خاص || أثر برس لم يعد مستغرباً في هذا الوضع الاقتصادي الصعب أن تعمل الفتيات مهناً يتقنها الشباب أو كانت حكراً عليهم؛ أو بصريح العبارة أن تتحول الفتاة إلى شاب لتوصيل الطلبات عبر الموتور.
أجرة التوصيل بـ4 آلاف من موقف جسر الرئيس إلى نهاية شارع الثورة “كل مسافة نصف كيلو متر يقطعها الموتور” يستلزم على الراكب دفع 4000 ليرة، وكلما زادت المسافة يزداد السعر، والراكب يجلس خلف السائق على الموتور الذي لا يتسع سوى لراكب واحد مع طفل صغير، هذا هو الحال هذه الأيام؛ فبعد صعوبة الحصول على مقعد في وسائل النقل العامة تحولت الموتورات والدراجات الهوائية إلى خدمة توصيل.
أيهم طالب جامعي يملك موتوراً يحاول استغلاله بتوصيل الطلبات حتى (يطالع مصروفه) بحسب تعبيره لـ “أثر”.
وعن زبائنه، قال أيهم: “أغلبهم ذكوراً ومعظمهم يكابرون على الصعود معي بحجة أن السرافيس هي خيارهم؛ ولكن بعد وقوفهم لوقت طويل يعودون ويطلبون مني توصيلهم ففي هذا الوقت بات الحصول على وسيلة نقل حلماً للكثيرين”.
وعن أعطال الموتور وتصليحاته، ذكر أيهم لـ “أثر”: “أحاول قدر الإمكان أن أعتني به أسبوعياً أفحصه عند المكنسيان وأغير له زيت وأقوم بعيار الدواليب”.
وفيما يخص الوقود بيّن أنه يشتريه “حراً” فهو يحتاج يومياً إلى 6 أو7 ليترات لزوم التوصيل، وإذا كان هناك ربح قال: “أعمل بنور الله وهناك عدد من الركاب يتركون لي إكرامية ويرأفون بحالي فأنا أعمل في البرد وتحت المطر وفي كل الأوقات”.
وعما إذا كان يفكر بترك المصلحة، أجاب لـ “أثر”: “حالياً لا أفكر ولكن عندما أتخرج من الجامعة سأبحث عن وظيفة تناسب شهادتي الجامعية حينها لن أكون مضطراً للعمل بهذه الأعمال”؛ مؤكداً أن العمل ليس عيباً مهما كان نوعه طالما أن الإنسان يعمل بكرامته.
أما هديل التي تعمل في العمل نفسه “سائقة موتور” وتدرس في آن معاً، قالت لـ “أثر”: “في البداية تعلمت قيادة الموتور لأنه كان حلماً لي وهذه الآلية ملكي؛ إذ شجعني زملائي في الجامعة ذكوراً وإناثاً على العمل بتوصيل الطلبات فرأيتها فكرة جيدة لأحصّل مصروفي الذي بات كبيراً: فطالب الجامعة يحتاج يومياً إلى ما يقارب 15 ألف ليرة ثمن مواصلات ناهيك عن المحاضرات وشراء أي شيء آخر قد يضطر له”.
وأَضافت: “زبوناتي من الجنس اللطيف فقط؛ ولست مضطرة لتوصيل أي شاب يجلس خلفي حتى لا أتعرض للمضايقات؛ وفي حال لم ترغب الفتاة بالصعود أوصل أولاداً في عمر 7ـ8 سنوات لا أكثر”.
ولفتت أيضاً إلى أنها تشتري الوقود حرّاً ويكفيها لمدة ثلاثة أيام وبعدها تعاود شراؤه وهكذا.
وتابعت لـ “أثر”: “المكسب معي في كل الأحوال فأنا آخذ على التوصيلة 5000 ليرة للشخص الواحد وإذا كان المكان قريباً (شغلة كم متر) أتقاضى 2000 ليرة؛ وفي حال ركبت سيدة وابنها صغير فإني أتقاضى منها 7500 للاثنين”.
وعن عملها يومياً قالت: “أحصل يومياً على ما يقارب 25 ألفاً أو30 ألف ليرة”، مشيرة إلى أن هذا المبلغ يذهب منه ما يقارب 7 آلاف ليرة صيانة وإصلاح الموتور أسبوعياً، فهي لا تذهب إلى أماكن بعيدة لا تعرفها.
وختمت هديل كلامها مبينة أن ثلاثة أرباع طلباتها وسط المدينة وأبعدها إلى الجسر الأبيض، وبالإشارة إلى أن الجسر الأبيض يعتبر مكاناً بعيداً، وأوضحت أنه مكان سكنها وعندما يأتيها طلب إلى هناك لا تعود للعمل وتكمل طريقها إلى المنزل.
إذاً، هذا هو حال السوريين في ظل الظروف الاقتصادية والوضع المعيشي الصعب الذي يعيشونه، باتوا يعملون بأي عمل يسد رمقهم ولا يحيجهم للطلب من أحد علها تفرج على جميع السوريين يوماً ما.
دينا عبد ـ دمشق