خاص|| أثر برس في الآونة الأخيرة عند الإعلان عن تنفيذ “عدوان إسرائيلي” على سوريا ، تتوجه الأنظار مباشرة إلى الموقف الذي يمكن أن تتخذه روسيا ضد هذه الاعتداءات، وذلك استناداً إلى التوتر الذي تشهده العلاقات “الروسية-الإسرائيلية” بسبب الحرب الأوكرانية وموقع “إسرائيل” المؤيد لواشنطن وحلف الناتو، لكن بعدما أعلنت “الدفاع الإسرائيلية” رسمياً تفعيل بطاريات الدفاع الجوي الروسي “إس 300” في سوريا باتجاه طائرة “إسرائيلية” في الأجواء السورية، وذلك بالتزامن مع التهديدات الروسية بإغلاق “الوكالة اليهودية” في روسيا، دفعت التحليلات بما فيها الروسية والعربية و”الإسرائيلية” والأوروبية، للإشارة إلى أننا قد نكون فعلاً مقبلين على سياسة روسية جديدة إزاء الغارات “الإسرائيلية” في سوريا.
الغارتان الجويتان اللتان نفذهما الكيان الإسرائيلي مساء أمس في ريف دمشق وجنوبي طرطوس، أطاحت بكافة التحليلات، فروسيا لم تتخذ أي إجراء فعلي للرد على هذه الغارة، بالرغم من أن الغارة التي استهدفت مواقع جنوبي محافظة طرطوس، تبعد عن القاعدة الروسية الموجودة هناك مسافة 8 كم، حيث أشار الخبراء إلى أن “إسرائيل” ربما تعمدت تنفيذ هذا الاستهداف وبهذا المكان بالتحديد لجس نبض روسيا، ولمعرفة هل من متغيرات في سياستها إزاء هذه الغارات أم أن موسكو لا تزال محافظة على آلية التنسيق بينها وبين “تل أبيب” بخصوص هذه الغارات، وقال في هذا الصدد المحلل السياسي حسان هاشم، المقيم في موسكو: “جزء من الغارة أمس تحمل حالة اختبار إسرائيلي لنوايا موسكو الحقيقية بخصوص الدفاعات الصاروخية ربما تل أبيب تسأل نفسها كيف سترد موسكو؟ هو اختبار تم الحديث عنه نهاية تموز الفائت بعد الإعلان عن تفعيل بطاريات الدفاع الجوي من قبل موسكو بعد غارة إسرائيلية في سماء سوريا”، وفي الوقت ذاته أشار هاشم إلى أن قرب الغارات “الإسرائيلية” من القاعدة الروسية يعتبر أيضاً إجراء “استفزازي” مشيراً إلى أن “حالة التوتر ما بين موسكو وتل أبيب قائمة ولم تشهد أي تحسن وليس هناك تصريحات رسمية بأن الخلافات تم حلها وربما تتطور”.
مسألة جس نبض روسيا من قبل “إسرائيلية” هي سياسة سبق أن أشارت إليها صحيفة “إسرائيل هيوم” العبرية عندما نشرت مقالاً حول الغارتين اللتين نفذتهما “إسرائيل” على سوريا في أيار الفائت وبفارق 6 أيام فقط، وتم وصفهما حينها بأنهما شديدتين واللتين تزامنتا حينها مع تحركات عسكرية روسية وُصفت بأنها “غير اعتيادية” في سوريا، حيث قالت الصحيفة في مقالها: “التطورات التي حدثت مقلقة بشكل خاص، لذا سيتعين على إسرائيل الآن انتظار الهجمات المقبلة في سوريا لفهم ما إذا كان هناك اتجاه جديد حقاً يدل على أن روسيا يمكن أن تعرقل حرية إسرائيل الجوية في سوريا”.
هجوم مجهول بمحيط القاعد ة الأمريكية في التنف جنوبي سوريا.. هل يرتبط بالغارتين “الإسرائيليتين”؟
بعد العدوانين “الإسرائيليين” على سوريا بساعات أعلن “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن عن تعرّض محيط القاعدة الأمريكية في التنف لهجوم مجهول بالطائرات المسيرة، أما مسألة ارتباط الحادثتين ببعضهما، فتظهر عند البحث بخيارات الرد الروسي على “إسرائيل” حيث قال في هذا الصدد المحلل السياسي حسان هاشم: “التوتر بين روسيا وإسرائيل، أبعد من أن يدخل روسيا في شكل مواجهة لا ترتضيه لنفسها، كأن تقف في مواجهة دولة كإسرائيل لأنها تعتبر نفسها دولة عظمى وإسرائيل تعرف في قرارة نفسها أنها بعيدة عن جعل موسكو نداً لها سياسيا أم عسكرياهي تعرف حجمها الطبيعي”.
وكذلك سبق أن طرح المحلل السياسي إيغور سوبوتين، في مقال نشره في صحيفة “نيزافيستيا غازيتا” الروسية تعقيباً على الغارة “الإسرائيلية” التي عطّلت مطار دمشق الدولي في حزيران الفائت، سيناريو مفاده ” لكل سيناريو قوة ثمن، فقد تكون النتيجة غير المباشرة للتصعيد الإسرائيلي سلسلة من الضربات على منشآت عسكرية أمريكية في المنطقة، فهناك مصادر في الإدارة الرئاسية الأمريكية اشتكت لشبكة إن بي سي، الأسبوع الماضي، من أن عدد مثل هذه الهجمات في العراق وسوريا زاد بشكل كارثي في الأشهر الأخيرة”.
السيناريو الذي طرحته التحليلات الروسية، لا ينفي اتخاذ إجراءات روسية مباشرة ضد “إسرائيل”، مثلما حصل في تموز الفائت عند تفعيل بطاريات “إس 300” الروسية باتجاه طائرة “إسرائيلية” دون أن تلحق بها أي ضرر، حيث أشار هاشم في حديث لـ”أثر” إلى أن العلاقات الروسية-الإسرائيلية آخذة في التوتر، لكن لا تصل إلى حد القطيعة أو المواجهة ولكن يمكن أن تتخذ موسكو خطوات تأديبية أو تنبيهيه في حال تكررت بالقرب من مواقع روسيا بقصد الاستفزاز وتشويه تماسك صورة الردع الروسي أو في حال مست صورة روسيا كدولة عظمى”.
تميل الترجيحات إلى فكرة أن سوريا حالياً خارج دائرة الصراع غير المباشر الدائر بين روسيا و”إسرائيل” وأنه في حال قررت موسكو تأديب “تل أبيب” بسبب موقفها من حرب أوكرانيا، فستفضل استخدام أوراق أخرى، وذلك نظراً إلى طبيعة الوضع السياسي والميداني القائم في سوريا.
زهراء سرحان