منذ أن أطلقت تركيا تهديداتها بتنفيذ عملية عسكرية برية في الشمال السوري، عقب التفجير الذي ضرب وسط إسطنبول، وحمّلت أنقرة مسؤوليته للوحدات الكردية، بدأت موسكو وواشنطن نشاطاً دبلوماسياً بهدف منع هذه العملية، مقابل إطلاق مبادرات تسعى لإرضاء الرئيس التركي رجب طيب أردوغان.
وكشف مصدر رسمي تركي أمس الجمعة، عن آخر العروض الروسيّة التي تقدمت بها موسكو إلى أنقرة خلال الأسبوعين الماضيين، قائلاً: إن “روسيا عرضت على تركيا انسحاب “قوات سوريا الديمقراطية– قسد” مع أسلحتها من منطقتَي عين العرب ومنبج بريف حلب مع الإبقاء على “الأسايش” (القوى الأمنية التابعة لقسد) بعد دمجمها بالقوى الأمنية التابعة للدولة السورية”، بحسب ما نقلته قناة “الجزيرة”.
في المقابل، كان من اللافت الزيارة التي أجراها الدبلوماسي السابق جيمس جيفري إلى العاصمة التركية مطّلع هذا الأسبوع، والتقى خلالها وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، وهو المبعوث الخاص للرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى سوريا، والمنسّق الرئاسي لدى “التحالف الدولي”، كما يُعرف عنه تأييده للعلاقات المميزة مع تركيا.
وعلى الرغم من أن وسائل إعلام المعارضة، ذكرت أن التصريحات التركيّة عُقب زيارة جيفري لم تكن مشجّعة، غير أنها كشفت أن “العرض الأمريكي المُقدم يدعو إلى فتح حوار بين تركيا و”قسد”، بما يشمل إبعاد الشخصيات القيادية في “حزب العمال الكردستاني” من مناطق الإدارة الذاتية، بالتوازي مع إطلاق محادثات تقود لتطبيع العلاقة بين المعارضة وقسد، تمهيداً لتشكيل جبهة موحدّة للمعارضة السوريّة في الشمال”.
وأوضحت في هذا الصدد، أن واشنطن ترغب ببناء الثقة بين جناحي شرق الفرات وغربه، من خلال فتح المعابر بين المنطقتين، وتوحيد السوق الاقتصادية فيهما، مع منح أنقرة كل الامتيازات الاقتصادية في المنطقة.
يرى أحد قياديي “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا أن “أنقرة وقعت في مواجهة مع كل من روسيا والولايات المتحدة الأمريكية وإيران وسوريا بسبب “قوات سوريا الديمقراطية– قسد”، وهذا الوضع الحساس ربما يؤثر تأثيراً كبيراً في الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التركية المزمع إجراؤها في 2023”.
وفي حديثٍ سابق إلى وكالة سبوتنيك الروسيّة، يوضح عضو هيئة القرار والتنفيذ المركزي لـ “حزب العدالة والتنمية” الحاكم في تركيا أورهان ميري أوغلو أن ”أنقرة تظن أن روسيا ستكون أكثر تفهماً من الولايات المتحدة بشأن حساسيات تركيا في شمالي سوريا”.
يشير محللون إلى أن العرض الروسي أكثر واقعية بالنسبة للأتراك، لأنه يوفر لهم نظرياً ضمان أمن الحدود من أي قصف أو هجمات أو اختراقات، وسيكون متضمناً موافقة دمشق، ما يتيح تحويل مناطق السيطرة التركية إلى مناطق آمنة نسبياً تكون جاذبة لعودة لاجئين سوريين من داخل تركيا إليها، وجسراً صلباً للبدء بتطبيع العلاقات مع دمشق بوساطة روسية، ما يسهم بزيادة رصيد “حزب العدالة والتنمية” بحملته الانتخابية، ويجرّد المعارضة التركيّة من تلك الورقة.
ومن الواضح أن المباحثات بين أنقرة وواشنطن وموسكو بشأن العملية العسكرية التركية المحتملة في شمالي سوريا لم تُسفر عن تفاهمات بعد لكنها مستمرة، في وقت تؤكد فيه أنقرة أنها أعطت مهلة زمنية محددة وغير قابلة للتمديد، للجانبين الأمريكي والروسي لإخراج “قوات سوريا الديمقراطية– قسد” من منبج وتل رفعت وعين العرب الواقعة شمالي سوريا، وأن البديل سيكون عملية عسكرية في مواجهة الوحدات الكردية.
أثر برس