أثر برس

بعد سوريا.. اتفاق تعاون استراتيجي بين الصين ودول الخليج.. النشاط الاقتصادي الصيني ينسحب إلى السياسة

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس تستمر الصين بنشاطها الاقتصادي في الشرق الأوسط، وذلك انطلاقاً من توقيع مبادرة “الحزام والطريق” التي انضمت إليها سوريا مؤخراً، ويبدو أن هذا النشاط ينسحب أيضاً إلى الجانب السياسي، حيث باتت المواقف السياسية الصينية في الشرق الأوسط أكثر حضوراً وسط الحديث عن مخاوف أمريكية وغربية من هذا التحول.

منذ بداية عام 2021 فجّرت الصين قنبلة اقتصادية في الشرق الأوسط، من خلال توقيعها لاتفاقية تعاون مع إيران “العدو اللدود للولايات المتحدة الأمريكية” لمدة 25 عاماً وبكلفة 400 مليار دولار، تسببت بقلق واشنطن حيث قالت حينها المتحدثة باسم البيت الأبيض جين ساكي تعليقاً على هذه الاتفاقية: “سننظر ما إذا كانت هناكَ عقوباتٌ يمكن تطبيقَها بعد الشراكةِ بين الصين وإيران”.

النشاط الصيني في الشرق الأوسط لم يتوقف عند هذه الاتفاقية، بل عملت الصين على تفعيل مبادرة “الحزام والطريق” وكان لسوريا نصيب منها ومن النشاط الاقتصادي الصيني بشكل عام، فعندما فاز الرئيس بشار الأسد بالانتخابات الرئاسية، أرسل له نظيره الصيني شي جين بينغ، برقية تهنئة وصفتها حينها المستشارة الإعلامية والسياسية للرئاسة السورية بثينة شعبان، بأنها برقية عمل، الأمر الذي بدى واضحاً بزيارة وزير الخارجية الصيني وانغ يي، إلى دمشق يوم إدلاء الرئيس الأسد بالقَسَم الرئاسي، وتم خلال الزيارة الاتفاق على عقد مشاريع اقتصادية إلى جانب مبادرة “الحزام والطريق”.

من البديهي أن الصين لن تكتفي بمشروع يربط العديد من الدول مع بعضها، بل ستعمل على تمكين ذاتها أكثر في المنطقة اقتصادياً وسياسياً لتحمي مسيرتها نحو الشرق، الأمر الذي برز بزيارة خليجية رفيعة المستوى إلى بكين، حيث أعلنت الخارجية الصينية أن بكين ووزراء خارجية السعودية والكويت وعُمان والبحرين، حيث جاء في بيان حول الاجتماع بين وزير الخارجية الصيني وانغ يي والأمين العام لمجلس التعاون الخليجي نايف فلاح مبارك الحجرف، أن “الجانبين يعتقدان أن الظروف مواتية لتأسيس اتفاقية شراكة استراتيجية بين الصين والكتلة وأن بكين تتطلع إلى تقاسم الفرص من سوقها الضخم مع الخليج”، حيث علّق الباحث الرئيسي بـ “معهد الشرق الأوسط” في جامعة سنغافورة الوطنية أليساندرو أردوينو، على هذه الزيارة بتأكيده على أن الصين تسعى إلى تعزيز تعاونها التجاري والأمني مع دول الخليج قائلاً: “الدوافع الرئيسية للسياسة الصينية تجاه دول الخليج لا تنحصر في استغلال موارد الطاقة فقط، فالزيارة الخليجية الأخيرة لبكين تعد خطوة نحو شراكة استراتيجية شاملة بين بكين ودول مجلس التعاون الخليجي من أجل تعزيز الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط”.

وبدوره أشار كارين يونج، مدير برنامج الاقتصاد والطاقة بـ “معهد الشرق الأوسط” إلى أن الزيارة تأتي بمبادرة من بكين، حيث قال: “التحدي الذي يواجه الصين حالياً يتمثل في توسيع علاقاتها خارج احتياجات الطاقة من أجل تحمل الضغط خلال أي توترات جيوسياسية مستقبلية”.

التطورات التي طرأت على سياسات الولايات المتحدة -التي تعرب عن قلقها من هذا الحضور الصيني- كان لها دور كبير في وعي دول المنطقة إلى ضرورة إيجاد بديل أو حتى شريك لواشنطن في تحالفاتها الخارجية، حيث نشرت صحيفة “SCMP” الصينية مقالاً جاء فيه: “على الرغم من أن الولايات المتحدة كانت لفترة طويلة القوة الأجنبية المهيمنة في المنطقة ، إلا أن تحقيق الاكتفاء الذاتي من الطاقة والانسحاب من الصراعات العسكرية منح الصين مساحة لزيادة مشاركتها، وسط جهود واشنطن لعزل الصين، يعد الشرق الأوسط مكاناً طبيعياً لتتحول إليه بكين، وهي الآن أكبر شريك تجاري في المنطقة ومشتري للطاقة، وقد أقيمت شراكات استراتيجية شاملة مع السعودية ومصر والإمارات”.

وما يحمي هذا النشاط الاقتصاد الصيني ليس فقط توسيعه، بل يشير محللون إلى أنه لحماية المشروع الصيني لا بد أن يكون لبكين أيضاً ثِقل سياسي في المنطقة، وبحسب تحليل نشره زميل باحث في “المعهد الألماني للدراسات العالمية والمناطقية” محمد باقر فروغ، فإن: “الاجتماعات الخليجية الصينية في بكين يمكن النظر إليها من خلال عدة نقاط؛ فالصين تجهز دول الخليج لتطورات الصفقة النووية الإيرانية، لافتاً إلى أنه من المرجح إحياء الاتفاق النووي قريباً”.

هذا التحليل ينسجم  مع ما تصريح وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، يوم الجمعة الفائت لنظيره الإيراني حيث قال: “إن الولايات المتحدة يجب أن تتحمل المسؤولية الرئيسية عن الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، والولايات المتحدة يجب أن تصحح خطأها” وذلك وفقاً لبيان نشرته الخارجية الصينية.

ثمة عوامل متعددة خلقت فرصة هامة استغلتها الصين، وهي انشغال الولايات المتحدة بعدة جبهات مفتوحة، زاد عليها الضغوطات التي ألزمتها بالانسحاب من عدة قضايا أو تخفيف وجودها فيها، ما أثار قلق حلفائها العرب في المنطقة الذين باتوا يعون أن الاعتماد على واشنطن فقط اقتصادياً وسياسياً لا يحقق لها الأمان، الأمر الذي انعكس على مجمل التحالفات السياسية في المنطقة وزاد من قوة الأطراف المُعاقبة أمريكياً، مثل إيران والصين وسوريا وغيرهم.

زهراء سرحان

اقرأ أيضاً