أفادت تقارير صحفية مؤخراً أن القوات التركية بدأت بإجراء بعض التعديلات على انتشارها العسكري في سوريا لا سيما بالقرب من طريق m4، وذلك بالتزامن مع الحديث عن تطورات على الصعيد الديبلوماسي في مسار التقارب السوري- التركي، لا سيما بعد الإعلان عن انضمام إيران إلى المحادثات كوسيط إلى جانب روسيا.
في هذا الصدد، لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى أنه منذ بدء مسار التقارب السوري- التركي طرأت تغييرات على خريطة انتشار القوات التركية في مناطق “خفض التصعيد”.
وأفاد موقع قناة “الميادين نت” حلب بأنّ تركيا أخلت إحدى قواعدها العسكرية، الواقعة في قرية قسطون، جنوبي طريق M4 في إدلب، مؤكداً أنّ القوات التركية نقلت الكتل الإسمنتية، التي تشكل قاعدة قسطون، إلى الشمال من مدينة أريحا، الواقعة عند طريق M4، دون أن تصدر وزارة الدفاع التركية أي تصريح حول هذا الانسحاب.
وتبعد النقطة التركية التي كانت موجودة في قرية قسطون بضع كيلو مترات عن نقاط الجيش السوري في ناحية جورين، وبحسب التقديرات فإنه من شأن انسحاب القوات التركية من منطقة سهل الغاب تسهيل الوصول للطريق والسيطرة على مدينة جسر الشغور.
التسريبات الصحفية حول انسحاب القوات التركية من إحداى نقاطها بمحيط M4 جاءت بعد الكشف عن اجتماعات أجراها مسؤولون استخباراتيون أتراك مع قياديين من الفصائل المسلحة أبلغوهم خلالها بالاستعداد لتشغيل الطريق، وأن تركيا ترغب بتسليمه للدولة السورية وسحب النقاط التركية منه بعد التأكد من أنه لن تقع اشتباكات ومعارك جديدة، مشيرة إلى أن تركيا تناولت في لقاءاتها مع قياديين من الفصائل حماية وتأمين نقاط المراقبة التركية على الطريق وعدم الاقتراب منها.
وفقاً لخبراء فإن التطور الميداني الذي أقدمت عليه تركيا جاء عُقب هدوء خيّم على المحادثات السورية- التركية، بعدما ربطت دمشق حدوث أي تطور سياسي في مسار التقارب السوري- التركي بوجود تحرّك ميداني مرتبط بالخطوط الحمراء التي وضعتها دمشق كالانسحاب التركي الكامل من الأراضي السورية ووقف دعم الفصائل المسلحة.
ويربط المختصون الانسحاب التركي من نقطة قسطون، بالإعلان عن انضمام إيران إلى المحادثات السورية- التركية، حيث أكّدت سابقاً مصادر إيرانية مطلعة على مجريات الزيارة الأخيرة لوزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان، إلى دمشق أن إيران أكدت لسوريا أنها متفقة مع وجهة نظرها حول مسار التقارب السوري- التركي، وكشفت الخارجية الروسية بعد هذه الزيارة عن مشاورات جرت بين نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف، ومساعد وزير الخارجية الإيراني علي أصغر حاجي، بشأن إقامة “حوار بنّاء” بين تركيا وسوريا.
التطور الميداني المرتبط بمسار التقارب السوري- التركي، ترافق أيضاً مع تصريحات تركية أكدت على رغبة أنقرة بالتوصل إلى مرحلة التطبيع مع سوريا حيث قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار: “إن اللقاءات مع المسؤولين السوريين سوف تتواصل، وأن الهدف الذي تسعى إليه أنقرة هو التطبيع مع دمشق” مشيراً إلى أنه “سيُعقد في الأيام القادمة، اجتماع تقني بين وفود من تركيا وسوريا وروسيا لاستكمال محادثات الموضوعات التي طُرحت في محادثات وزراء الدفاع ورؤساء المخابرات في موسكو في 28 كانون الأول”، وفي هذا الصدد نقلت صحيفة “الوطن” السورية عن مصادر ديبلوماسية في أنقرة أن “هناك نشاطاً ملحوظاً واجتماعات مكوكية في موسكو، لترتيب لقاء وزيري خارجية سورية وتركيا، لكن أي نجاح لهذه المساعي مرتبط بخطوات على أنقرة اتخاذها قبل أي لقاء دبلوماسي بين وزراء الخارجية” مضيفة أن “موسكو وطهران على عجلة من أجل ترتيب هذا اللقاء، لكن في الوقت ذاته تتفهم روسيا موقف سورية الداعي للخطوات التركية قبل أي تطور في العلاقات”.
يشار إلى أنه كان من المفترض أن يُعقد اجتماع وزراء الخارجية سوريا وتركيا في منتصف كانون الثاني الفائت، لكن تم تأجيل هذا الاجتماع لأسباب لم يتم توضيحها، فيما تزامن التأجيل مع تصريح الرئيس بشار الأسد، خلال لقائه مع المبعوث الروسي إلى سوريا ألكسندر لافرينتيف، حيث قال حينها: “هذه اللقاءات حتى تكون مثمرة فإنها يجب أن تبنى على تنسيق وتخطيط مسبق بين سوريا وروسيا من أجل الوصول إلى الأهداف والنتائج الملموسة التي تريدها سوريا من هذه اللقاءات، انطلاقاً من الثوابت والمبادئ الوطنية للدولة والشعب المبنية على إنهاء الاحتلال ووقف دعم الإرهاب”.