لا يختلف الخبراء والمحللون من أن المنطقة اليوم باتت على شفا حفرة من اندلاع حرب إقليمية، إذ بدأوا يتوجهون نحو مناقشة تفاصيل هذه الحرب في حال اندلاعها، والضوابط التي يمكن أن تُفرض عليها، مستفيدين من دروس الماضي التي خلّفتها الحروب السابقة.
وفي هذا الصدد، لفتت صحيفة “الشرق الأوسط” إلى عامل “تطور الأسلحة” وتأثيره على نتائج الحروب مشيرة إلى أنه “على مر السنين، تميزت الحروب الكبرى بإرساء قناعات جديدة، وتكتيكات جديدة، وتكنولوجيا جديدة، ففي عام 1453 اختُرقت جدران القسطنطينية بواسطة مدفع عملاق استخدمه السلطان محمد الثاني، وجلب نابليون تكتيكات جديدة ومبتكرة للمشاة، وفي الحرب العالمية الأولى، غيّر غاز الخردل والمدافع الرشاشة من وجه ساحة المعركة، وفي الحرب العالمية الثانية، كانت حاملات الطائرات، وتكتيكات الحرب الخاطفة، والأسلحة النووية”.
وفي زمننا الحالي، اعتبرت “الشرق الأوسط” أن سلاح الطائرات المسيرة من شأنه أن يكون له دور كبير في حسم أي معركة، وأن هذا السلاح بات حلم أي مقاتل، وقالت: “يرى كثيرون أن الطائرات المسيرة تعمل على تغيير طبيعة الحروب، وسوف تكون السلاح السائد في ساحة المعركة في المستقبل”.
بدوره، لفت الزميل المشارك في معهد “تشاتام هاوس” ورئيس قسم ممارسات الولايات المتحدة والشرق الأوسط في مركز “تريندز للبحوث والاستشارات” بلال صعب، في مقالة نشرتها مجلة “المجلة” إلى أن “الشرق الأوسط يقف اليوم على أعتاب حرب إقليمية قد تتحول إلى حرب أكثر فتكاً مما أصاب المنطقة من قبل، وأشدّ هولاً حتى من أسوأ الصراعات العربية-الإسرائيلية في القرن العشرين” معتبرة أن في زمننا الحالي باتت المسيرات هي حلم كل مقاتل يقاتل في الحروب الحديثة.
وأشار صعب في مقالته إلى مسألة “ضبط التسليح في الشرق الأوسط” موضحاً أنه “توماس شيلنغ، ومورتون هالبرين قد وصفا في أوائل ستينات القرن العشرين، ضبط الأسلحة بأنه يشمل جميع أشكال التعاون العسكري بين الأعداء المحتملين بهدف الحد من احتمالات الحرب ونطاقها وعنفها إذا حدثت، وتقليل التكاليف السياسية والاقتصادية للاستعداد لها”.
وأشار صعب، إلى الرد الإيراني على استهداف الكيان الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في سوريا، والذي تمثّل باستهداف فلسطين المحتلة بمئات الصواريخ والمسيرات، وتعمّد طهران إلى الإعلان عن هجومها قبل حدوثه، لافتاً إلى أن “هذا النوع من السلوك وضبط النفس المتبادل، وإن كان غير رسمي، هو شكل من أشكال ضبط التسلح، ويندرج ضمن نطاق أوسع من الردع، ولكن له اسمه الخاص ومنطقه وعملياته المميزة، وإن ضبط التسلح أكثر تحديداً من الردع، وإذا ما جرى اتباعه بشكل أكثر صرامة من قبل الخصوم، فإنه قد يؤدي إلى اتفاقات مكتوبة أو رسمية. وفي جوهره، فإن ضبط التسلح أداة تدعم المهمة الأوسع للردع”.
وخلُص بلال صعب في مقاله إلى أنه “لا تزال هناك إمكانات كبيرة لتطبيق ضبط الأسلحة في الشرق الأوسط، على وجه التحديد لأن الكثير من الصراعات في المنطقة تبدو أكثر قابلية للإدارة من الحل” مضيفاً أنه “يمكن القول إنه، من خلال تبني تدابير ضبط الأسلحة العملية التي تتوافق مع المصالح الأمنية للأطراف المتحاربة، تستطيع هذه الصراعات تطوير آليات تنظيمية ذاتية لمنع التصعيد إلى حرب شاملة، وعلى الرغم من أن هذا النهج ليس مثاليا، فهو بلا شك في مصلحة جميع الأطراف المعنية”.
فيما لفت الباحث السياسي الدكتور كمال خلف الطويل، في مقالة نشرتها صحيفة “الأخبار” اللبنانية إلى أن “حروب اليوم والغد لم تعد تعرف للنصر مكاناً، بما عناه من سحق طرفٍ للإرادة السياسية للطرف المقابل بالتمام والكمال، لقد باتت سويّات مخرَجاتها تراوح بين التكافؤ بينهما في المنزلة الأدنى… إلى منزلة بين منزلتين مثّلت رجحان طرفٍ على آخر بالنقاط، وبما لا يكفل للراجح مراده السياسي غير منقوص… إلى الفوز كأقصى مدى، وبما يجعل الفائز جانياً لمردود سياسي فاق مردود خصمه بما لا يقاس؛ إنْ لم يحرمه منه، من ثمّ باتت الحروب جولاتٍ تنضاف واحدةٌ على سابقاتها حتى يصل مردودها السياسي لأيّ من خائضيها إلى كتلة حرجة وحاكمة”.
يشار إلى أن الحديث عن احتمال اندلاع حرب إقليمية في الشرق الأوسط، بدأ بعدما أقدم الكيان الإسرائيلي على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية، في العاصمة الإيرانية طهران، وتأكيد الجانب الإيراني على حقه بالرد.