بدأت روسيا تعلن عن تغيرات عديدة في موقفها السياسي في الحرب السورية، وذلك من خلال قولها بدخول دول أوروبية في دائرة الحل السياسي، خصوصاً بعد الضربة العسكرية الثلاثية التي شنتها كل من أمريكا وفرنسا وبريطانيا على سوريا، حيث أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن استعداده للقاء نظيره الأمريكي دونالد ترامب، وفقاً لما أكده وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد أن الدول التي شنت الضربة العسكرية لم تتجاوز الخطوط الحمراء، هذا الأمر ترافق مع دخول قوات فرنسية إلى سوريا، إضافة إلى محاولات فرنسا توطيد علاقاتها مع روسيا في سوريا.
فقالت صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية:
“الاتجاه إلى التماس صيغ جديدة للمفاوضات السورية تلقت دفعاً جديداً مع وصول إيمانويل ماكرون إلى السلطة في فرنسا، ففي البداية، أراد الفرنسيون الرهان على الاتحاد مع روسيا، وحين دعي بوتين إلى فرساي، كانت القضية المهمة التي تحدث عنها ماكرون، هي أن فرنسا وروسيا بحاجة إلى العمل معا في التسوية السورية”.
وتناولت صحيفة “فرانكفورتر” الألمانية مصالح روسيا من بقاءها في سوريا والحفاظ على قوة وجودها فيها فقالت:
“في برلين يعرفون أهمية القاعدتين العسكريتين الروسيتين بميناء طرطوس ومطار اللاذقية، باعتبارهما يمثلان كل شيء لروسيا في جنوبي البوسفور، ولتحول بدونهما المتوسط لبحر خالص لحلف شمال الأطلسي، ولدورهما كحجر الأساس لتنظيم حركة وعمليات الغواصات وحاملات الطائرات الروسية بالمنطقة بين مضيق الدردنيل وقناة السويس ومضيق جبل طارق”.
أما صحيفة “العرب” اللندنية فأشارت إلى أنه لا يوجد فروق بين سياسة روسيا الحقيقية في سوريا، وسياسات باقي الأطراف مثل أمريكا وفرنسا وبريطانيا وغيرها، حيث ورد فيها:
“التمايز بين موقف روسيا والأطراف الدولية الأخرى ليس كبيراً، لكن المشكلة بالضبط تتعلّق بمدى حماس تلك الأطراف للإجابة عن سؤال غاية في الأهمية وهو هل أن هذه الأطراف تعتقد بأنه آن الأوان لوقف الصراع السوري، وفرض حلّ سياسي معيّن، سيما مع معرفتنا بأن الأطراف المعنية، اشتغلت طوال السنوات السبع الماضية على إدامة هذا الصراع، بدل حسمه، وعلى ترك القوى تستنزف بعضها على حساب الشعب السوري”.
بات من الواضح أن روسيا حريصة على كسب ثقة جميع الأطراف حين تدخل إلى سوريا، أو إلى البحر المتوسط بشكل عام وبغض النظر عن علاقاتها مع هذه الدول داخلياً وذلك من خلال اللعب على عدة جهات، مثلما أعلن بوتين عن استعداده للقاء ترامب بالرغم من كل الخلافات التي يشهدها البلدين، وعندما أعلنت فرنسا عن نيتها للدخول إلى سوريا بطريقة علنية بدأت بتوطيد علاقاته معها، إضافة إلى تركيا التي تواجه في هذه الفترة توتر في العلاقات مع كل من فرنسا وأمريكا، لا تزال تحاول مساعدتها في الوصول إلى إدلب والسيطرة عليها سواء من البوابة العسكرية أو السياسية حين أوكلتها مهمة مراقبة اتفاق “خفض التوتر” فيها.