قبل يوم واحد من انطلاق الجولة القادمة من محادثات أستانة، أعلنت روسيا عن استكمال تحضيراتها لهذه الجولة، وسط الحديث عن الملفات التي ستناقشها هذه الجولة، ووسط الحديث أيضاً عن تميّز هذه الجولة عن سابقاتها نتيجة عدة عوامل.
فبعدما أعلنت واشنطن في الجولة السابقة من محادثات أستانة عن رفضها للمشاركة فيها بصفة مراقب، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن أوساط روسية حديثها عن أن موسكو تلقت إشارات من واشنطن برغبة الأخيرة في المشاركة في هذه الجولة على مستوى السفير الأمريكي في نور سلطان، مشيرة إلى أن هذه المعطيات لم تحصل على تأكيدات، خصوصاً على خلفية احتدام السجالات الروسية –الأمريكية أخيراً حول ملف المساعدات الإنسانية، والوضع في شمال شرقي سوريا.
ويأتي الحديث عن احتمال مشاركة واشنطن بهذه الجولة في الوقت الذي تكثّف فيه الولايات المتحدة جهودها لحل قضية المعابر الإنسانية شمالي سوريا، وإقناع روسيا بعدم استخدام حق الفيتو لعرقلة قرار مجلس الأمن القاضي بفتح بتمديد قرار فتح هذه المعابر، حيث نقلت “الشرق الأوسط” عن مصادر دبلوماسية روسية أن موسكو تعمل على التوصل مع “إيران وتركيا” إلى صيغة جديدة لتفعيل دور مجموعة “أستانة” في موضوع المساعدات الدولية، وأن هذا المدخل يمكن أن يشكل حلاً مقبولاً، في حال تعاون الغرب مع موسكو في وضع آلية تعتمد على نشاط ضامني وقف النار.
ورأت المصادر أن مجموعة آستانة التي تنسق كل تحركاتها مع الحكومة السورية قادرة على لعب دور الوسيط الأساسي في هذا الاتجاه.
كما نقلت الصحيفة عن مصادر روسية أخرى تأكيدها على أنها لم تستبعد أن توافق موسكو على مواصلة تشغيل معبر باب الهوى، وهو المعبر الوحيد الذي يعمل حالياً، لإدخال المساعدات الإنسانية، لكن هذه المواقفة مرهونة بترتيبات مع الجانب التركي، وفي هذا السياق، سبق أن أشارت أوساط روسية إلى الزيارة التي قام بها وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إلى تركيا قبل أيام، حاول خلالها إيجاد حل وسط مع الجانب التركي حول ملف معبر باب الهوى الذي تعارض أنقرة إغلاقه.
من جهته، كتب المستشار لدى وزارة الخارجية الروسي رامي الشاعر في مقال أكد فيه أنه سيتم طرح ملف المعابر الإنسانية في جولة أستانة المقبلة، وقال: “الحل الممكن أمام الغرب، إذا ما كان حريصاً بالفعل على تحسين الوضع الإنساني للشعب السوري، هو التعاون مع مجموعة أستانة التي تنسق بدورها بشكل كامل مع حكومة دمشق لترتيب آليات إدخال المساعدات الإنسانية، وتوزيعها على المناطق السورية”، مرجحاً أن يطلق اجتماع أستانة “مبادرة جديدة بشأن المساعدات الإنسانية، تتمحور حول إعلان استعداد المجموعة لإيجاد الصيغ المناسبة لترتيب دخول المساعدات الإنسانية، بالتعاون مع دمشق، وهو ما ستتركز عليه أولويات الاجتماع المقبل، بالإضافة إلى الملفات المطروحة أساساً على أجندة اللقاء، مثل تثبيت الهدنة، ووضع آليات محددة لتنفيذ القرارات السابقة حول إدلب، بما فيها تكريس المنطقة منزوعة السلاح، وسحب أسلحة المقاتلين الثقيلة، وفتح الطرق الدولية، وتسوية أوضاع المقاتلين، ممن قاموا بتسليم أسلحتهم أو وعدوا بتسليمها، وضمان عدم تعرضهم لأي ملاحقات أمنية أو تضييقات”.
وحول موقف روسيا النهائي من قضية المعابر قال مستشار الخارجية الروسية: “موسكو ستستخدم بالتأكيد حق النقض في مجلس الأمن، إذا ما أصرت البلدان الغربية على تقديم مشروع القرار بالصيغة المعروضة حالياً والغرب، كما عهدناه دائماً، لا يقول كل الحقيقة، حينما يزعم أن المساعدات الإنسانية تمثل الحل للأزمة الحالية في سوريا، حيث إن المشكلة الحقيقية في سوريا إنما تكمن في الوضع المعيشي المتردي إلى حد العبث، وهو ما تسببت فيه العقوبات الغربية التي تحولت إلى عقاب جماعي للشعب السوري، ولا يبدو أن أياً من الدول الغربية يعنيها بأي حال من الأحوال تحسين أحوال الشعب السوري، والنظر بجدية إلى قضيته الإنسانية الحقيقية، وليس المناورات السياسية مع الحكومة السورية”.