خاص|| أثر برس بمجرد تلويح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بأنه ينتظر خطوة جديّة من السويد وفنلندا للتوقيع على قرار ضمهما إلى حلف “الناتو” أعلنت الخارجية السويدية، عن رغبتها بالتقرب من أنقرة، وأنها لم تعد تدعم “الأحزاب الكردية” في الشمال السوري.
تصريح وزير الخارجية السويدي توبياس بيلستروم، جاء بعد أربعة أشهر من الإعلان عن موافقة تركيا انضمام الدولتين الإسكندنافيتين (السويد وفنلندا) في حال تم تنفيذ شروط تركيا وعلى رأس هذه الشروط كان وقف دعم “الأحزاب الكردية” في سوريا ودعم المشروع التركي بإنشاء “منطقة آمنة” على الحدود السورية- التركية، وفي ظل غياب أي إعلان رسمي من قبل السويد وفنلندا بهذا الخصوص.
وقبل حوالي أسبوع أعاد أردوغان التشديد على شروطه أثناء لقاء جمعه مع الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ، حيث قال: “نسق وتوقيت مسار المصادقة سيتحددان بالخطوات التي لا يزال يتعين على الدولتين اتخاذها” ليقول ستولنبرغ، في بيان له في اليوم ذاته: “نرحّب بالخطوات المهمة والملموسة التي اتخذتها الدولتان لوضع المذكرة موضع التنفيذ” مؤكداً أن عضويتهما ستقوّي “الناتو”.
تصريح الخارجية السويدية جاء بعد أيام من تصريح أردوغان، وقبل أيام من زيارة سيقوم بها رئيس الوزراء السويدي الجديد أولف كريسترسون، إلى أنقرة الأسبوع المقبل لمناقشة مشكلة عضوية بلاده في الناتو، وبحسب صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية “استبعد مسؤولون مطلعون على المناقشات أن يتخلى الرئيس رجب طيب أردوغان، عن مطالبه أمام ستوكهولم، على الأقل حتى الانتخابات العامة في تركيا”.
الإعلان السويدي، جاء بعد رحلة طويلة من الدعم الذي تلقته الأحزاب الكردية شمالي شرق سوريا من السويد، تمثّل بزيارات علنية لوفود سويدية إلى شمال شرق سوريا، وصولاً إلى الكشف عن مشروع أمريكي برعاية سويدية، يهدف إلى توسيع “مجلس سوريا الديمقراطية- مسد”، حيث كشفت صحيفة “الأخبار” اللبنانية في نيسان 2022 عن اجتماع عُقد في العاصمة السويدية ستوكهولم، وبحضور أعضاء من “مجلس سوريا الديمقراطية-مسد”، مشيرة إلى أن الاجتماع شكّل نقطة بداية في مشروع توسيع “مسد”، وتحويله إلى منصّة جامعة لشخصيات وكيانات سياسية معارِضة.
الإعلان عن توقيف الدعم جاء على مراحل:
يعمد الرئيس التركي منذ أيار الفائت إلى عرقلة عودة السويد وفنلندا إلى “الناتو”، مشترطاً وقف التعامل مع “الأحزاب الكردية” مقابل التوقيع على قرار الضم، لتبدأ حينها السويد بإعادة التفكير بمخطط دعم هذه الأحزاب، حيث نفت حينها الخارجية السويدية المزاعم التركية، مؤكدة أن تعاملاتها في مناطق شمال شرقي سوريا محصورة بالمنظمات الدولية.
وفي تموز الفائت عندما تم الإعلان عن قبول تركيا بانضمام “السويد وفنلندا” نقلت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مسؤول أمريكي كان مطلعاً على المداولات الخاصة بين تركيا والسويد وفنلندا، قوله: “بايدن نقل جوهر حديثه مع أردوغان إلى قادة فنلندا والسويد”، مضيفاً أن “الصفقة بين تركيا ودولتي الشمال الأوروبي تضمنت سلسلة من التنازلات من الجانبين” دون الحديث عن تفاصيل هذه التنازلات، وأشارت حينها صحيفة “موسكوفسكي كومسوموليتس” الروسية إلى أنه “منذ بداية الصراع في أوكرانيا، نما وزن تركيا الجيوسياسي بشكل كبير، وقد سهل ذلك الدور المركزي لهذا البلد في منطقة البحر الأسود ومحاولات الحفاظ على العلاقات مع كل من موسكو وكييف، بالإضافة إلى تقديم أنقرة نفسها وسيطاً”.
لماذا أعلنت السويد عن قرارها الآن؟
تؤكد المعلومات والتسريبات الصحفية، أن إعلان السويد جاء بضغط من قبل “الناتو” الذي بات يستشعر ضرورة اتخاذ خطوة ضد روسيا في معركة أوكرانيا، ليوجه رسالة للمجتمع الدولي أنه لا يزال في منطقة القوّة، في ظل التحالفات الدولية والإجراءات العسكرية التي أقدمت عليها روسيا مؤخراً، حيث أفادت صحيفة “فورين بوليسي” الأمريكية بأن: “خلف الكواليس، يشعر الدبلوماسيون الأمريكيون والأوروبيون بالإحباط بشكل متزايد مما يرون أنه عناد تركي بشأن قضية كان ينبغي حلها قبل أشهر، لا سيما خلال لحظة خطيرة في الأمن الأوروبي مع احتدام الحرب في أوكرانيا”، مضيفة أن “إطالة أردوغان في العملية يستنفد صبر الغرب، وبالأخص الأمين العام لحلف الناتو ينس ستولتنبرغ” مشيرة إلى أن “برودة أنقرة تجاه توسع حلف شمال الأطلسي في الشمال ترتبط بالتأثير الاقتصادي لموسكو”، الأمر ذاته الذي أكدته “نيزافيستيا غازيتا” الروسية التي أكدت أن “الناتو يمارس ضغوطاً على حكومة السويد، داعياً إياها إلى الانصياع لطلبات تركيا لقبول انضمامها إلى الحلف”.
تشير التقديرات إلى أن أردوغان، أقدم مؤخراً على العديد من الخطوات التي أقلقت دول “الناتو” وذلك عبر التقارب الذي أبداه من خصومه المتمثلين بروسيا وإيران والصين، إلى جانب الحديث عن نيّته بالتقارب مع سوريا، والتي يبدو أنها كانت أحد عوامل الضغط بدليل أن أنقرة لم تقدم على أي خطوة جديّة بخصوص هذا التقارب.
زهراء سرحان