خاص|| أثر برس تواجه فرقة “الفرات الموسيقية الغنائية” صعوبة في الحفاظ على استمراريتها بسبب فقدان كوادرها الذين هاجر معظمهم خارج البلاد، بالإضافة إلى فقدان الدعم المادي لهذه الفرقة التي تم تأسيسها عام 1986، حيث حافظت الفرقة منذ ذلك الحين على ألوان الغناء الفراتي.
بعد استعادة الدولة السورية السيطرة على محافظة دير الزور عام 2018، أعادت مديرية الثقافة تأهيل المراكز الثقافيّة، وتنشيط فرقها بمختلف أنواع فاعلياتها، منها “آزورا” المسرحيّة وفرقة الفنون الشعبيّة، كذلك فرقة الفرات الموسيقية الغنائية، كما يشير مدير الثقافة بدير الزور إبراهيم الراوي، في حديثه لـ “أثر”: “لا يخفى على أحد الصعوبات التي تواجه فرقة الفرات الموسيقيّة الغنائية من نزيف في كوادرها نتيجة الظروف التي عاشوها، فمنهم من غادر خارج دير الزور إلى محافظات أخرى، ومنهم من توجه خارج سوريا إلى دول عربية، سيما الخليجيّة منها، لتبدو الضائقة المعيشيّة أحد أبرز أسباب هذا النزيف، فمن ينضم للفرقة في الأغلب لهم خبرة بالفن”، مشيراً إلى أن “الدعم الرسمي لا يكفي لأعمال كهذه تتطلب استمراريتها، وعلى الرغم من ذلك فإن الفرقة حرصت دوماً على إحياء مهرجاناتها السنوية ممثلة بمهرجاني الأغنية الفراتية التراثية، والأغنية الفراتية الجديدة، إضافةً للفعاليات الاحتفالية الوطنيّة، ناهيك عما تقدمه من تدريبات للهواة ومحبي الموسيقا والطرب مجاناً، ونعتب على غياب دعم رجال الأعمال والفاعليات المُجتمعيّة كحال جوانب أخرى تلقى دعمهم مثل الأنشطة الرياضية وفرقها”.
وأكد مدير الفرقة الشاعر الغنائي مازن علوش، حاجة فرقتهم إلى الدعم من القطاع الخاص لاستمرار الفرقة، فانقطعت نشاطاتها بحكم الأحداث التي عاشتها دير الزور، لكنها عادت من جديد، مبيناً أن “الفرات الموسيقية” ضمت ما يزيد على عشرين عازفاً، وأكثر من ذلك مطربين، أما حالياً لا يوجد سوى 9 مطربين، و7 عازفين، ومن ضمنهم رئيس الفرقة المطرب الفراتي الكبير جمال دوير، ولفت علوش إلى أن الفرقة مر عليها كبار مطربي دير الزور ومنهم: “نبيل الآغا، ومحمد هزاع، وسالم رمضان، ومحمد عثمان، وحسين حداوي، وعبد القادر حناوي، وأمين ياسين، وعماد جراد، وعماد حديدي، وحمدان العيسى، ونضال مداد، وإسكندر عبيد وآخرين، كذلك ضمت عازفين كبار أمثال: يوسف الجاسم أول قائد للفرقة، ويحيى عبد الجبار، وجمال دوير، وبسام الجاسم، وعامر مجبل، ورياض نويصر، وحازم العاني.
وأضاف علّوش أنه “في السابق كان الاستقطاب واسعاً والإقبال كثيفاً للعمل فيها، أما الآن فإن ما يتلقاه عناصرها لا يتعدى راتبهم الشهري من الجهات التي يعملون بها، وشيء ضئيل لربما يأتي كمكافآت ليست بالمُشجعة، علماً أن أبواب المركز الثقافي مفتوحة للراغبين بالانضمام بعد تلقيهم التدريب اللازم الذي يُمكنهم من اختيار طريقهم، سواء طرباً أم عزفاً”.
بدوره أكد العازف بسام الجاسم، والذي تجاوز الستين عاماً، وقال لـ”أثر”: “فرقة الفرات الموسيقيّة الغنائية ليست وليدة اليوم أو البارحة، هي قاربت من العمر عقدها الرابع، كان الحفاظ على التراث الغنائي الفراتي دينها، وأضافت بخبرة إدارتها وكوادرها الجديد لهذا اللون المُغيب نوعاً ما عن الساحة الغنائية السوريّة، وبعمل كهذا تحتاج إلى تفرغ كامل للكوادر، ودعم سخي لا يقتصر على ما يُقدم من وزارة الثقافة، بل يتجاوزه أيضاً إلى الفاعليات الاقتصادية والمنظمات الدوليّة الناشطة، وعلى الرغم من ذلك فإننا نجهد لتدريب شبان وشابات وفتيان وفتيات عدة لمواصلة مسيرة هذه الفرقة، الفن هو عشق نعم ولاشك، لكن مده بالدعم يمنح صاحبه دافعاً أكبر للعطاء، وهو أيضاً عربون تقدير للفن”، مضيفاً: “تقاعدت من عملي ، لكني ما زلت مواظباً على الحضور في المركز الثقافي وأواصل مع زملائي تدريب الكوادر الجديدة كمن ينتظر أملاً بخلاص ينقذ الفرقة من الغياب”.
يشار إلى أن فرقة الفرات الموسيقيّة الغنائية تُعنى بالحفاظ على اللون الغنائي الفراتي بأنواعه المُختلفة والتي تقترب من الألوان الطربيّة العراقية وأبرزها في دير الزور وعموم الشرق السوري هي (اللالا الفراتية، والموليا والميجانا، والبوردين، والأبوذية، والمايا والسويحلي وغيرها من ألوان)، وفيها تجد مسحة حزن طاغية كـ “العتابا، والموال”، والفرقة تعمل على إحياء هذا التراث الغني حسب ما ختم به حديثه مديرها الشاعر الغنائي مازن علوش.
عثمان الخلف- دير الزور