خاص || أثر برس منذ ظهور معالم الخريطة الدراميّة للموسم الرمضاني، تهافتت الأصداء الإيجابية حول العودة القوية للدراما السورية الخالصة والتي حجزت لنفسها مساحة كبيرة في الفضائيّات العربيّة، ومع عرض حلقات الأعمال حتى نهايتها انقسمت آراء الجمهور بين مؤيّدٍ لهذه الأعمال وبين معارضٍ لها، ومنهم من تباينت آراؤه بين عملٍ وآخر.
وشهد الموسم الدراميّ عودةً قويّةً للدراما الاجتماعيّة، وتراجعاً كبيراً في أعمال البيئة الشاميّة، وحضوراً خجولاً للأعمال الكوميديّة، وغياب الأعمال التاريخيّة، وهنا تُطرح عدة تساؤلات؛ هل أدت الدراما الاجتماعيّة دورها؟ وماذا عن الأنواع الأخرى؟ وماذا تفتقد؟ وهل وصلت لمرحلة المنافسة مع نظيرتها المصرية؟.
الدراما الاجتماعية:
“لم تتمكن أعمال الدراما الاجتماعيّة في الموسم الرمضاني لعام 2024 الاقتراب كثيراً من الفرد والمجتمع لتكون منعكساً لهما أو لتكون ضوءاً مسلّطاً على القضايا الاجتماعيّة التي تميّزت بها المسلسلات السوريّة لا سيّما في التسعينيات من القرن الماضي وبداية الألفينات من القرن الحالي” بحسب ما أشار إليه الصحفي والناقد الفني عامر فؤاد عامر في حديثه لـ”أثر”، متابعاً: “يمكن القول إن هناك محاولات جادّة ومحترمة رأيناها هذا الموسم مثل مسلسل (أغمض عينيك) فالجمهور عبّر عن سعادته أثناء متابعة هذا العمل، واعتبر أن له رونقاً يشبه الدراما المعتادة في المسلسلات السوريّة القديمة المتميّزة بطرحها الاجتماعي، ومعالجة الكثير من المسائل التي تشبه الإنسان السوري والعربي معاً، لكن ما تبقى من الأعمال لم يكن سوى محاولات منها ما كان فاشلاً، ومنها ما بقي قيد المحاولة ليس أكثر”.
أما الكاتب أحمد السح قال في حواره مع “أثر”: “نحن نحمّل الدراما أكبر من طاقتها إذا طلبنا منها أن تعكس الواقع، “فالواقع أدب رديء” كل ما يمكن أن تقدمه هو مقاربة إلى حدٍ ما لبعض القصص الحياتية التي تلهم الجمهور وتشبع رغباته، في موسم الأعمال التي عرضت لهذا العام كانت هناك بعض القضايا الجيدة التي تشير إلى بعض النقط الحياتية الهامة، ولكن يبقى السؤال: كيف نقدم هذه القضايا ومن أي زاوية تناقش؟
“بعض الأعمال حاولت تناول الواقع الحالي وتأخذ منه مواد لأعمالها”، بحسب ما اعتبر الصحفي والناقد الفني شارل عبد العزيز في حديثه لـ “أثر”، مضيفاً: “مثلاً كسر عضم عرض مشكلات قطع الكهرباء والمياه، ولكن بطرح مباشر جداً ومقحم بالعمل وغير صادق، أما مسلسل ولاد بديعة هو عمل فانتازي أكثر من عمل واقعي، ويوجد فيه شيء من المبالغة، ومسلسل مال القبان قدم صوراً عديدة من الواقع الحالي نوعاً ما، فهو لم يلامس يوميات المواطن بشكل عام ولكنه تناول الواقع الاجتماعيّ كالفساد والعلاقات الاجتماعية الحاليّة، أما مسلسل أغمض عينيك تناول قصة إنسانيّة وتطرق للحياة الجامعية ولموضوع تسريب الأسئلة وصعوبات الحياة والواقع الحالي، بالعموم كان هناك جوانب لتقديم الواقع الحالي ولكن بطرح خجول”.
الصحفي الفني بسام جميدة يرى الدراما السورية في سنواتها الأخيرة أن لم تحمل من انعكاس المجتمع السوري سوى الديكورات المكلفة والمجاميع والرموز الوهمية التي لا تعبر عن خليط المجتمع السوري، وأن قضايا المجتمع ليست كلها فساد وبغاء وجرائم وخيانات وليالي حمراء، فهذه الفانتازيا المجتمعية التي يتم الترويج على أنها قد تحدث في أي مكان وزمان ليست كل القضايا، وليست كلها مجتمع زعران وقبضايات وظلم، الإدهاش البصري لا يمنع من التفكير بالمضمون الذي يتم تسويقه.
