لم يصدر إلى الآن أي تصريح إيراني رسمي حول نيّة إيران بتزويد سوريا بمنظومة الدفاع الجوي خرداد 15، إلا أن الأنظار تتوجه بعد هذه الأنباء إلى الموقف الروسي من هذه الخطوة الإيرانية، باعتبار أن “الاعتداءات الإسرائيلية” على سوريا تتم عادة بالتنسيق مع الجانب الروسي.
صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية أكدت في تقرير تحليلي نشرته أمس السبت أن “هذه الخطوة الإيرانية لها تداعيات على دور روسيا في سوريا، وربما على دور تركيا والولايات المتحدة، وكذلك على سياسة إسرائيل إزاء سوريا”، مضيفة أن المنظومة الإيرانية تعتبر بمثابة تحسين لمنظومة “إس 300” الروسية.
في هذا الصدد أكد محلل الشؤون الدولية في فرانس 24، خالد الغرابلي، أن “وجود منظومة دفاع جوي غير منظومات الدفاع الجوي الروسية الموجودة، يحتاج إلى نوع من التفاهم مع روسيا وبالتالي مجرد وجود هذه المنظومة فهذا دليل على وجود موافقة روسية وربما تصل هذه الموافقة إلى حد مساعدة الإيرانيين على إيصالها خاصة أننا نرى اتساع حجم التعاون بين إيران وروسيا”.
وحول مدى قدرة هذا منظومة “خراد 15” الإيرانية التي قد تزوّد بها سوريا، أكد الغرابلي، أنه “وفقاً للوصف الإيراني لقدرات هذه المنظومة فهي بإمكانها أن توقف جميع أنواع الطيران الإسرائيلي بما فيه إف 35 (الطائرة الشبح الأمريكية)” مضيفاً أن “للإيرانيين خبرة في تصنيع السلاح هذه المنظومة هي التي أسقطت طائرة أكثر طائرات الاستطلاع الأمريكية حداثة عام 2019 وهي أكثر الطائرات المسيرة الأمريكية حداثة في الخليج العربي” مضيفاً أنه “عندما قرر الإيرانييون الانتقام لاغتيال قائد فيلق القدس، قاسم سليماني، فإن الصواريخ وصلت بالفعل وبدقة إلى القواعد العسكرية الأمريكية إذاً هم يملكون المعر فة والقدرة على التصنيع”.
ووسط تأكيد التحليلات “الإسرائيلية” على خطورة هذه الخطوة بالنسبة لـ”إسرائيل” شدد الغرابلي، على أنه بالنسبة لـ”إسرائيل” فالخطورة لا تكمن فقط بوجود هذه المنظومة الإيرانية في سوريا، بل هي وجود تعاون روسي- إيراني، مترافق مع غضب روسيا من “السلوك الإسرائيلي” فيما يخص حرب أوكرانيا، لافتاً إلى أنه “من الممكن أن تحاول روسيا أن تجعل إسرائيل تدفع الثمن من خلال السماح أكثر لإيران للتحرك بحرية أكبر في سماء سوريا”.
وأضاف أن “الوضع بالنسبة لإسرائيل خطراً، ليس فقط بسبب تقوية الدفاعات السورية، وإنما بسبب تقوية الوجود الإيراني بشكل أكبر في سوريا وهذا سيمثل مصلحة لإيران، لكن كابوس بالنسبة لإسرائيل والكابوس الأكبر هو زيادة حجم التعاون مع روسيا مع زيادة التبادل العسكري الكبير الذي يمكن أن يؤثّر على قدرات الإيرانيين لمواجهة إسرائيل”.
في هذا الصدد، أكد المحلل السياسي الإسرائيلي “إيلي كوهين” في لقاء تلفزيوني أجراه أمس على قناة “روسيا اليوم” أن “إيران الآن في موقع قوة والآن قررت أن توضح للعالم أنها يمكنا أن تبيع معدات عسكرية لدولة أخرى خصوصاً” مضيفاً “نحن متوقعين أن ترسل إيران درونات إلى سوريا”.
يشار إلى أنه سبق أن أعربت “التحليلات الإسرائيلية” عن تخوّف الكيان الإسرائيلي من القدرات العسكرية الإيرانية، لا سيما بعد الكشف عن تزويد إيران لروسيا بالطائرات المسيرة في الحرب الأوكرانية، وعلّق حينها رئيس الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكرية “أمان” المدعو “عميت ساعرط”، على هذا التعاون بقوله: “يجب النظر بجدية، لِما قد يترتّب على هذا التقارب من تداعيات تطال الأمن القومي الإسرائيلي”، مشيراً إلى أنه “تكمن الخطورة على الكيان الإسرائيلي من هذا التحالف هو أنه لم ينجم عن حاجة إيرانية إلى روسيا، وإنما عن حاجة روسية إلى إيران، وهو ما دفع رئيس الحكومة المكلَّف، بنيامين نتنياهو، أيضاً، إلى وصْفه بأنه شراكة إشكالية” مضيفاً أنه “في الحالة الأولى (أي الحاجة الإيرانية إلى روسيا)، تبقى العلاقة محكومة بالسقف الروسي بشكل أو بآخر، كما أنها تعبّر عن محدودية خيارات إيران نتيجة تفاقُم الصعوبات أمامها، ومحاولتها تجاوُزها من خلال تعزيز صِلاتها مع الدول الشرقية”.