أثر برس

زياد غصن يكتب عن الحصاد الإحصائي السنوي (1/2).. زيادة في الوفيات وقوة العمل والبطالة.. ولا تقديرات عن عدد السكان

by Athr Press G

زياد غصن || أثر برس متأخراً كما هي العادة، نشر المكتب المركزي للإحصاء مؤخراً مجموعته الإحصائية السنوية لعام 2022، مغيراً تسميتها من المجموعة الإحصائية إلى الكتاب الإحصائي السنوي، مع إضافة لمسات إخراجية جديدة على الغلاف لم تحجب وجود تناقضات وتباينات في البيانات، التي نشرت من دون أي توضيح لمستخدم الرقم الإحصائي يساعده على قراءة البيانات بشكل صحيح، لذلك كان من الأجدى إضافة بعض الملاحظات وتوسيع هامش بعض الشروحات المقدمة في بداية كل فصل. وهذه جزء من مهمة المكتب، فهو غير معني فقط بإنتاج البيانات والأرقام، وإنما تحليلها أيضاً بموضوعية وشفافية مطلقة.

لنعترف بداية أن التناقضات والتباينات هي نتيجة تراكم سنوات من تجاهل حكومي لوضع المكتب المركزي للإحصاء ومخرجاته، وتالياً فكل الملاحظات المثارة لا تنال من جهد العاملين في المكتب بقدر ما تسلط الضوء على ما وصل إليه التجاهل الحكومي من نتائج تضعف مصداقية الرقم الإحصائي وعدم دقته، رغم الحاجة الماسة له في هذه المرحلة.

سنحاول عبر هذه المادة وغيرها تقديم قراءة لبعض البيانات والأرقام الواردة في المجموعة الإحصائية، على أمل أن تتنبه الحكومة لأهمية المكتب وضرورة دعمه مادياً وبشرياً، إذ إن التعاميم لا تكفي لإنتاج رقم إحصائي دقيق.

– السكان والمؤشرات الديمغرافية:

الحصول على تقدير رسمي لعدد السكان المقيمين فعلياً في البلاد هو أكثر ما يبحث عنه المتابعون للشأن العام، وهذا ما لا نجده في الفصل المتعلق بالسكان والمتغيرات الديمغرافية، إذ إن التقديرات الخاصة بعدد السكان حسب المحافظات في منتصف عام الإصدار للمجموعة لم تُحدث في عام 2022، وبقي الجدول هو نفسه المنشور في المجموعة الإحصائية للعام 2021، والذي يتضمن تقديرات لعدد السكان منتصف العام 2021 وليس 2022 كما هو المفترض. ونحن نتحدث عن سيناريو الأزمة.

أما من جهة عدد السكان داخل البلاد وخارجها وفقاً لسجلات الأحوال المدنية فقد بلغ مع بداية عام 2021 حوالي 29 مليون نسمة بزيادة قدرها 652 ألف نسمة فقط مقارنة بالفترة نفسها من العام 2020، والذي سجل وفقاُ للمجموعة الإحصائية حوالي 28.3 مليون نسمة، لكن بالعودة إلى المجموعة الإحصائية الصادرة عام 2021 سوف نجد أن عدد السكان بداية عام 2020 بلغ حوالي 28.8 مليون نسمة أي بزيادة قدرها 492 ألف نسمة عن الرقم نفسه الوارد في مجموعة عام 2022، وقد برر المكتب ذلك بأن تعديل البيانات تم من قبل الأحوال المدنية تبعاً لنظام الأمانة الواحدة الجديد في سوريا.

المؤشر الثاني الهام في هذا الفصل يتعلق بعدد الوفيات الحديثة المسجلة عام 2021، والذي تؤكد المجموعة الجديدة أن عددها في جميع المحافظات بلا استثناء بلغ نحو 89295 وفاة وبزيادة قدرها حوالي 58.22% مقارنة مع وفيات عام 2020، لكن مع ملاحظات أن وفيات العام 2020 الواردة في المجموعة الإحصائية لعام 2021 لم تتضمن حالات الوفيات لأربع محافظات هي: حلب، إدلب، دير الزور، والرقة. وهذه إجمالي وفياتها المسجلة عام 2021 تبلغ حوالي 21993 وفاة، وعليه فإذا اعتبرنا أن وفيات المحافظات الأربع المسجلة في العام 2021 هي نفسها المسجلة في العام 2020 وأضفناها إلى الإجمالي، فإن الفارق بين وفيات العامين المذكورين بعد لحظة الافتراض السابق يصبح 10867 وفاة، أي أن نسبة زيادة وفيات عام 2021 عن العام السابق تصل إلى 13.85%.

