أثر برس

خاص أثر || بين الخدمة الإلزامية والهجرة.. مستقبل يضيع وعروس تنتظر

by Athr Press

حسن سنديان

لم أعتد الذهاب إلى الجامعة في هذا اليوم للتجوال، ولم أكن أعرف ماذا أريد، إلا أني وصلت إلى الباب الرئيسي وبرزت بطاقتي لأحد المشرفين على دخول الطلاب، تأمل جيداً في بطاقتي وأخذ يقلبها، ربما اعتاد على هذا الأسلوب بسبب الملل ثم قال لي “تفضل”، بنبرةٍ يملؤها البؤس ونوع من التهكم.

كافتيريا الجامعة كانت وجهتي الأولى، حيث يجتمع الطلاب ويتداولون الأحاديث المختلفة، ولكن هذه المرة لم تكن الأغاني الصاخبة تعم الكافتيريا، وإنما شارة مسلسل الندم “قلبي علينا افترقنا حين التقينا”، والتي يرددها السوريون في كل الأمكان، ربما لأنها كشفت عن معاناة شبان وفتيات المدينة، بعدم القدرة على الزواج والخوف من الحب الذي بات يشكل رعباً عند البعض لأن الحرب وببساطة تقضي على كل شيء.

ربما لم تعد تبحث الفتاة في سوريا عن علاقة حب تنتهي بالزواج لأنه وببساطة الشبان السوريون بين ناري فتيل، الخدمة الإلزامية التي تشكل عائقاً أمام مستقبله، أو السفر خارج البلد للبحث عن لقمة العيش، والهرب من نار الحرب التي ستلتهمه يوماً ما وتنهي كل آماله، كان هذا الحديث الممزوج بأغية “شارة مسلسل الندم” في كفتيريا الجامعة هو العائق لدى الطلاب بعد التخرج.

” باخدو أكبر مني بس يكون مأمن حالو”

سارة وهي طالبة تتحدث عن معاناتها حول هذا الموضوع وتقول: هلأ ماعاد في حب وعلاقات جامعية بس ناطرين لنتخرج ويجي العريس المناسب” وتقصد بالماسب “أي المؤهل مالياً” بغض النظر عن دراسته، أما “راما” التي تزوجت من مديرها في العمل والذي يكبرها بــ 20 سنة وقالت: ” إنه الشخص المناسب بالنسبة لي لأنه يقيم في سوريا ونحن متفاهمان عقلياً بغض النظر عن فارق العمر والمال”.

“الانترنت هي الوسيلة المناسبة لانتقاء الزوج المناسب”

باتت تطبيقات وسائل التواصل الاجتماعي كــ “لسكايب” و”الواتس أب” و”الفيس بوك” هي الملاذ الوحيد للفتاة السورية كي لا تبقى “عانس” بعد التخرج ومنهن “لارا” طالبة الأدب العربي التي قالت “تعرفت على شاب في أميركا عن طريق الفيس بوك واتفقنا على كل شي إلا أنه يكبرني بــ 18 سنة ولكنه مناسب لتكوين أسرة”، إلا أن “ريما” طالبة علم الاجتماع التي قالت عن خطيبها المتواجد في ألمانيا: “لا نتفق كثيراً في بعض الأفكار على وسائل التواصل لأنها لاتكشف الشخص كما هو، حتى أن هذه الوسائل لا تستطيع إيصال الفكرة بشكل صحيح للطرف الآخر، ولكن عندما أتزوجه سأحب طفلي أكثر واعتاد على هذا الأمر”.

“منأجل دراسياً ومنخطب لـــ الله يفرجا”

خدمة العلم في سوريا باتت تشكل هاجساً كبيراً لدى الشبان، حيث أنهم لا يعلمون متى سيعودون إلى حياتهم المدنية إذا انساقوا الخدمة، ولاحول ولا قوة لهم إلا بتأجيل سوقهم عن طريق الدراسة أو السفر خارج البلد، فيقول أحمد وهو طبيب أسنان: “أنا خاطب منذ سنتين وسأتزوج بعد سنة عندها سأكون قد تخرجت وأستأجرت منزل صغير كي أكمل اختصاصي الطبي بعد الزواج، لعل الحرب قد تكون انتهت إلى ذلك الوقت”، ولكن فكرة الدراسة خارج سوريا لم تكن الحل الكافي عند بعض الطلاب مثل “جاد” الذي تنتظره خطيبته لكي ينهي دراسته في مجال الجيولوجيا، ويسافران خارج البلد قائلاً بنبرةٍ تملؤها الحيرة: “سأنهي البكالوريوس وبعدها سأسافر إلى ألمانيا كي تلحق بي خطيبتي وأكمل دراستي” فسألناه وإن فشل هذا المخطط ولم تقبل السفارة في ألمانيا فأجاب “ما بعرف عا الله”!.

اكتفيت بهذا القدر من الآراء وخرجت من الكفتيريا وأكملت الأغنية مردداً بصمت “وإذ توقفنا مشينا كلٌ على درب كلٌ بلا قلب”، وعلى مايبدو أن هؤلاء الطلاب كلٌ منه كان يعيش قصة حب أنهتها الحرب، أو اختار طريق النجاة بالسفر خاجر المدينة أو على الأقل بالسفر عبر الخيال للنجاة من هذا الواقع الأليم.

اقرأ أيضاً