تستمر تصريحات المسؤولين الأتراك في لهجة متصاعدة بشأن سوريا، منذ انتخاب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، ولا يكاد يخلو يوم من دون الحديث التركي مجدداً عن خطط أنقرة العسكرية المقبلة شمالي سوريا، ومسار التقارب المجمّد مع دمشق وفق شروط أنقرة، ولم يشكّل أولوية في اجتماع “أستانا” الأخير بخلاف المباحثات السابقة.
وفي موقف تركي مفاجئ، ادّعى وزير الدفاع التركي يشار غولر في لقاء تلفزيوني، أنّ “(الجيش الوطني) -المدعوم من أنقرة-، هو من سيبني سوريا الجديدة ويشكّل نواة الجيش السوري في المستقبل”، مشيراً إلى أنّه “يجب على سوريا أن تأخذ فرصة التقارب مع تركيا على محمل الجد، وأن تفكّر جيداً في هذا الشأن لأنها فرصة كبيرة”، وفق تعبيره.
وفي خصوص انسحاب القوات التركية من شمال سوريا، أجاب غولر، إنه “لا يمكننا الحديث عن هذا الآن؛ لوجود شروط يجب أن تتحقق أولاً أهمها ضمان أمننا القومي”، مضيفاً: “لقد بنينا جداراً عازلاً بطول الحدود مع سوريا كما أن لدينا أنظمة مراقبة متطورة ونحن قادرون على منع أي تسلل عبر الحدود”.
وشدد وزير الدفاع التركي أنّ “موقف أنقرة ثابت بشأن حزب العمال الكردستاني، ولن تتفاوض مع منظمة إرهابية تهدد أمن تركيا واستقرارها”.
واعتقد غولر أن “الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، سيسحب القوات الأمريكية من سوريا خلال ولايته الجديدة التي تبدأ في كانون الثاني المقبل”، مشيراً إلى أنّ “ترامب أصدر خلال ولايته الأولى 3 تعليمات بسحب القوات الأمريكية من سوريا”.
وعن قراءته لمستقبل العلاقات التركية- الأمريكية خلال ولاية ترامب المرتقبة، قال: “علاقاتنا مع أصدقائنا الأمريكيين إيجابية للغاية في الوقت الحالي، وأعتقد أنه يمكننا تطويرها نحو الأفضل، لكن أستبعد أن تشهد العلاقات تراجعاً”، وفق ما نقلته وكالة “الأناضول” التركية.
جاء ذلك بعدما لوّح الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في العاشر من الشهر الجاري، بإطلاق عملية عسكرية شمالي سوريا في المدة المقبلة، استكمالاً لمشروع “المنطقة العازلة” التي تسعى تركيا إلى إقامتها شمالي سوريا بعمق 30 كم.
وقبل ذلك بأيام قليلة، أدلى وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، بتصريحات أشار فيها بشكل غير مباشر إلى توقف مسار التقارب مع دمشق، في وقتٍ أشار فيه مراقبون إلى أنّ التقديرات تتجه إلى أن موقفاً تركياً مفاجئاً دفع فيدان للخروج والتعبير بشكل سلبي عن مسار التقارب.
وتأتي التصريحات التركية في وقتٍ يسعى فيه الرئيس التركي بإصرار على عقد لقاء على مستوى رؤساء البلدين، وفي هذا الصدد سبق أن أكد الرئيس بشار الأسد في تصريحات صحافية في 15 من تموز الفائت: أنه “إذا كان اللقاء يؤدي إلى نتائج أو إذا كان العناق أو العتاب أو تبويس اللحى كما يقال باللغة العامية، يحقق مصلحة البلد فأنا سأقوم به”، موضحاً أن “المشكلة لا تكمن في اللقاء وإنما في مضمون اللقاء”.
وأضاف: “نحن نسأل ما هي مرجعية اللقاء هل ستكون هذه المرجعية هي إنهاء أسباب المشكلة التي تتمثل بدعم الإرهاب والانسحاب من الأراضي السورية، هذا هو جوهر المشكلة ولا يوجد سبب آخر فإذا لم يكن هناك نقاش حول هذا الجوهر فماذا يعني لقاء؟”.
وبدأ الحديث عن مسار التقارب السوري- التركي في بداية تموز 2021، إذ أعلن وزير الخارجية الإيراني الراحل حسين أمير عبد اللهيان، حينها نية بلاده لتقريب وجهات النظر بين سوريا وتركيا، وتم حينها إجراء قمة ثلاثية بين تركيا وروسيا وإيران في طهران، تبعتها لقاءات عدة بين وزراء دفاع وخارجية سوريا وتركيا وإيران وروسيا.
واحتلت تركيا مناطق في الشمال السوري في السنوات الفائتة بعد تنفيذ عمليات عسكرية عدة، بمساندة ما يسمّى “الجيش الوطني” التابع لأنقرة، من بينها “درع الفرات” في 2016، و”غصن الزيتون” عام 2018، و”نبع السلام” في 2019 في مواجهة التنظيمات الكردية من مثل “حزب العمال الكردستاني” و”وحدات الشعب” التي تصنفها تركيا بأنها تنظيمات إرهابية.
أثر برس