أعلن دونالد ترامب، صباح اليوم فوزه بالانتخابات الرئاسية الأمريكية، مُقدماً جملة من الوعود المرتبطة بالداخل الأمريكية وبسياسات واشنطن إزاء الشرق الأوسط.
وبدأ الزعماء في الشرق الأوسط والعالم بالتعليق على فوز ترامب، فمنهم من قدّم له التهاني وآخرون أشاروا إلى أن تصريحاته ووعوده يجب أن تكون مقرونة بالأفعال، بينما لم تُبدِ دمشق أي ردة فعل على فوز ترامب.
وتشير التحليلات إلى أن ما يهم دمشق هو السياسية الأمريكية إزاءها والتي ترسمها مؤسسات الإدارة الأمريكية.
وفي هذا الصدد، أشار سابقاً الصحفي السوري سركيس قصارجيان، في حديث لـ”أثر برس” إلى أن “الموقف الأمريكي خصوصاً في السياسة الخارجية غير مرتبط بالشخصية الرئاسية بقدر ما يتبع لثلاث مؤسسات في الإدارة الأمريكية تمتلك زمام القرار بشكل حقيقي وهم الكونغرس، والبنتاغون، والبيت الأبيض، وهي فعلاً ما يحدد السياسة الأمريكية تجاه سوريا”.
الوجود العسكري الأمريكي في سوريا:
على الرغم من أن السياسات الخارجية الأمريكية ترتبط بهياكل محددة في الإدارة الأمريكية، إلّا أن بعض التقديرات تشير إلى أن شخصية ترامب من شأنها أن تؤثر في هذه السياسيات، لا سيّما أن الأخير اتخذ قرارات عدة مرتبطة في الملف السوري، وكان أبرزها الانسحاب من قواعد كانت تتمركز فيها قوات أمريكية شمال شرقي سوريا.
وفي هذا السياق، أشار وزير الخارجية التركي حقّان فيدان، بعد ساعات من إعلان ترامب نفسه رئيساً للولايات المتحدة، إلى أنه لم يستبعد انسحاب القوات الأمريكية من سوريا والعراق بعد الانتخابات الرئاسية في الولايات المتحدة، وفق ما نقلته صحيفة “يني شفق” التركية.
على ماذا يستند فيدان؟
في آب 2024 كشف مستشار الأمن القومي السابق لترامب، هربرت ماكماستر، عن محاولات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لإقناع الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته السابقة، بالانسحاب من سوريا، وذلك في كتابه “في حرب مع أنفسنا: جولتي في الخدمة في البيت الأبيض في عهد ترامب”.
وأشار ماكماستر، إلى أنه جرت مكالمة هاتفية بين ترامب وأردوغان، في 24 تشرين الثاني 2017 ووصف فيها أردوغان، استمرار نقل الأسلحة إلى “قوات سوريا الديمقراطية” بأنه إهدار للمال، ليجيب ترامب بقوله: “أنت على حق، هذا أمر سخيف”.
وعام 2019 أعلن ترامب عبر منصة “X” خلال فترة رئاسته نيته لسحب القوات الأمريكية من سوريا، إذ قال عام 2019: “حان الوقت لتخرج الولايات المتحدة “من الحروب السخيفة التي لا نهاية لها في سوريا” مضيفاً أنه “كان من المفترض أن تكون الولايات المتحدة في سوريا مدة 30 يوماً، كان ذلك قبل سنوات عدة، لكننا بقينا وتدخلنا أعمق وأعمق في معركة من دون هدف في الأفق”.
وفي السياق نفسه، يشير المحلل السياسي السوري عابد الحلبي، في تحليل نشره موقع “الخليج أون لاين” إلى أن “ترامب الذي تبنى سياسات تهدف إلى تقليل التدخلات العسكرية الخارجية خلال رئاسته الأولى، قد يستمر في هذا التوجه حال فوزه، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى انسحاب جزئي أو كامل للقوات من سوريا”.
ما موقف “قسد” من وصول ترامب إلى سدة الحكم؟
اتخذ دونالد ترامب، خلال فترة رئاسته التي امتدت بين عامي 2017- 2021 قرارت عدة متعلقة بسوريا، وأثارت حفيظة شريكتها المحلي في سوريا “قوات سوريا الديمقراطية- قسد”، إذ سحب ترامب قواته من مناطق شمال شرقي سوريا وأعطى تركيا ضوءاً أخضر لشن عملية عسكرية في تلك المنطقة التي كانت تسيطر عليها “قسد”.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “النهار” اللبنانية عن مصادر كردية قبل أيام أن “قوات قسد ومجلس مسد، يتوجسان من عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، بسبب الإرث الذي خلّفه في المنطقة خلال فترة رئاسته الأولى”.
وتؤكد التقديرات أن الرئيس الأمريكي الجديد سيكون أمام تحديات عدة في الملف السوري، إذ ارتفعت في السنوات وتيرة التصعيد ضد القوات الأمريكية شرقي سوريا، حيث باتت تتعرض هذه القواعد لاستهدافات بشكل مستمر كما تشهد هذه المنطقة حراكاً عسكرياً ضد “قسد” من قبل تشكيل “قوات العشائر العربية” الذي أعلن أن هدفه هو التخلص من سيطرة “قسد” على مناطقهم، بالإضافة إلى ملفات أخرى مرتبطة بالمختفيين الأمريكيين في سوريا وغيرها.
وتُعد هذه التحديات، جزء من التحديات التي سيواجهها الرئيس الأمريكي في منطقة الشرق الأوسط ككل، في ظل ارتفاع وتيرة التصعيد في كل من لبنان وفلسطين، وسط مخاوف من تمدد التصعيد إلى مناطق تتواجد فيها قوات أمريكا مثل سوريا والعراق.