أثر برس

الركود يضرب أسواق الملابس في طرطوس.. أصحاب محال: يمضي يوم كامل لا نبيع بليرة واحدة

by Athr Press G

خاص|| أثر  برس لم يتغير إيقاع الأسواق في طرطوس مع قدوم الشتاء، فالركود غير المسبوق لا يزال يتصدّر المشهد العام للأسواق الرئيسية في المدينة، حيث محال بيع الألبسة خاوية إلا من زبون يدخل كل حين ليسأل عن الأسعار ثم يخرج على عجل، متمتماً ببضع كلمات تعبر عن استيائه من الارتفاع الكبير في الأسعار، وواجهات المحال باتت عصيّة على الفرجة، فمعظم المارة من أمامها يغضوا أبصارهم عنها، حتى الفضول لم يعد يغريهم إلى استراق نظرة خاطفة للموديلات الجديدة، والأسعار التي باتت خارج حسابات ذوي الدخل المحدود والمعتّرين.

“لماذا أقف أمام واجهات المحال وأنظر إلى الألبسة المعروضة، إذ كنت سأتحسر فقط لأني لا أستطيع الشراء”، بهذه الجملة تشرح ريم (موظفة) لـ”أثر” حالها وحال الكثير من الأشخاص الذين أعرضوا عن الشراء، وأضافت: الأسواق فاضية لأن الناس أصبح همهم تأمين الطعام والشراب، وليس الثياب.

ودللت ريم بأن معظم الناس لديها ملابس شتوية من العام الماضي وما قبله، والموديلات لم تتغير، وحتى إن تغيّرت فإن الناس لم تعد تهتم لهذه الأمور، في ظل السعي وراء تأمين لقمة العيش.

بدورها، قالت أم سامي (لديها ثلاثة أولاد): لا أفكر في شراء الملابس لأولادي، لأن هذه العملية تحتاج قرضاً، لذلك أتبع عملية تدوير الملابس بين الأولاد، وغالباً أكتفي بشراء قطعة واحدة ضرورية لابني الأكبر، باعتبار أن ملابسه عندما “تصغر” على قياسه، يلبسها أخوه الأصغر، والأمر نفسه بالنسبة لابني الصغير.

وأضافت: الأسواق ليست لأصحاب الدخل المحدود، فالراتب لا يكفي لدفع ثمن بلوزة سعرها 300000 ل.س، بنطال 2500000 ل.س.

من جهته، اشتكى أحد أصحاب محال بيع الألبسة لـ”أثر” من حالة الركود التي يشهدها السوق، بالرغم من حلول الشتاء وعرض الأزياء الشتوية، وأضاف: “لابيعة ولا شروة”، حيث يمضي يوم كامل من دون أن نبيع بليرة واحدة، حيث يكتفي المارة بالنظر على الواجهات والسير في طريقهم من دون الدخول والسؤال إذا كانت الأسعار المكتوبة على الألبسة “نهائية” أم تخضع “للمفاصلة”.

وتابع: إذا بقي واقع الحال على ما هو عليه من ركود، فإن معظم الباعة سيغلقون محالهم بسبب الخسارة، مدللاً بإيجار المحل، فواتير الكهرباء والمياه، الضرائب وغيرها.

إلى ذاك، عزا صاحب محل آخر السبب وراء الركود إلى ارتفاع الأسعار مقابل عدم قدرة معظم الأهالي على الشراء، مضيفاً: قطعة الملابس باتت تكلفتها علينا مرتفعة جداً، فتاجر الجملة هو من يسعر لنا بناء على تكلفة القطعة من المعمل، أو من المستورد في حال كانت أجنبية، مؤكداً أنه سيبدأ بعملية تصفية للملابس الموجودة في محله، ليتحوّل إلى بيع الخضار والفواكه بوصفها مهنة مربحة أكثر.

الخبير الاقتصادي مجد عبد الله أكد لـ”أثر” أن حالة الركود موجودة في جميع الأسواق السورية وليست في طرطوس فقط، عازياً السبب وراء ذلك إلى صعوبة الوضع الاقتصادي وغلاء المعيشة الذي يجعل معظم الأشخاص مجبرين وليسوا مخيّرين، على تغيير عاداتهم الشرائية، وفق أولوية المهم ثم الأقل أهمية، ولذلك فإن تأمين الطعام والشراب بشكل يومي هو الهمّ المعيشي الأول للجميع.

وبيّن عبد الله أن الركود بدوره سيدفع بأصحاب المهن التي لا تلقى رواجاً إلى اعتزالها والتفكير بمهنة أخرى، تجنباً لتراكم الخسارات، خاصة في ظل عدم تناسب أسعار الملابس مع القدرة الشرائية للشريحة الواسعة من الناس الذين يسعون وراء الحلول البديلة الممكنة سواء الاكتفاء بملابسهم القديمة، أو إعادة تدوير بعضها لأولادهم، او التوجه إلى البالة كخيار أقل تكلفة عن الملابس الجاهزة التي تباع في الأسواق، بالرغم من ارتفاع أسعار البالة بشكل كبير أيضاً لكنها تبقى متدرجة وتحاكي جيوب متوسطي الدخل.

صفاء علي – طرطوس

اقرأ أيضاً