وأردف بحديثه مع “أثر”: للأسف النصوص في غالبيتها ابتعدت عن القضايا المهمة التي تمس أرواح الناس وتهفو لمشاهدتها؛ ما يقدم ينتمي للأعمال الهوليودية وتكساس قياساً لحجم العنف والدم والقسوة والخيانات والحب المبتذل، وافتقدنا دراما تشبه رسائل الحب والحرب وعصي الدمع وقاع المدينة وهجرة القلوب إلى القلوب وضبو الشناتي وغيرها ممن كنا نجتمع لمتابعتها، فأصبحنا نبحث عن مخرج يقدم لنا رؤيته الفكرية والاجتماعية التي تلامس فعلا قضايا المجتمع.
واعتبر أنه ما يقدم من نصوص هو للتسويق والإثارة فقط وتلبي فقط ميول الشركات الإنتاجية، قائلاً: “وحتى لا أدخل في النيات وأكون آثماً” فما يكتب من أعمال أصبحنا نخجل من متابعتها مع عائلاتنا، كما أنها تزيد من وجعنا الذي ينتابنا، ولا يوجد من يجسده فعلا ويعالجه وتمرير التفاهات في النصوص لا يعني أن المجتمع كله بهذا السوء، فللدراما دور يجب أن تقدمه بعيداً عن الفرجة، كما هو دور الأدب بشكل عام، لكن يبدو أن هناك من يريد تسفيه وتسطيح قضايا المجتمع السوري، بل وعرضه للعالم على أن هذا هو السائد وهذه بضاعتنا و”تعالوا تفرجوا”.
دراما البيئة الشاميّة:
أرجع الصحفي والناقد الفني عامر فؤاد عامر سبب تراجع دراما البيئة الشامية للابتعاد عن المهم في القصص؛ والالتفات إلى غير المهم منها، ولأنّ المادّة الدراميّة من هذا الصنف تجد سوقها السريع لدى المحطات العربيّة ومتابعيها من الجمهور العربي، لذلك الاعتناء بها لم يعد غاية منذ سنوات وليس فقط في هذ الموسم، ومحليّاً الجميع يتفق على اختناق المتلقي من هذه الأعمال لأننا ندرك من دواخلنا بأنها لا تتابع ولا تضيف شيئاً للمتلقي سوى إضاعة الوقت.
وأكمل: لكن من اللافت الإشادة بمسلسل (تاج) الذي يمكن وصفه بأنه قدّم البيئة الشاميّة بطريقة محترمة من لوكيشنات داخليّة وخارجيّة، ومن قصّة ومضمون وأحداث تاريخيّة خدمت الحكاية، ومن تمثيل، وإخراج، وإذا كنّا نريد لعمل من صنف البيئة الشاميّة أن يتميّز فليحتذي بمسلسل (تاج).
بينما اعتبر الكاتب أحمد السح أن أعمال البيئة الشامية تحتاج إلى عنصرين، هما الحكاية، والمبالغة في الحكاية، قائلاً: “فنحن لا ننتظر منها مناقشة قضايا حقيقية ولا تحميلها رسائل قوية، أكثر ما يمكن أن ننتظره هو اعتماد صيغة فنية مسلية وفيها إفادة واحدة من حيث التركيز على فضيلة أخلاقية ما لا أن نطلب منها تحفيزاً لفعل إنساني ووطني كبير، لست متابعاً شغوفاً لهذا النوع من الأعمال منذ سنوات، وأجد أن الجيد فيها ربما يفشل لأسباب متعلقة بالتسويق أكثر مما يكون بسبب متعلق بالمحتوى”.
الصحفي والناقد الفني شارل عبد العزيز، أوضح أن مسلسل “العربجي” يعتبر مسلسلاً فانتازيّاً بحسب صناعه، أما مسلسل “بيت أهلي” فنصّه غير جيد على الإطلاق، فالقصة مملة ومكررة رغم وجود عدد كبير من الأبطال كأيمن زيدان وسلوم حداد وصفاء سلطان، ولكن حتى الإخراج لم يحقق أي نجاح، والصدارة كانت للأعمال الاجتماعية، ويكتفى بعمل بيئة شامية واحد ضمن الموسم الدرامي، ولكن الفكرة من الصعب نتيجة كثرة وجود هذه الأعمال تقديم عملاً جديداً يطرح أفكاراً جديدة وأن يخرج عن المألوف لأن البيئة محددة بالزمان والمكان.
