عادت وتيرة النشاط الدبلوماسي التركي بخصوص التقارب بين تركيا وسوريا، ففي الوقت الذي كان يقتصر فيه هذا النشاط على التصريحات الإعلامية التي لا تحمل أي خطوة جديّة، أعلن رئيس الحزب الوطني التركي دوغو برينتشاك أنه ينوي زيارة سوريا ولقاء الرئيس بشار الأسد قبل نهاية العام الجاري، فيما شدد وزير الخارجيّة التركي مولود جاويش أوغلو أنه يجري العمل على رفع العلاقات الحالية بين الأجهزة الاستخباراتية إلى المستوى الدبلوماسي.
وقال أوغلو في هذا الصدد خلال كلمته حول موازنة وزارة الخارجيّة أثناء جلسات مناقشة موازنة العام الجديد بالبرلمان أمس الثلاثاء: “سنبحث في رفع العلاقات الحالية بين الأجهزة الاستخباراتية إلى المستوى الدبلوماسي إذا ما تحقق المناخ المناسب”.
وأضاف جاويش أوغلو أن السلطات التركيّة تحافظ على موقفها بشأن سوريا القائم على أربعة أهداف استراتيجية وهي “حماية وحدة أراضي البلاد وتحقيق الاستقرار الدائم القائم على الحل السياسي، وتطهير حدودنا من التنظيمات الإرهابية وعودة السوريين إلى بلدهم بشكل آمن”.
وفي الوقت نفسه أكّد رئيس “الحزب الوطني التركي” أن زيارته إلى سوريا ستكون برفقة رجل الأعمال التركي أدهم سانجاق في الشهرين المقبلين، في تشرين الثاني أو كانون الأول، بدعوة من السيد الرئيس بشار الأسد، مشيراً إلى أن زيارته إلى سوريا “تهدف إلى إنهاء الإرهاب في سوريا وإحلال السلام والطمأنينة لتركيا، فالزيارة تأتي لتهيئة ظروف الإنتاج والسلام وبدء التبادل التجاري”, وفقاً لما نقلته صحيفة “زمان” التركيّة.
وأكّد أستاذ العلاقات الدولية بسام أبو عبد الله تعقيباً على هذا الملف أن فتح العلاقات السورية- التركية سيكون له انعكاسات على سوريا وتركيا والمنطقة بشكل عام، وقال: “يرى بعضهم أن الاتصالات السورية- التركية خفت كثيراً عبر الضوضاء الإعلامية خلال الفترة الماضية بعد تصريحات من مختلف المواقع في الحكومة التركية، ولكن كما هو واضح وكما تشير الكثير من المصادر لا تزال الاتصالات تجري على قدمٍ وساق على المستوى الأمني الاستخباراتي وهذا أمر طبيعي, لأن احتمالات المصالحة هو مسار معقد فهناك من يتضرر منه، ولذلك أعتقد أن العمل يتم بهدوء بعيداً عن الضوضاء الإعلامية ويجري بشكل هادئ جداً بين أجهزة الاستخبارات، وخاصة أن دمشق تريد الاطمئنان عل الأرض لأن اختبار النيات التركية يجب أن يتم”, لافتاً إلى أن “بعضهم يشكك في النيات التركية وهذا طبيعي”, وفقاً لما نقلته صحيفة “الوطن” السورية.
وأضاف: إن “المسائل ليست بهذه البساطة والسهولة كما يعتقد بعض، وخاصة أن الولايات المتحدة لا يريحها التقارب السوري- التركي، وهناك أطراف لا ترى أن هذا التقارب سيحصل, لكن بتقديري أنه يحصل بهدوء من خلال اختبارات متبادلة”، مشيراً إلى إصدار إدارة الهجرة والجوازات السورية قراراً بأن الحاصل على الجنسية التركية لا يراجع أي جهة، معتبراً أن “هذا يبدو شيئاً مقابل شيء آخر وبالتالي العمل يتم خطوة مقابل خطوة وبهدوء ولكن هو مسار ليس سهلاً وطويل”.
فيما أشار الباحث لدى مركز مشارق ومغارب للدراسات عباس شريفة إلى “أن هذه التصريحات تأتي ضمن أهداف التصريحات السابقة نفسها لأردوغان، وتأتي ضمن الحملة الانتخابية لحزب العدالة والتنمية في تسويق قضية إعادة اللاجئين وتحسين الأوضاع الاقتصادية من خلال التواصل مع الدولة السورية ورفع مستوى الاتصالات بين الطرفين”, مرجّحاً أن تحركات الجانب التركي لن ترقَ إلى المستوى الدبلوماسي”, وفقاً لما نقلته صحيفة “القدس العربي”.
فيما أكد الخبير السياسي الروسي فيكتور ميخين، في مقالٍ نشرته صحيفة “نيو إيستر أوتلوك” الروسيّة والناطقة بالإنكليزيّة أن “أردوغان يقامر بكل شيء للبقاء في الرئاسة 5 سنوات أخرى، في إشارة إلى إعلان الرئيس التركي أنه يمكن أن يجتمع مع الرئيس بشار الأسد وذلك عندما يحين الوقت”، موضحاً أن الانتخابات دفعت الرئيس التركي إلى التفكير بطريقة عمليّة، والابتعاد عن السياسة التي التزم بها لأكثر من عقد تجاه دمشق”.
يشار إلى أن الحديث عن حدوث تقارب سوري-تركي أعلن عنه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، في آب الفائت بعد عودة من زيارة أجراها إلى إيران، واقتصرت الأنباء فيما بعد على تصريحات تركية الإعلامية وبعض التسريبات الصحفية التي تكشف عن اجتماعات تركية-سورية لبحث ملف التقارب.