إذا هناك زيادة واضحة في أعداد الوفيات المسجلة في العام 2021، ونسبتها لا تقل عن 13.8%، وهو أمر متوقع في ضوء العوامل التالية:

-انتشار فيروس كوفيد19 وما نجم عنه من وفيات لم يتم تقدير أعدادها بشكل كامل، إنما هي كانت واضحة للعيان ومؤكدة طبياً من خلال تصريحات الأطباء المعنيين بمواجهة هذا الفيروس.

-زيادة الضغوط النفسية والاجتماعية الناجمة عن الأوضاع المعيشية المتدهورة، وما ارتفاع أعداد الوفيات بين الشباب وصغار السن نتيجة الجلطات القلبية والدماغية إلا مثالاً على ذلك.

-اهتمام معظم الأسر بتسجيل وفيات أفرادها في العام 2021، وهذا يمكن استنتاجه من خلال الزيادة الهائلة في أعداد الوفيات المكتومة التي سجلت في العام 2021 وتعود لأعوام سابقة، فقد بلغ عددها 20149 وفاة مقابل10238 وفاة في العام 2020، مع التذكير مجدداً بأن هناك أربع محافظات لم تذكر عنها أي بيانات آنذاك.

في المقابل تظهر البيانات المتعلقة بالولادات الحديثة المسجلة في العام 2021 وجود تراجع في عددها مقارنة بالعام 2020 وبنسبة تقدر بحوالي -4.17%. واللافت أن بيانات العام 2020 لم تكن تتضمن ولادات أربع محافظات هي: حلب، إدلب، دير الزور، والرقة. وهذه سجلت في العام 2021 حوالي 17 ألف ولادة، الأمر الذي يجعل من نسبة التراجع أكبر مما ذكر سابقاً. وحسب المجموعة عام 2022 فإن عدد الولادات الحديثة المسجلة في العام 2021 بلغت 414175 مولود، فيما كان العدد يبلغ في العام 2020 (عدا أربع محافظات مذكورة سابقاً) حوالي 432237 مولود.

– العمل وقوته:

في البيانات المتعلقة بقوة العمل، تتكرر مجدداً التساؤلات المثارة سنوياً حول مدى تمثيل بيانات قوة العمل ومعدل البطالة للواقع فعلياً، وحسب بيانات المجموعة لعام 2021 فإن قوة العمل زادت بحوالي 509 آلاف شخص مقارنة بالعام السابق أي ما نسبته 8.8%، حيث قدر حجم قوة العمل في العام 2021 بحوالي 6.235 ملايين شخص، لكن مع استثناء مناطق في خمس محافظات هي غالباً خارج سيطرة الحكومة. وتضيف البيانات أن عدد المشتغلين بلغ حوالي 4.872 شخص، مشكلين بذلك ما نسبته حوالي 78.1% من إجمالي قوة العمل، في حين قدر عدد العاطلين عن العمل بحوالي 1.362 مليون شخص أي ما نسبته 21.9% مقابل 20.9% في العام 2020.

وعلى الرغم من أن البيانات تظهر تراجعاً في نسبة المشتغلين من إجمالي حجم قوة العمل بين عامي 2020 و2021 وزيادة بسيطة في معدل البطالة خلال الفترة المشار إليها، إلا أن تتبع توزع الزيادة الحاصلة في حجم قوة العمل خلال العام 2021 تكشف أن عدد المشتغلين بين العامين المذكورين زاد بحوالي 345 ألف شخص، فيما عدد العاطلين عن العمل زاد بحوالي 164 ألف شخص… فكيف تمكنت الحكومة من توفير 345 ألف فرصة عمل في العام 2021، والذي كان بمنزلة عام الصدمة لجهة الانهيار المستمر في الأوضاع الاقتصادية؟

أما العاملون في الدولة فقد زاد عددهم بحوالي 11377 عامل، أي بنسبة 1.2% تقريباً، حيث بلغ عدد العاملين في الدولة في العام 2021 حوالي 906 آلاف عامل، فيما كان هذا العدد في العام السابق لا يتجاوز 895 ألف عامل. وبمقارنة بسيطة بين عامي 2020 و2021 فإننا سوف نجد أن الوزارات التي زاد عدد عمالها بنسب مختلفة، لكنها غالباً زيادة قليلة، هي: الاقتصاد، الكهرباء، الزراعة، النقل، الداخلية، التعليم العالي، التربية، الثقافة، العدل، التموين، والتنمية الإدارية. وباقي الوزارات شهدت تراجعاً في عدد عمالها باستثناء السياحة التي حافظت على رقم العام 2020 نظراً لعدم تحديثها للبيانات الخاصة بأعداد عامليها وفق ما أشارت ملاحظة للمكتب المركزي للإحصاء.

الحصاد السنوي للسكان

 

اقرأ أيضاً