برزت التناقضات بشكل كبير في التصريحات التركية – الأمريكية حول موضوع العملية العسكرية شرق الفرات التي تتحدث عنها تركيا منذ فترة، والتي أكد محللون أن الأخيرة تهدف من خلالها إلى تكرار سيناريو عفرين في مناطق شرق الفرات، لكن الذي ما يزال مبهماً إلى الآن هو الآلية التي ستتعامل بها الولايات المتحدة الأمريكية مع هذا العمل العسكري كونه يستهدف حليفها الاستراتيجي (الأكراد) في سوريا.
فأشارت صحيفة “صباح” التركية إلى أن هذه العملية ستكلف أنقرة الكثير، إذ جاء فيها:
“تركيا جادة للغاية بشأن مسألة شرق الفرات، ما لا يتجاهله أي أحد أن وجود أمريكا ودعمها للتنظيمات الإرهابية الموجودة في شرق الفرات قد يزيد من تكلفة العملية العسكرية وصعوبتها، ومن المؤكد أن تركيا ستدخل إلى شرق الفرات في يوم ما، ولهذا السبب تكتفي تركيا باتباع استراتيجية الحصار في الوقت الحالي.. واستمرار حزب الاتحاد الديمقراطي المحاصر في منطقة برية في المقاومة ليس بالأمر السهل، ولكن من أجل تطبيق حصار كامل لا بد من تدخّل السياسة العراقية أيضاً، وبالتالي سيكون الحصار كاملاً ومن جميع الجهات، ونظراً إلى الأسباب المذكورة يمكن القول إن التركيز على هذه الاستراتيجية هو الخيار الأفضل في الوقت الحالي”.
في حين اعتبرت صحيفة “القدس العربي” أن تركيا باتت صاحبة الموقف الأقوى أمام واشنطن، فقالت:
“الواقع أن ردود الفعل التركية على قرار وزارة العدل الأمريكية بوضع جوائز، بلغ مجموعها خمسة عشر مليون دولار، لمن يدلي بمعلومات تسهل إلقاء القبض على ثلاثة من قادة حزب العمال الكردستاني، أو القضاء عليهم، كانت فاترة، وذلك أنه لم يحدث نشاط عسكري جديد للحزب يستوجب صدور قرار من هذا النوع، إضافة إلى أن الحزب لا يشكل، أصلاً، أي تهديد للأمن القومي الأمريكي وتركت تركيا الإدلاء بردود الفعل لناطقين رسميين بدلاً من وزير الخارجية شاويش أوغلو أو رئيس الجمهورية أردوغان، وهذا بحد ذاته مؤشر إلى أن الأخير يشعر بأنه في موقف قوي إزاء الولايات المتحدة، ليكون بوسعه التعاطي مع الهدية الأمريكية بهذا الفتور”.
أما “الأخبار” اللبنانية، لفتت إلى أنه من المحتمل أن تلجأ كل من أنقرة وواشنطن إلى خيار التسوية، حيث نشرت: “ترى تقديرات تركية للوضع في شرق الفرات أنّ الأميركيين لن يمانعوا الوصول إلى تسويةٍ ما، في نهاية المطاف، في الوقت نفسه تستبعد التقديرات معارضة موسكو أيّ خطوة من هذا النوع، لا سيّما أنّها تستند إلى شرعيّة تتيحها ملاحق اتفاقيّة أضنة المبرمة مع دمشق، وتضع أنقرة في جملة خياراتها احتمال القبول بمنطقة منزوعة السلاح داخل الأراضي السورية على طول الحدود بصورة تستحضر اتفاق سوتشي الخاص بإدلب، على أنّ استنساخ هذا السيناريو بشكل شرعي لا يبدو أمراً متاحاً في ظل انعدام فُرص وجود تفويض سوري لواشنطن”.
من الواضح أن تركيا تعمل على رسم سيناريوهاتها في شرق الفرات، وتأخذ في حسبانها الوجود الأمريكي في المنطقة، في حين أن المسؤولين السوريين العسكريين والسياسيين يؤكدون أنهم سيقضون على الوجود الأمريكي على أراضيهم من أساسه، كونه غير شرعي، ويشددون على أنهم لا يمكن أن يتشاركوا مع تركيا بأي عملية عسكرية لأنها أيضاً تفقد سمة الشرعية بوجودها في سوريا.