أثر برس

خاص أثر | “داعش” بين موت “الخلافة” وتنظيم في غرفة الإنعاش

by Athr Press R

رضا زيدان

تنحسر سيطرة تنظيم “داعش” على الأراضي السورية والعراقية على حدٍ سواء، فبعد خسارة التنظيم لمدينة الموصل العراقية ومدينة الرقة السورية بدأ العد العكسي لأيام “داعش”، وبذلك، باتت مدينة البوكمال الحدودية مع العراق آخر معقل للتنظيم المتطرف في شرق سوريا، ومن الجهة العراقية، لم يعد التنظيم يسيطر إلا على شريط حدودي محدود يضم مدينة القائم المقابلة للبوكمال السورية.

يوم أمس توّجت مدينة الرقة “عاصمة الخلافة” هزائم التنظيم المتتالية في سوريا والعراق لتنحصر “أرض الخلافة” في منطقة ذات طابع صحراوي على جانبي الحدود، لكن تهديده لا يزال قائماً سواء عبر الخلايا النائمة أو الانتحاريين أو حتى حضوره إعلامياً.

ويقول الباحث في المعهد الأميركي للأمن، “نيك هاريس” لوكالة فرانس برس: “حين كانت الخلافة الإسلامية في أوج قوتها في العام 2014، هددت بحكم سوريا من حلب (شمال) حتى الحدود العراقية ثم تراجعت الآن إلى منطقة محدودة في دير الزور (شرق) تحاصرها وتتقدم فيها القوات السورية وحلفاؤها كما التحالف الدولي بقيادة واشنطن”.

كما يتوقع نيك هاريس أن يشكل الجزء المتبقي من محافظة دير الزور “مركز ثقل تنظيم الدولة الاسلامية في سوريا”.

لذلك هناك أمور يجب التوقف عليها عند الحديث عن انحسار سيطرة التنظيم ولاسيما في الرقة:
أولاً: هزيمة التنظيم في الرقة ستجعله يلجأ إلى العمليات العسكرية المتنقلة، وسيسعى عناصره إلى الاختباء في الأماكن التي يسعهم فيها ذلك، وخاصة في مناطق حوض نهر الفرات، غير أن الأهم هو أن التنظيم تحول من واقع إلى فكرة، فكرة أن “خلافة” ما كانت قائمة قبل أن تسحقها القوات السورية و”قوات سوريا الديمقراطية” بالتعاون مع “التحالف الدولي”.

ثانياً: خسارة التنظيم لـ”عاصمة الخلافة” يؤثر على وجوده وعملياته “الإرهابية” لذلك الرقة مكانتها بالنسبة للعقل المخطط لـ”داعش” وربما سيوسع التنظيم عملياته المسلحة في الغرب، وسيعزز تواجده الالكتروني عوضاً عن تعزيز تواجده على الأرض.

ثالثاً: ربما يسعى التنظيم لاتخاذ معقل له، ولكن بكل تأكيد لن يكون كالرقة بل أوهن، ومن المتوقع أن تكون دير الزور والمنطقة المحيطة بمدينة القائم في العراق آخر جزءاً منها، فهذه المنطقة بعيدة عن دمشق وبغداد، ويفصلها عنهما أراض صحراوية صعب اجتيازها، وتشكل بالتالي “المكان المثالي لتكون دعامة الخلافة الاخيرة”، بحسب محللين.

لكن المؤكد أن السلطتين العراقية والسورية لن تستكينا حتى طرد آخر مسلحي التنظيم من هذه المنطقة التي تعد استراتيجية لهما ولحلفائهما، وتصر السلطات السورية وحليفتها إيران على استعادة هذه المنطقة، فأمريكا تقف قبالة هدف إيران والذي هو ضمان طرق برية لها إلى سوريا ولبنان مروراً بالعراق، وفق الباحث في المعهد الأميركي للأمن، “نيك هاريس”.

رابعاً: الرقة مدينة مدمرة بشكل شبه كامل لذلك ستحتاج إلى عمليات إعمار قد تصل قيمتها لمليارات الدولارات، ولكنها حاليا ستكون نقطة بين مجموعات متنافسة، فمن جهة تقف السلطات السورية المدعوم من روسيا وإيران، ومن جهة أخرى يقف “الأكراد” الذين تدعمهم واشنطن وذلك لإعمار الرقة، فوجود وزير الدولة في السعودية “ثامر السبهان”، اليوم في عين عيسى يحمل العديد من التساؤلات حول الإعمار.

لا يمكن القول أن نجم “داعش” قد أفل كلياً، فالهدف الذي أراد الوصول إليه أيديولوجياً أنجزه بالفعل وهو إعلان “الخلافة” واستمرارها لسنوات عدّة وجذبه عشرات الآلاف من كافة أنحاء العالم، ويبقى الفعل الإجرامي الدموي لدى “داعش” المادة الأساس التي لن ينساها العالم.

اقرأ أيضاً