وفي السياق، رأى الصحفي الفني بسام جميدة أنه لا يمكن تعميم عدم نجاح أعمال البيئة كلها، قد تكون هناك سقطات ومعالجات مغلوطة ولكنها لاقت رواجاً داخل وخارج البلاد رغم كل ما فيها من عيوب، هناك أعمال بيئية راقية عرضت في سنوات سابقة، ولكن لم تتكرر، وما أريد قوله إنه لا يجب تشويه أي مجتمع أو تأطيره بخلق أو فعل مشين، ولا يجب التعميم وكل مجتمع يحتمل الاختلاف ووجود الأشكال المتعددة، المرأة السورية ليست “داية” فقط، أو طباخة، أو تتصنع المشكلات، وليس كل الرجال في الحارات بهذه الذهنية وكلهم “زعران وقبضايات”، وهناك كتاب “حكائون” بامتياز، وقدموا البيئة السورية بمختلف مشاربها بطريقة معتدلة، ومن لم ينجح منهم كان بسبب التدخلات الإنتاجية والترميز المغلوط.
ماذا عن الأعمال الكوميديّة؟
بحسب عامر، الكوميديا صناعة ويجب متابعة تقديمها عبر مسلسلات واسكتشات مستمرة، وليس من الضروري انتظار قدوم شهر رمضان، في سوريا الكوميديا تجارب فقط، وليست مشروع أو صناعة مستمرة، واليوم يتخوّف المنتج من أيّ تجربة كوميديّة، فعلى مدار سنوات الحرب لم تنجح سوى تجارب قليلة، وفشلت تجارب أكثر بالمقابل، لذلك يخاف من يدخل تجربة من هذا الصنف من الفشل فيها وعدم البيع، ولا بدّ أن غيابها لا يعطي صورة جيّدة عن الدراما السوريّة لكنّه مرتبط بما ذكرته في بداية الإجابة.
“الكوميديا ترتبط بقدرة الكاتب بالدرجة الأولى على الكتابة بنفس مثير، وترتبط كثيراً بالوضع المعيشي للمجتمع” وفق ما أشار إليه السح، مردفاً: المجتمع السوري لديه طبيعة خاصة، فهو لا يضحك مجاملة، ولا يمكن أن يضحك إلا من قلبه، وبالتالي لا يمكن للكتاب أن يكتبوا عن أشياء بطريقة الكوميديا السوداء إن لم يكن لديهم القدرة على تحقيق خرق اجتماعي، ونقل الجمهور من المأساة إلى الملهاة، والنكتة مرتبطة بالمجتمع فما يضحك الغربي لا يضحك الشرقي، وعليه فإن الأعمال الكوميدية ليست مطلوبة إلى حين تحسن الأوضاع في سوريا.
بينما عبد العزيز رأى أن السبب الرئيسي لغياب الدراما الكوميدية هو أزمة النصوص بشكل عام وتحديداً بالأعمال الكوميدية، وهذا الموسم حضر مسلسل “ما اختلفنا” ضمن الكوميديا، وكان فيه بعض اللوحات الجيدة، وأيضاً هناك لوحات دون المستوى لم تحمل جديداً، وهناك لوحة تكرار للوحة من بقعة ضوء، واصفاً: لا يوجد لدينا نصوصاً كوميدية معاصرة جديدة مختلفة عم قدم سابقاً تواكب العام الحالي، وأيضاً المزاج العام أو السوق لا يطلبها، فصناع الدراما هم رهن لشركات الإنتاج وللفضائيات والتي تحدد طلبها بأعمال شامية لسهولة التسويق، أو اجتماعية، وقلّة الأعمال التاريخية والكوميدية، مع العلم أن فناني سوريا قادرون على عمل الدراما الكوميدية ولكن النص وغياب المشروع، ويؤثر على تنوع الدراما، فهناك أصوات تطالب بوجود الأعمال الكوميدية لتعديل الكفة ويضيف شيء من الروح على أعمالنا.
