خاص|| أثر برس ارتفاع جديد وغير مسبوق سجله زيت الزيتون مع وصول سعر “التنكة” سعة 16 كغ إلى 600 ألف ل.س، لينأى زيت الزيتون بنفسه عن الأساسيات مدفوعاً بتدني الدخل المعيشي إلى قائمة الكماليات التي يمكن الاستغناء عنها، أو التحايل عليها من خلال تغيير العادات الشرائية التي طالت جميع المواد الغذائية.
تنكة زيت الزيتون تحتاج “جمعية”:
“لم نعد نفكر بشراء تنكة زيت زيتون، بعد أن أصبح سعرها 600 ألف، فهي بحاجة إلى سحب قرض أو الاشتراك بجمعية”، بهذه الكلمات لخّص أبو غدير من ريف الدريكيش في حديث لـ”أثر” حال معظم الأهالي الذين لم يعد بإمكانهم شراء زيـت الزيتـون، مضيفاً: “منذ العام الماضي وبعد أن وصل سعر التنكة لما بين 300-350 ألف ل.س، لم نشتريها لعدم توفر ثمنها، لذلك استعضنا عنها بشراء ليتر وراء ليتر، فالدفع بالمفرّق أرحم للجيب من الدفع بالجملة الذي ليس متوفراً أصلاً”.
بدورها، قالت أم أيمن من بانياس: “الله يرحم أيام شراء الزيت بالبيدون”، وتضيف بحسرة: “كانت أيام فيها خير كتير ورخص وكان الفقير يستطيع شراء تنكة أو بيدون زيـت مونة لسنة، لكن الحال تغير، وأصبحنا نشتري بالليتر وبـ 2000 و5000 ل س”، وتابعت: “الله يكتر خير بعض أصحاب المحال الذين يبيعون الزبون بالمفرّق بما يتوفر معه من مصاري”.
السبب وراء الارتفاع الكبير في سعر زيـت الزيتـون، عزاه “أبو هاني” إلى السماح بتصدير زيت الزيتون، ما دفع الأسعار بالارتفاع إلى الحد الذي جعل الأهالي غير قادرين على شرائه، أو قيام ثلاثة عائلات أو أربع بالاشتراك بشراء تنكة زيت وتقاسمها فيما بينها، متسائلاً: هل يقبل العقل والمنطق أن يصبح ثمن تنكة الزيت 600 ألف ليرة فيما راتب الموظف 100 ألف ليرة، مطالباً الحكومة بوقف عملية التصدير لسد حاجة السوق المحلية.
في المقلب الآخر، أكد أبو نادر (مزارع زيتون) لـ”أثر” أن المزارع المنتج لزيت الزيتون ليس هو المستفيد من ارتفاع سعر الزيت كما يعتقد عامة الناس، وإنما التجار الذين اشتروا الزيت من المزارع أثناء الموسم، ويقومون اليوم بتصديره للخارج وبيعه بأسعار مرتفعة.
الرأي نفسه شاطره مزارعون آخرون، مشيرين إلى أن المزارع الذي ما يزال لديه زيت زيتـون في منزله، من حقه أن يبيعه أسوة بالأسعار الرائجة في السوق، مشيرين إلى ارتفاع تكاليف إنتاج الزيت من أجور عمال، حراثة، سماد، تقليم، أوعية لتعبئة الزيت، مبيدات، مدللين بأجرة العامل التي تراوحت خلال موسم الجني بين 45-50 ألف ليرة، وكيس السماد الذي بلغ سعره 300 ألف ليرة، ولتر مبيد الأعشاب الذي يباع بـ 75 ألف ليرة، ناهيك أن موسم زيت الزيتون يعد مصدر الرزق الوحيد لآلاف العائلات.
سبب رفع سعر زيت الزيتون:
بدوره، أكد رئيس اتحاد فلاحيّ طرطوس فؤاد علوش لـ”أثر” ارتفاع سعر تنكة زيت الزيتون إلى 600 ألف ل.س، عازياً السبب وراء ذلك إلى فتح باب التصدير لأن الاستهلاك المحلي لا يتسبب برفع الأسعار إلى هذا الحد.
وحسب علوش، المستفيد الأكبر من رفع الأسعار هم التجار الذين اشتروا زيت الزيتون من المزارعين خلال الموسم، باستثناء نسبة قليلة لا تتجاوز 10% من المزارعين الذين لم يبيعوا ويحتفظون بإنتاجهم من زيـت الزيتـون.
وأضاف علوش: يستطيع الشخص شراء تنكة زيت نباتي صناعي يتراوح سعرها بين 350-400 ألف ل.س، لكن لا يستطيع شراء تنكة زيت زيتون بسعر 600 ألف ليرة، مؤكداً أن سعر تنكة الزيت النباتي غالي والسبب وراء ذلك ليس الاستهلاك المحلي، وإنما التجار الذين استوردوا المادة لبيعها بأسعار مرتفعة.
وللحيلولة دون تحكم التجار بأسعار زيـت الزيتـون برأي علوش، يحب وضع آلية للتصدير تضمن ألا تكون الأسعار مرتفعة جداً ولا متدنية، فلا المستهلك يرضى بذلك ولا المزارع، وإنما يجب أن تكون الأسعار مدروسة تضمن للمزارع استرجاع تكاليف الإنتاج مع هامش ربح، وتابع: المزارع لا يسعى وراء أن يصبح سعر تنكة زيـت الزيتـون 600 ألف ليرة أو أكثر، وإنما همه أن يكون السعر متناسباً مع ارتفاع تكاليف الإنتاج وتعبه خلال العام مع هامش ربح يحفزه على الاستمرار في الزراعة والوصول إلى إنتاج جيد.
صفاء علي – طرطوس