أثر برس

شابات سوريات اخترن الغربة هرباً من الأوضاع السيئة.. خبيرة اجتماعية لـ “أثر”: سوريا ستصبح مثل القارة العجوز خالية من الشباب والشابات

by Athr Press G

خاص || أثر برس لم تر سناء أي فرصة لتحسين واقعها المعيشي في سوريا، إذ لا يسمح لها عملها في الدوبلاج إلا بتأمين تكلفة الأكل والشرب، مستعينة بحوالة مالية شهرية تصل إليها من أخيها المقيم في السويد، لدفع بقية تكاليف المعيشة من مصاريف ضرورية.

تقول ذات الخمسة والثلاثين عاماً لـ “أثر”: “إن قرار الهجرة للسويد لم يكن خياراً، ولكن الظروف المحيطة بي أجبرتني على التفكير بالبحث عن فرصة أخرى للعمل والحياة خارج الحدود، لتأمين مستقبل أفضل، وخلاصاً من الركض وراء لقمة العيش وتوظيف الطاقة التي كنت أبذلها يومياً لتأمين الاستقرار”.

أكثر ما تفتقده سناء في الغربة هو طبخ والدتها والسهرات مع أصدقائها ولكن عندما تتذكر الوقوف لساعات للحصول على مقعد بالسرفيس والبحث الطويل عن محل يبيع الملابس بنصف القيمة، والجلوس أيام من دون كهرباء وماء، لا تندم على الخطوة التي أقدمت عليها، بحسب ما تقول.

سناء ليست الوحيدة من الشابات السوريات اللواتي اخترن حزم حقائبهن وسلك درب الغربة، فالشابة رولا أيضاً اختارت العمل في أربيل في اختصاص مختلف عن اختصاص دراستها للأدب العربي على أمل أن تكون بداية حياة جديدة.

تقول ذات الثلاثين عاماً لـ “أثر”: “بحثت عن حياة مستقرة، أصبح تحقيقها في سوريا شبه مستحيل، فالبقاء في البلاد أصبح “كابوساً” يلازم الجميع شباب وشابات، ولا حل إلا التفكير في الهجرة؛ فاليوم أعمل لساعات طويلة مقابل مبلغ مالي جيد أحتاج إلى أشهر كي أجمعه في سوريا”.

تكمل الشابة: “تم تأمين مسكن لي مع فتيات يعملن مثلي في مجال الحلاقة النسائية وبالتالي لا يوجد لدينا مصاريف سوى الطعام والشراب، لذلك أقوم بإرسال مبلغ لوالدتي ووالدي القاطنين في محافظة حمص لمساعدتهم في الغلاء الجنوني الذي يصيب سوريا”.

كانت رولا تعمل 8 ساعات يومياً براتب لا يتعدى 200 ألف شهرياً وهو لا يكفي ما بين إيجار منزل وأكل وشرب، فتقول: “كنت مضطرة لأخذ مصروف إضافي من أهلي، وهو ما زاد الأعباء عليهم، ولا سيما بعد رفع الدعم عن معظم المواد والسلع وانقطاع التيار الكهربائي بشكل كبير وانعدام وسائل النقل وغيرها الكثير من أسباب لا تعد ولا تحصى، لذلك فإن الهجرة تستحق تلك المغامرة، آملة بأن كل ما يحدث في الغربة، ينسى بعد أيام قليلة من الوصول إلى الهدف”.

يعتبر الهروب من الظروف المعيشية الصعبة داخل سوريا، والتي ازدادت خلال العامين الماضيين السبب الرئيس للتفكير في الهجرة إضافة للرواتب المنخفضة جداً، وتدهور القدرة الشرائية في ظل ارتفاع الأسعار غير المنطقي، وانعدام الخدمات العامة إضافة لانخفاض نسبة الزواج بشكل كبير.

وهنا تؤكد الدكتورة في علم الاجتماع أمينة الفاضل في تصريح لـ “أثر” أن ارتفاع نسبة العنوسة في سوريا أدى إلى فقدان الأمل لدى 60% من الفتيات، لذلك يلجأن للهروب من حياتهن المليئة بالضغوط الاقتصادية والاجتماعية على أمل إيجاد حياة جديدة بعد كل الدمار والخراب، مبينة أن معظم الفتيات قادرة على التأقلم في الغربة لذلك لا يجدن أمامهن سوى المخاطرة بحياتهن وعائلاتهن من أجل الوصول إلى دولة أجنبية.

وبحسب الفاضل، فإن هم معظم الفتيات الخروج من الدوامة وخاصة المستجدات بالدراسة، فالعبارة التي تُردد من قبل الجميع “العيش لم يعد يطاق هنا” كانت دافعاً لهم للبحث عن فرصة عمل وتعليم أفضل، مشيرة إلى أن العائلات السورية باتت تتقبل فكرة سفر الفتاة مثل الشاب ولا توجد عوائق كي تعتمد على نفسها في العمل والتعلم وتكوين مستقبلها بعيداً عن العائلة.

وتوقعت أن تصبح سوريا شبيهة بالقارة العجوز خالية من الشباب والشابات، مع ازدياد الرغبة بالهجرة من سوريا، وتدهور الوضع المعيشي، واستنفاد الناس كامل مدخراتهم خلال سنوات الحرب، فلم يبقَ أمامهم سوى بيع ما يمتلكونه من عقارات كالمنازل والأراضي الزراعية والمحال التجارية كي يهاجروا، وبالأخص بعدما فتحت العديد من الدول العربية والأجنبية أبوابها لاستقطاب السوريين، مبينة أن معظم الفتيات اللواتي يهاجرن يتراوح أعمارهن ما بين 22- 40 عاماً ومعظمهن غير متزوجات، وقد تم تسجيل العديد من الحالات الزواج ما بين فتاة سورية وشاب أجنبي.

وختمت الدكتورة حديثها، بأنه رغم أن الطريق للهجرة خارج سوريا يتخلله الكثير من المصاعب، ويتطلب فترة طويلة للوصول إلى الاستقرار المنشود، ولكن معظم الذين أقدموا على هذه الفكرة لا يكترثون بتلك المصاعب ويرونها أهون مما يعيشونه كل يوم، في ظل الحرمان من مقومات العيش الأساسية في سوريا.

نور ملحم 

اقرأ أيضاً