جميدة تحدث قائلاً: من المؤسف جداً أن تغيب الكوميديا عن الإنتاج السوري وبهذا الشكل وفي الوقت الذي يحتاج فيه المتابع إلى ما يخفف عنه أعباء الزمن الذي يمر ثقالا عليه، وماذا يعني أن تعيد على مرأى المتفرجين مشاهد القتل والدم والفجاعة؟ أليس من واجب الدراما أن تكون ناعمة وفيها من الترفيه ما يجمع شتات الأسر السورية، ولعل ابتعاد بعض الكتاب المتخصصين بهذا النوع من الكتابة ساهم بغياب الأعمال، ولعل أيضا إهمال الجهات الإنتاجية للكوميديا وعدم السخاء عليها سبب آخر، يجب البحث عن نصوص كوميدية راقية، بدل البحث عن هذا الإسفاف الذي يشوه المجتمع السوري بكل آسف، فإبعاد الكوميديا عن الشاشة ناقوس خطر يجب أن يقرع بقوة كي لا يخيّم السواد أكثر على المتفرج الذي هو المتلقي الحقيقي لكل عمل تلفزيوني.
ماذا تفتقد درامانا؟
بيّن عامر أن درامانا تفتقد اليوم الصدق، فعندما نبتعد في طرح القضايا عن الأساسيّات التي تلامسنا فستكون عندها الدراما فاقدة لعنصر جوهري وضروري، ونفتقد في درامانا اليوم للنبل ودعم القيم الأخلاقيّة، فعندما نهرب للفجاجة والجريمة والعنف والابتذال في معالجة الصورة ستكون بعدها الدراما بحاجة للعلاج النفسي، كما نفتقد في درامانا اليوم إلى الحبّ، وعندما تفتقد قصصنا للحبّ سيغيب أهمّ عامل جذب وأهمّ شيء يحتاجه الإنسان في هذه الفترة، وبالتالي تبقى درامانا فاقدة للوزن ومترنحة في مشيتها.
أكد السح أن درامانا تفتقد التحول إلى صناعة متماسكة فيها منتج محلي من الألف إلى الياء ، قنوات ومنصات ورأس مال محلي، نحن نعيش في زمن صناعة درامية تحويلية، رأس مال خارجي وقنوات ومنصات عرض خارجية والتصنيع ربما يكون بأيد بعضها محلي، ولكن كل هذا يفرض شروطه، ولذلك فالأعمال السورية الناجحة هي التي التزمت بالمعايير الفنية المحلية والتي انطلقت منها إلى العربية، أما أن يبقى التنفيذ عين إلى الداخل وعين إلى الخارج، أصاب الدراما بحوَل إنتاجي وفني، قائلاً: “مع تقديري واحترامي لظاهرة الحول الخَلقي ولا اعتراض على خلق الله”.
عبد العزيز، شرح أن درامانا تفتقد رؤوس الأموال والفضائيات السورية ودورة صناعيّة كاملة للإنتاج، وهناك فهم خاطئ لكتابة السيناريو فمازالت طريقة الكتابة قديمة نوعاً ما، وشح بأسماء المخرجين، وهناك أشخاص مازالوا يعملون بطريقة التسعينات وهذه مشكلة كبيرة، فنحن بحاجة للاطلاع على التجارة العربية والأجنبية لمعرفة مفاهيم الكتابة والصناعة والدرامية وأيضاً الشللية تؤثر، ويجب أن تنحل هذا المشكلات لأن الدراما السورية محبوبة ومطلوبة من غالبية القنوات العربية فمازلنا قادرين على تصديرها.
أما جميدة وصف أن درامانا تفتقد لمن يملك مشروع فكري بعيداً عن إغراء المال الذي يتسابقون لأجله، ومهما يكن الظرف الاقتصادي فلا يجب أن ينساق الجميع وراءه، يجب أن يكون هناك من لديهم الضمير المهني الذي يخلدهم، كما خلد حاتم علي مثلاً، وكما أقول في الرياضة، لو أن الأموال التي تصرف على عقود اللاعبين وكرة القدم السورية توزعت على الفقراء لاستمتعوا أكثر وفرحوا أكثر من تسجيل هدف، ولو أن ميزانيات الأعمال توزعت على من يتم تصويرهم يفعلون كل هذه الموبقات من أجل المال، لكان لدينا مجتمع خالٍ مما يتم تصويره لنا، ولكانت دراما الحياة أكثر حنانا مما يعرض علينا من قساوة.
