أثر برس

سيدة في ريف طرطوس تكسر المتعارف عليه وتعمل في جلي البلاط لإعالة أسرتها

by Athr Press G

خاص || أثر برس وجهاً لوجه مع حياة قاسية بكل تفاصيلها، وقفت السيدة منال عبد الرحمن المرأة الريفية من ريف القدموس، أمام تحدٍّ كبير وهو أن تربي أولادها وتؤمّن لهم حياة كريمة بعد أن غدت الأم والأب بعد وفاة زوجها، والمعيل الوحيد لأولادها الخمسة.

التحدي كان بالنسبة لمنال ذات الـ 45 عاماً ليس في أن تجابه ظروف الحياة وغلاء المعيشة وتربي أولادها، وإنما في عملها الذي يعتبر من الأعمال المجهدة، ألا وهو العمل على آلة لجلي البلاط.

بكلمات مرتّبة وعبارات منمّقة تتحدث السيدة منال لـ “أثر” لتعكس على عجل مدى الاهتمام والترتيب الذي توليه لعملها، قائلة: “منذ ثماني سنوات وأنا أعمل في هذه المهنة التي يعتبرها الناس حكراً على الرجال بوصفها لا تتناسب مع جسد المرأة، حيث كنت أعمل كعاملة يومية لدى رجل يملك آلة لجلي البلاط، إلى أن تم إعطائي منحة بقيمة 5 ملايين ليرة سورية، وذلك بعد أن خضعت لدورة تدريبية في إدارة المشاريع الصغيرة، من الجمعية السورية للتنمية الاجتماعية التي تُعنى بدعم المشاريع الصغيرة وتمكين العوائل الفقيرة لمكافحة البطالة”.

وأضافت: “في تشرين الثاني من العام الماضي اشتريت آلة لجلي البلاط بالإضافة لمولدة للكهرباء، نظراً لانقطاع الكهرباء لساعات طويلة”، وتابعت: “أشعر بسعادة كبيرة لأنني أصبحت صاحبة مشروع خاص بي ولم أعد عاملة لدى أحد، فخلال السنوات الثماني الماضية كنت أعمل من الساعة السابعة صباحاً حتى الرابعة عصراً مقابل أجر قدره 5000 ليرة فقط، وكنت أعود إلى بيتي منهكة من التعب لأنني لست صاحبة المشروع”.

وأوضحت منال أنها تعمل على الآلة بمفردها دون مساعدة من أحد، إلا في حال كان العمل في منزل طابقي فتستعين بعامل يساعدها على حمل الآلة، لتكمل العمل بمفردها داخل المنزل.

وأشارت منال إلى أنها تسمع الكثير من التعليقات التي تنقسم إلى شقين، الأول مديح وثناء على شجاعتها وصبرها بمزاولة هذه المهنة الشاقة، والثاني نقد لاذع لا يخلو من التنمر، وتابعت: “النقد اللاذع الذي أسمعه من البعض يمنحني القوة والإصرار أكثر على متابعة عملي وإثبات جدارتي به، فعندما تتوفر الإرادة والتصميم لدى المرء لا شيء يستطيع الوقوف في وجه تحقيق ما يصبو إليه وإنجازه بالشكل الأمثل”.

وأردفت منال: “صحيح أنني عندما بدأت العمل بجلي البلاط منذ ثماني سنوات، كان الدافع وراء ذلك “قلة الحيلة” وعدم وجود عمل دائم لي، لكن عندما تعمّقت بالمهنة أحببتها لأنها تعكس النظافة والرتابة التي تتقنها المرأة أكثر من غيرها”.

وبسعادة غامرة مفعمة بالزهو، تقول منال: “إتقاني لعملي الذي أنجزه بكل رتابة جعل الكثير يطلبون مني العمل لديهم”.

ولم تكن مهنة جلي البلاط عملاً شاقاً تمارسه منال، إذ قالت: “عملت في الكثير من المهن الشاقة، كجبل الطين وتقديمه لمعلمي الإكساء، بالإضافة إلى عملي في فرن للمعجنات”.

كما أنها أوضحت: “منذ نحو عشرين عاماً وأنا أعمل لتدبير أمور عائلتي”، وتضيف منال: “في عام 2002 تعرّض زوجي لحادثة أصابته بالشلل، ولم يعد قادراً على العمل، فأصبحت المعيل الوحيد للأسرة فكنت أعمل داخل المنزل وخارجه لأوفر الحياة الكريمة لأسرتي”، وتابعت: “في العام الماضي توفي زوجي وباتت المسؤولية أكبر لأواصل العمل بكل تفان”.

واختتمت منال حديثها بالتأكيد أن المرأة ليست كما يشاع عنها بأنها ضلع قاصر، وأنها لا تستطيع مزاولة جميع المهن، بل على العكس، تستطيع المرأة مزاولة جميع المهن مهما كانت شاقة، إذا امتلكت الإرادة والتصميم، وأحبت عملها.

صفاء علي – طرطوس

اقرأ أيضاً