تستمر تركيا بالتصعيد في لهجتها إزاء ما يجري في الشمال السوري بين فصائلها و”قوات سوريا الديمقراطية” ملوحة بشن عملية عسكرية حيث أكد وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو أن صبر بلاده بدأ ينفد، وكذلك وزير الدفاع التركي خلوصي أكار أكد أن أنقرة ستقوم باللازم شمالي سوريا لكن في الزمان المناسب، وذلك بعد مقتل أحد جنودها في ريف حلب الشمالي إثر هجوم تعرضت له مدرعاتهم الذي وصفه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بـ”القشة التي قصمت ظهر البعير”، وتم اتهام “قسد” فيه إلا أن الأخيرة نفت مسؤوليتها عن هذا الاستهداف مؤكدة أنها “لعبة استخبارات تركية”، إلّا أن المحللين يشيرون إلى أن هذا التصعيد التركي هي مجرد رسائل مبطنة للولايات المتحدة، فيما يعتبر آخرون أن الاحتمال العسكري وارد فعلاً.
حيث نشرت صحيفة “الأخبار” اللبنانية:
“التطوّرات المتلاحقة التي شهدتها مناطق الشرق والشمال الشرقي، والتي جاءت هذه المرّة مصحوبة بمقتل جنديَّين تركيَّين قرب مدينة مارع شمال حلب، وسقوط قذائف على الجانب التركي، رافقها زخم إعلامي تركي.. وعلى الرغم من الاطمئنان الكردي، النابع في جزء منه من دعم أمريكي، يواجه الأكراد مرّة أخرى اختباراً صعباً لجدّية ذلك الدعم، خصوصاً أن الولايات المتحدة تخلّت أكثر من مرّة عن حلفائها في سوريا لصالح تركيا، بما مكّن الأخيرة من التوغّل في الداخل السوري، وإبعاد الأكراد عن شريطها الحدودي، ومهّد الأرض لها لإجراء عمليات تغيير ديموغرافية عن طريق توطين عائلات الفصائل المسلّحة السورية التابعة لها في تلك المناطق. وعلى ما يَظهر، فإن أيّاماً صعبة سيعيشها الأكراد في انتظار الموقف الأمريكي من العروض التركية، العسكرية والسياسية، والتي يتحضّر إردوغان لتقديمها نهاية الشهر الحالي في اجتماع مع بايدن على هامش قمة العشرين، بما سيضيّق الخيارات أمام «قسد»، التي كانت ابتعدت عن موسكو، وقطعت خطوط التواصل مع دمشق، وانكفأت عن السياق الدولي للحلّ السياسي في سوريا”.
وفي “الشرق الأوسط” جاء:
الأراضي التي تشهد تصعيداً ميدانياً شمالي سوريا تعتبر استراتيجية بالنسبة لـ”قسد”؛ نظراً لأنها ملاصقة لمدينة عفرين ذات الغالبية الكردية التي انتزعها الجيش التركي وفصائله، حيث يقول رياض درار، الرئيس المشترك لـ”مجلس سوريا الديمقراطية (مسد)”: الأعمال الدفاعية التي تقوم بها (قسد) تأتي في إطار الدفاع المشروع منذ توغل الجيش التركي في شمال شرقي البلاد”.
كما نقلت صحيفة “القدس العربي” رأياً للباحث لدى المؤسسة السورية للدراسات وأبحاث الرأي العام رشيد الحوراني حول ما يجري شمالي سوريا، قال فيه:
“التصعيد إلى ريف حلب، ذلك يرمي إلى تشتيت المجهود العسكري سواء لتركيا وفصائلها، من خلال تعدد محاور القتال واعتماد التصعيد المتدرج عليها، كما أنها تريد أن توصل رسالة للأتراك بأنه لدينا القدرة على التصعيد إلى أبعد حد دون اللجوء لعملية عسكرية واسعة”.
التصعيد العسكري شمالي سوريا لا يعتبر حدثاً جديداً، فالجبهات في تلك المنطقة غالباً ما تكون مشتعلة، لكن الجديد هو الظروف المحيطة بتصعيد اللهجة التركية، حيث يتزامن مع تزايد الدعم الأمريكي لـ”الوحدات الكردية” والتوتر الحاصل بين أنقرة وواشنطن، إلى جانب أن هذا التصعيد التركي يأتي قبل أيام من اللقاء بين أردوغان وبايدن على هامش قمة العشرين، يشير إلى أن أنقرة تهدف من هذا التصعيد إلى الحصول على ميزات أمريكية في تلك المنطقة.