أثر برس

بوتين أعلن عن رياح تغيير للمنطقة.. هل حُسم أمر السياسة التركية في سوريا؟

by Athr Press Z

خاص|| أثر برس قبيل انعقاد القمة الروسية-التركية في سوتشي أمس الجمعة، بين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان، والروسي فلاديمير بوتين، أصدر الطرفان تصريحان أشارا خلالهما إلى أننا أمام قمة مفصلية، حيث قال الرئيس بوتين: “سأبحث الوضع السوري مع نظيري التركي وما سيظهر من نتائج في هذه القمة ستحمل رياح تغيير إلى المنطقة”، ومن جانبه قال أردوغان: “اجتماعنا الثنائي مهم للغاية من حيث إبراز الدور الذي تلعبه تركيا وروسيا في المنطقة”، معرباً عن نيته بفتح صفحة جديدة في العلاقات الاقتصادية مع روسيا، لينتهي فيما بعد الاجتماع بينهما الذي استمر لأربع ساعات بإصدار بيان ختامي تخلو بنوده من أي تغيير.

أبرز ما تم التوصل إليه بالاجتماع كان مرتبطاً بالتعاون بين الجانبين في ملفات الطاقة والتجارة والاقتصاد، وسط تحليلات تؤكد أن كلا الجانبين يتطلعان لعقد صفقات في مجال الطاقة، أما بالنسبة للملف السوري فاقتصر البيان على صيغة تقليدية تتعلق بمحاربة “الإرهاب” والحفاظ على الاستقرار فيما أشارت التحليلات إلى أن بوتين لم يعط أردوغان ضوءاً أخضر لشن عمليته شمالي سوريا، وفقاً لما نقله موقع “المونيتور” الأمريكي، فيما نقلت صحيفة “تايمز أوف إسرائيل” عن محلل الشؤون الخارجية سولي أوزيل من جامعة قادر هاس في إسطنبول، قوله: “إن موسكو لن تعطي أنقرة الضوء الأخضر دون مقابل”.

الحديث عن مقابل تركي للإذن الروسي بشن عملية شمالي سوريا، موضوع اعتبره محللون أنه بات مستبعداً وذلك بالاستناد إلى السياسة الروسية، حيث أشار المحلل السياسي أسامة دنورة، في حديث مع “أثر” إلى أن روسيا لا يمكن أن تقايض الملف السوري بأي ملف آخر، لافتاً إلى أن “تحالفات روسيا تقوم على بناء الثقة على المدى الطويل لأن الروس وبصرف النظر عن الاعتبارات الثقافية والتاريخية هم بحاجة لتثبيت مثل هذه التحالفات على مستوى العالم وعدم التضحية بها لأنه من الصعب إيجاد بدائل لها في ظل السطوة الكبيرة للغرب على مستوى الشرق الأوسط والعالم فروسيا بحاجة لتحالفات دائمة وآمنة وبحاجة إلى أن تحافظ على متطلبات هذه التحالفات”.

عن أي رياح تغيير يتحدث بوتين؟
التركيز على ملفات الطاقة والاقتصاد في البيان الختامي للقمة الروسية-التركية مؤشر إلى أن رياح التغيير ستنطلق من هذه الملفات، وفي هذا الصدد، أوضح الصحافي السوري المختص في الشأن التركي سركيس قصارجيان، في حديث لـ “أثر” أن الوضع الداخلي التركي سياسياً واقتصادياً ووجود الانتخابات التركية المصيرية بالنسبة لأردوغان، يمنح حلفاء دمشق القدرة على تفعيل آليات وأوراق الضغط وبالتالي الحصول على “تنازلات” تركية، مشيراً في الوقت ذاته إلى أن لدى أنقرة أولويات جديدة في هذه المرحلة، كالمفاعلات النووية التي تبنيها روسيا في تركيا، وإمدادات الغاز الإيراني، لافتاً إلى أنه “في النهاية هذه أوراق تفاوض لذلك أعتقد بأن التغيرات التي ستحصل في الملف السوري ترتبط بشكل أو بآخر بالأزمة الاقتصادية التركية أو الحاجة التركية لشراكة اقتصادية سياسية مع أطراف سوتشي وأستانة أي روسيا وإيران من أجل الخروج من المأزق الدولي”.
الحديث عن حاجة تركيا لروسيا في هذه المرحلة، يقابله حديث يتعلق بحاجة روسيا لتركيا أيضاً في ظل العقوبات الغربية المفروضة عليها بعد حرب أوكرانيا، حيث أشار قصارجيان في هذا الصدد إلى أن “روسيا بحاجة تركيا وإيران بحاجة تركيا أيضاً، لكن الفارق بأن الحاجة التركية لروسيا وإيران هي حاجة مصيرية، وبمعنى آخر فإنه في حال تبدلت المواقف التركية وباتت عدائية لروسيا، فلن يكون هناك خطر مصيري على بوتين، وستقتصر التبعات على ضغوطات أكبر على روسيا، لكن في حال تحولت هذه العلاقة فإن المصير السياسي للرئيس أردوغان وحزبه هو على المحك”.

كيف تنعكس هذه الحقائق على سوريا؟
تصريح بوتين حول رياح تغيير المنطقة، يندرج ضمن قائمة التصريحات التي أثارت الجدل في الأوساط الإعلامية بخصوص الملف السوري من قبل بعض الأطراف الفاعلة فيها، وهي تصريح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، الذي تحدث عن نية إيرانية لتقريب وجهات النظر بين موسكو وطهران، وكذلك تصريح وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو، عندما أكد على استعداد بلاده لمساعدة سوريا سياسياً في مواجهة “الإرهاب”، وبحسب الخبراء فإنه من المبالغ به أن نتحدث عن انسحاب تركي من سوريا وعودة العلاقات التركية-السورية إلى طبيعتها، لكن وبحسب قصارجيان فإن تركيا اليوم تجد نفسها مضطرة لتغيير سياستها ومشاريعها وحتى خطابها، بدليل تصريحات أوغلو” مشيراً إلى أنه بالرغم من عدم واقعية هذا التصريح لكن نحن أمام تغير واضح في الخطاب التركي مرده الأزمة الداخلية في تركيا، منوّهاً إلى أن “موسكو وطهران تشيران لأنقرة إلى دمشق بهدف حل مشكلاتها ومخاوفها الأمنية وهو ما عناه تماماً وزير الخارجية الإيراني عندما تحدث عن مساعٍ لتخفيف التوتر بين أنقرة ودمشق بالتزامن مع هذه المساعي وإذا أخذنا بعين الاعتبار الشروط السورية من أجل الشروع في أي تقارب”، وبدوره أشار المحلل السياسي أسامة دنورة، أننا قد نكون أمام المزيد من التفاهمات والتسويات في سوريا، مضيفاً أنه “عندما يقال إن هناك رياح تغيير وتطورات ستؤثر على المنطقة فهذا يوحي بأن التركي سوف يضع تعهداته السابقة فيما يتعلق بالمجموعات الإرهابية موضع التنفيذ ولربما يمتد هذا الأمر نحو إيجاد خارطة طريق نحو إنهاء التورط التركي على الساحة السورية”.

زهراء سرحان 

اقرأ أيضاً