أنذرت التصريحات السورية والتركية الأخيرة أن مسار التقارب السوري- التركي، معلّق وتسوده حالة من الجمود، نتيجة إصرار الجانبين على مطالبهما، فالرئيس بشار الأسد، أكد في مقابلة متلفزة مع قناة “سكاي نيوز عربية” تم بثها في 9 آب الجاري، أنه “نحن نريد أن نصل لهدف واضح، هدفنا هو الانسحاب من الأراضي السورية، بينما هدف أردوغان هو شرعنة وجود الاحتلال التركي في سوريا، فلذلك لا يمكن أن يتم اللقاء تحت شروط أردوغان”، بينما يعد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، أن مسألة الانسحاب التركي من سوريا “أمر غير قابل للتفاوض”.
وفي هذا السياق يشير الصحافي التركي موسى أوزوغورلو، في مقال نشره موقع “بولتيكا يول” التركي إلى أن “الرئيس الأسد استخدم كلمات قاسية، اتهم فيها تركيا بصناعة الإرهاب في سوريا، لكنه أيضاً استخدم كلمات ناعمة قائلاً: تركيا دولة جارة، وكان من الطبيعي أن نحاول تطوير علاقاتنا معها، وإذا ظهرت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا، فمن الطبيعي أن نعود إلى نفس السياسة القائمة على إقامة علاقات جيدة مع الجيران”، وتابع أن “القضايا المتعلقة بتوقف تركيا عن دعم الجيش الوطني السوري، وعودة اللاجئين، والعملية السياسية في سوريا، وتحدي الحدود، والعلاقات الاقتصادية، وإعادة الإعمار.. من الواضح أنها قضايا ستتم مناقشتها من الجانب السوري بعد حالة الانسحاب التركي من الشمال السوري”، موضحاً أنه “في ظل عدم وجود تقارب بشأن الشرط السوري، فإنه لن يكون من الممكن الانتقال للحديث عن قضايا أخرى، وستستمر العلاقات بين البلدين في هذا النحو، وعليه فإن عملية التطبيع لن تكون سهلة أبداً”.
ويتفق محلل الشرق الأوسط ألكسندر لانجلوا، مع الصحافي التركي أوزوغورلو، إذ نقل عنه موقع “المونيتور” الأمريكي قوله: “المحادثات بين دمشق وأنقرة عالقة إلى حد كبير بسبب مسألة الوجود العسكري التركي في سوريا ودعم الجماعات وميليشيات المعارضة السورية”، موضحاً أن “الرئيس الأسد، قد يعمل لمضاعفة مواقفه التفاوضية الصعبة مثل الانسحاب التركي، كشرط لأي اجتماع رئاسي”.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” عن مصادر دبلوماسية إشارتها إلى أن “تركيا تسعى إلى التعامل مع ملف وجودها العسكري تدريجياً وتركه إلى المرحلة الأخيرة من مفاوضات التطبيع”، موضحة أن أحد أسباب الجمود الذي يشهده مسار التقارب السوري- التركي هو “الفتور بين أنقرة وموسكو، الذي أعقب زيارة الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلنسكي إلى إسطنبول وتسليمه 5 من قادة كتيبة أزوف، التي تعدها روسيا جماعة إرهابية، بحسب ما هو متفق عليه بين الدول الثلاث، وإعلان إردوغان في الزيارة تأييد تركيا انضمام أوكرانيا إلى حلف شمال الأطلسي، ثم إعلان موافقتها على التصديق على طلب السويد الانضمام إلى الحلف في قمته التي أُجريت في فيلنيوس في 11 و12 تموز الماضي” منوّهة بأن “هذا الفتور كُسر مؤخراً بالاتصال الهاتفي بين أردوغان والرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وأعلن أن الأخير قد يزور تركيا في آب الحالي، وسيكون من بين أبرز الموضوعات على أجندة الزيارة مسار التطبيع التركي السوري وملف اللاجئين”.
يشار إلى أنه في 2 آب الجاري، نقلت “الشرق الأوسط” عن مصدر دبلوماسي روسي تأكيده أن موسكو نشّطت وتيرة الاتصالات في المستوى الرباعي في الأيام الأخيرة لإجراء جولة جديدة من المحادثات، بدوره أكد نائب وزير الخارجية الروسي سيرغي فيرشينين، بتاريخ 27 تموز الفائت أن الاتصالات بين سوريا وتركيا متواصلة، مشيراً في الوقت نفسه إلى أن “هناك صعوبات محددة في طريق تطبيع العلاقات بين دمشق وأنقرة، من بينها الوجود العسكري التركي في الأراضي السورية، غير أن تقييم موسكو للمستوى الذي وصلت إليه وساطتها بين حليفتها سوريا وشريكتها تركيا جيد، إذ إنه لا يوجد أي تباطؤ في عملية التطبيع؛ لأنها تتطور شهريّاً”.