خاص|| أثر برس أكّدت دراسة تحليلية أجراها “أثر برس” عن فقدان سوريا وسطياً نحو 75% من إجمالي كميات إنتاج القمح المقدرة خلال الفترة (2015- 2022)، فيما تم تسويق 25% من كميات الإنتاج إلى المراكز الحكومية، كما وخلصت الدراسة إلى وجود زيادة بكميات القمح المسوّقة هذا العام حتى تاريخ 25 حزيران 2023 والبالغة نحو (546.7 ألف طن)، مقارنة بإجمالي كميات القمح المسوّقة خلال الفترة ذاتها من العام 2022 والبالغة خلالها نحو (376.8 ألف طن)، وذلك بزيادة تقدر نسبتها بنحو 45 %.
بنسبة 65% من إجمالي الإنتاج.. حلب وحماة في الصدارة
تصدرت محافظتا حلب وحماة إنتاج البلاد من القمح، حيث جاءت حلب بالمرتبة الأولى من جهة كميات القمح المسوقة للمراكز الحكومية هذا العام، طبقاً للبيانات الرسمية الصادرة عن المؤسسة السورية للحبوب والتي حصل “أثر برس” على نسخة منها، حيث بلغ إجمالي الكميات التي استلمتها المؤسسة السورية للحبوب من المحافظة ما يقارب (183 ألف طن) وذلك بنسبة نمو بلغت (42.7%) مقارنة بإجمالي الكميات المسوقة في المحافظة العام الماضي والبالغة حينها (128.16 ألف طن).
بينما جاءت محافظة حماة بالمرتبة الثانية، حيث بلغت الكميات المسوقة للحكومة أكثر من (175.12 ألف طن)، وذلك بزيادة بلغت نحو (45.6%) مقارنة بالكميات المسوقة العام الماضي خلال الفترة ذاتها والتي سجلت حينها نحو (120.20 ألف طن).
وتعد محافظتا حلب وحماة من أهم المحافظات التي تشكل مصدراً رئيسياً للقمح وهما ركيزة السّلة الغذائية السورية ضمن المناطق الآمنة حالياً، حيث بلغ إلى الآن نسبة إنتاجهما من القمح المسوق للحكومة نحو 65% من إجمالي إنتاج المحافظات وذلك بنحو (358 ألف طن) لكليهما.
الحسكة تراجعت بنسبة 50% تقريباً: ما أسباب ذلك؟
أمّا بالنسبة لبقية المحافظات، جاءت محافظة حمص بالمرتبة الثالثة إذ بلغت الكميات المسوقة فيها أكثر من 51.53 ألف طن)، وذلك بزيادة بلغت نحو 47% مقارنة بالكميات المسوقة العام الماضي خلال الفترة ذاتها في المحافظة، والتي سجلت حينها أكثر من (35 ألف طن)، ثم تلتها محافظات درعا ودير الزور والرقة وإدلب وطرطوس ودمشق وريفها والحسكة واللاذقية والسويداء والقنيطرة بإجمالي يزيد عن (137.10 ألف طن).
ويلاحظ من خلال البيانات أنّ جميع المحافظات حصلت فيها نسبة نمو تسويقي هذا العام، باستثناء محافظة الحسكة حيث تراجعت الكميات التي تم تسويقها هذا العام بنسبة 49.6% تقريباً، حيث بلغت الكميات المسوقة إلى تاريخه 4907 طن مقابل 9735 طن خلال الفترة ذاتها من العام الماضي.
وفي هذا الإطار، وحول العوامل التي أدت إلى زيادة كميات الإنتاج المسوق هذا العام، أرجع رئيس اتحاد الفلاحين أحمد إبراهيم بحديثه مع “أثر” الأسباب الرئيسية لذلك إلى ارتفاع نسبة مساهمة المساحات المزروعة بعل في الإنتاج النهائي مقارنة بانعدام مساهمتها فعلياً العام الفائت والتي كانت تقارب الصفر في عام 2022 وذلك نتيجة عوامل مناخية وتتمثل بشكل أساسي في الهطولات المطرية الجيدة والتي توزعت بشكل منتظم على جميع المناطق المزروعة قمح في جميع المحافظات السورية ما انعكس إيجاباً على إنتاجية الهكتار الواحد، متوقعاً أن يصل إنتاج القمح هذا العام إلى رقم قياسي مقارنة بالعام الفائت، مشيراً إلى أنّ هناك مناطق بدأت فيها كميات التسويق تزداد خلال الأيام القليلة الماضية.
