خضوعها لسعر الصرف العالمي، كما أن الدوريات تنفذ جولاتها للتأكد من عدم احتكار مادة السكر، وتسجيل ضبط مخالفة بحق المخالف، حيث يمكن إعلام المديرية عن أي شكوى على الرقم 119.
– تموين ريف دمشق يراقب أيضاً!
الأمر نفسه أكده مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بريف دمشق نائل إسمندر لـ”أثر” مبيناً أن عناصر حماية المستهلك كثفت دورياتها في الأسواق والمعامل الموجودة في ريف دمشق، واستطاعت أن تكشف العديد من المخالفات سواء على صعيد المتاجرة بالمواد المدعومة أم مخالفات الأسعار والمواصفات، إضافة لمخالفات الغش بصناعة المواد والسلع بقصد المتاجرة وتحقيق الأرباح قبل وصولها إلى الأسواق، ويتم العمل على محاسبة الجهات التي تتغاضى عن مخالفات البيع بأسعار زائدة عن السعر المحدد في نشرات التموين.
– سكر السورية للتجارة بـ1000:
أما مدير السورية للتجارة بريف دمشق باسل الطحان فبين لـ”أثر” أن سعر كيلو السكر في صالات السورية ثابت ومحدد بـ 1000 ليرة سورية على البطاقة الذكية (مدعوم)، وخارج البطاقة بـ 4600 ليرة، وهذه التسعيرة محددة من قبل وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك، وأي مخالفة بهذا الشأن يتم محاسبة الفاعل، مشدداً على أن أي تجاوز يحتّم على الأشخاص التعاون والإبلاغ عن أي تقاضي بسعر زائد، كما أعلن عن رقم خاص لذلك بالاتصال أو عبر الواتس آب وهو 0933308059، أو على الرقم الأراضي بريف دمشق 662780.
– ضبوط كثيرة.. والحل؟
طالب عدد من الأهالي ممن التقاهم “أثر برس” بإيجاد مخارج لحل المشكلة بالرجوع إلى مواد قانون التموين والتسعير، وهذا يتطلب التنسيق للتخفيف من التمادي في ارتكاب المخالفات، واتباع الطرق القانونية لحماية المستهلك، بيد أنه ورغم حجم الضبوط المسطرة، ما زال كثيرون لا يلتزمون، لعدم جدوى العقوبات المفروضة عليهم، ما يؤدي إلى استياء شعبي كبير.
لينا شلهوب – دمشق وريفها