هل نافست درامانا الدراما المصريّة؟
أوضح عامر أنه لا يمكننا منافسة أي دراما بثلاثة أعمال جيّدة في حين أن ما تبقى من الأعمال هو دون الوسط وأقلّ، ولا يمكن غشّ المتلقي بجودة المادّة الدراميّة أو عدمها بسبب انشغال صفحات التواصل بالإشادة بمسلسل وتصدره تريندات على مدار أيّام الشهر الفضيل، ما يمكن قوله هو أنّ الدراما السوريّة حاضرة، وتحاول أن تقف من جديد على قدميها وتتعافى من سمومها، لكن هذا لا يعني أنّ الدراما العربيّة على تنوّعها من مصريّة وخليجيّة وغيرها أنّها ممتازة، بل على العكس لديها مشكلات وهموم كثيرة، ولربّما مقارنةً بهمومنا ومشكلاتنا في صناعة الدراما تُعدّ أقلّ مما تعانيه درامانا، وبالمحصلة يمكن وصف الدراما العربيّة عموماً بأنّها دراما مقصّرة، ودراما مريضة، وبعيدة عن الناس.
“لا يمكن لأي نوع من الأنواع الدرامية منافسة الدراما المصرية بسبب التنوع، فالمصريون لديهم صناعة فيها رؤوس أموال محلية وفيها إشراف حكومية وتوجيه عن بعد”، بحسب السح، مضيفاً: وفيها تنوع يشمل كافة الشرائح، فالمنتج المصري لكي يحقق أرقام رابحة لا يحتاج إلى مشاهدات خارج البلاد، فالجمهور المصري يكفي والمنصات المصرية تكفي وقنوات العرض المصرية تكفي، وبالتالي من أراد أن يشاهد ما يقدمه المصريون بشروطهم فأهلا وسهلاً وإلا فإنهم لا يخضعون لشروط أية محطة أو قناة خارجية، وهذا ما لم تفعله الدراما السورية منذ أكثر من 25 سنة، بما فيها ما سميت سنوات العصر الذهبي، رأس المال السوري مقيد ويريد أن يربح من الآخرين قبل أن يكسب ثقة الجمهور المحلي.
أما عبد العزيز أكد أن كل دراما لها خصوصيتها وتفاصيلها الخاصة، الدراما المصرية أفضل عموماً وهذا من باب الحالة العامة وليس من باب عمل مقابل عمل، فالدراما المصرية قادرة على صناعة كاملة من خلال وجود عدد كبير من الفنانين و شركات الإنتاج والمحطات الفضائية ورؤوس الأموال وسوق كامل قائم على صناعة الدراما.
وتابع: في سوريا مازلنا رهناً للفضائيات العربيّة وللمنصات وللأمزجة غير السوريّة لصناعة الدراما وهذا يؤثر على الذهنية العامة للإنتاج، فليس لدينا صناعة قائمة بحد ذاتها للدراما ولكن عندنا تنفيذ أعمال دراميّة وبالمقابل نعاني من شح الفضائيات السوريّة لتشتري هذا الإنتاج، والذي يجعل المنتج أن يختار داعم من الفضائيات العربية وهذا يخفض الإنتاج الدرامي، فالإنتاج المصري للدراما أكمل وأوسع وأفضل من الإنتاج السوري عموماً ولو أن لدينا كمّ كبير من النجوم والدراما المصرية استعانت وتستعين بنجومنا ولا ينقصنا شيء من حيث النصوص والأفكار، فقط بالصناعة والذهنية بشكل عام ومشكلات تتعلق بالرقابة والتسهيلات، فهي ليست مشكلات فنية بل إنتاجية وتسويقية.
بينما جميدة أشار إلى أنه في ظل غياب الإحصائيات التي تدلل على حجم المتابعة والقيم السوقية للأعمال عبر المشاهدات، ومن باع ومن اشترى وبأي الأسعار لا يمكن الحكم على شدة المنافسة والحضور الأقوى لمن، فالدراما المصرية لها ماضيها وحاضرها ومن يتابعها وحسب التعداد السكاني لمصر نستنتج أنها منافس قوي على الأقل في موطنها، وبالدول العربية، في الوقت الذي تغيب عن السوريين الكهرباء مثلاً، وحتى إن كانت هناك منافسة فلا أظنها اليوم ترجح كفة الدراما السورية، فالكوادر وتقنيات التصوير والمشاهد الخلابة بات الجميع يتقنها، والغلبة للمعالجات التي تشد المتلقي أكثر ويشعر انها تلامس قضاياه المصيرية بعيدا عن هذه البشاعة البصرية.
الجدير ذكره، أن دراما الموسم الحالي تضمنت عدة أعمال اجتماعية كولاد بديعة ومال القبان وأغمض عينيك والصديقات، أما أعمال البيئة الشامية تحددت في تاج وبيت أهلي وعزك يا شام والوشم، والفانتازيا تجسدت في مسلسل العربجي، والكوميديّة منها في مسلسل ما اختلفنا.
أمير حقوق