أمّا عن تراجع حجم الكميات المسوقة في الحسكة، أرجع رئيس اتحاد الفلاحين سبب ذلك لمنع عناصر “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” الجناح العسكري للإدارة الذاتية الكردية، الفلاحين من إيصال محاصيلهم من منطقة القامشلي إلى مراكز التسويق في محافظة الحسكة والتي تقع ضمن مناطق سيطرة الحكومة السورية.
الحرب والقمح: 75% من الإنتاج لم يدخل في حساب الحكومة
يعد محصول القمح من أهم المحاصيل الاستراتيجية في سوريا، وهو ركيزة أساسية للأمن الغذائي، وتتميز سوريا عن غيرها من الدول كونها موطن أساسي وطبيعي لزراعة أصناف عديدة من القمح القاسي والذي يغطي نسبة (60%) تقريباً من إجمالي المساحات المزروعة في البلادـ إلّا أنّه خلال فترة الحرب تأثرت إنتاجية البلاد من المحصول بشكل كبير، حيث بلغت كميات إنتاج البلاد في عام 2015 ما يقدر بنحو (2.44 مليون طن) تم تسويق (18%) منها وذلك بما يقارب (448 ألف طن).
وانخفضت كميات الإنتاج الإجمالية المقدرة في عام 2016 إلى (1.7 مليون طن)، تم تسويق منها (25%) وذلك بحجم (425 ألف طن)، وفي عام 2017 بلغ إجمالي الإنتاج المقدر نحو (1.85 مليون طن) تم تسويق (25%) منه وذلك بحجم (460 ألف طن)، أمّا في عام 2018 فقد تراجع الإنتاج الإجمالي بشكل كبير لينخفض إلى (1.22 مليون طن) بينما حافظت كميات التسويق على نسبتها بنحو (25%) وبلغ حجمها (306 ألف طن) من إجمالي الإنتاج.
كما وشهد إنتاج القمح في عام 2019 نمواً كبيراً، حيث تجاوزت كميات الإنتاج المقدرة في البلاد حينها (3.085 مليون طن)، تم تسويق (34%) منها وذلك بحجم (1.04 مليون طن)، ثم تراجعت بشكل ملحوظ في عام 2020 إلى (2.84 مليون طن) تم تسويق منها (25%) وذلك بحجم (7.6 ألف طن)، ثم استمر التراجع خلال العامين 2021 و2022 إلى (1.95 مليون طن)، و(1.7 مليون طن) لكل منهما على الترتيب، فيما بلغت نسبة التسويق في عام 2021 نحو (19%)، ثم ارتفعت في عام 2022 إلى (31%).
وعند مراجعة الفروقات بين كميات إنتاج القمح التقديرية الإجمالية في عموم البلاد والكميات المسوقة (تم تسليمها للحكومة) نجد أنّ هناك نسبة كبيرة من القمح المنتج محلياً لم يتم تسويقه إلى المراكز الحكومية حيث بلغ متوسط القمح المسوق (25%) خلال الفترة المذكورة، ويعود سبب ذلك، بحسب الخبراء، إلى عوامل عدّة أولها أنه هناك مساحات كبيرة مزروعة هي خارج سيطرة الدولة السورية وخاصة الموجودة منها في منطقة الجزيرة السورية، إضافة إلى وجود أسباب أخرى ترتبط بالمزارعين أنفسهم حيث يلجأ أغلبية المزارعين إلى تخزين نسبة من إنتاجهم الموسمي عن المراكز الحكومية وذلك بغرض تأمين قسم منهل للعيش كغذاء لأسرهم إضافة إلى توفير كميات بذار للمسوم المقبل لديهم.
كما ويلاحظ أنّه خلال الفترة (2015- 2022) طرأت تغيرات طرأت على إنتاج القمح في سوريا ويعود ذلك بشكل رئيسي بحسب الخبراء، إلى العوامل المناخية حيث تبلغ نسبة المساحة المزروعة بعل حوالي 52% من إجمالي المساحة المزروعة لذلك فإنّ تذبذب الإنتاج كان متأثراً بشكل رئيسي بالهطولات المطرية والعوامل المناخية بالإضافة إلى إصابة المحصول في بعض السنوات ببعض الحشرات، فعلى سبيل المثال، يعزي الخبراء انخفاض إنتاج البلاد في عام 2018 إلى انحباس الأمطار وعدم إمكانية حصاد مساحات كبيرة مزروعة بالمحصول نتيجة ضعف تكوّن السنابل، أمّا ارتفاعها غير المسبوق في عام 2019 يعود إلى زيادة الهطولات المطرية الجيدة والموزعة بشكل منتظم على المساحات المزروعة.
قصي المحمد