خاص || أثر برس لم يكن يخطر ببال الطفلة أمل ذات السنوات الست، أن زيارتها وأخوتها إلى منزل عمها في حي “الحيدرية” شرق مدينة حلب، ستكون الأخيرة لها في حياتها، وبأنها ستكون ضحيةً من ضحايا الإهمال والجشع المستمر الذي يمارسه بعض أصحاب مولدات “الأمبير” بحق أهالي مدينة حلب.
الطفلة أمل الإبراهيم، فقدت حياتها بفعل صعقة كهربائية قاتلة، تعرضت لها أثناء دخولها إلى البناء الذي يقطنه عمها، بعد أن وطأت بقدمها الصغيرة، كبل التغذية الرئيسي الصادر عن مولدات “الأمبير“، التي تغذي الحي بالكهرباء بدلاً من الكهرباء الحكومية الغائبة عن الحي بشكل تام منذ سنوات عديدة، ليكون مدخل بناء منزل عمها هو آخر ما تراه في حياتها بعينيها البريئتين.
وأوضح أحد أقارب الطفلة الضحية خلال حديثه لـ “أثر”، بأن الكبل الكهربائي الذي أصدر الصعقة القاتلة لأمل، كان ممدداً على الأرض بكل إهمال من صاحب المولدة، مشيراً إلى أن هذا الكابل هو الرئيسي الذي يصدر عن المولدة ليوزع الطاقة لاحقاً على “التفريعات”، حيث لم تُجد مطالبات قاطني الحي نفعاً مع صاحب المولدة لتغيير مكان الكبل وتمديده على ارتفاع مناسب كي يكون أكثر أمناً على حياتهم.
فاجعة الطفلة أمل، ليست الأولى من نوعها على صعيد الفواجع التي تسببت بها مولدات “الأمبير” في حلب، وإن اختلفت “السيناريوهات”، حيث كانت المدينة شهدت خلال السنوات الماضية تسجيل العديد من الانفجارات التي لحقت بالمولدات لأسباب معظمها متعلقة بحدوث ماس كهربائية يتزامن مع وجود كميات كبيرة من المازوت قرب المولدة، ما أدى بالنتيجة إلى تسجيل عدد من الضحايا والإصابات عدا عن الأضرار المادية الكبيرة التي لحقت بمنازل الحلبيين والمحال التجارية.
وفي ظل فاجعة الأمس، يبقى لسان حال الأهالي القاطنين في أحياء شرق المدينة يلهج بتساؤلات: “إلى متى سنبقى خارج الخارطة الكهربائية الحكومية؟، وهل ستحرك فاجعة وفاة أمل من ضمائر المعنيين للتدخل بشكل عاجل وإيصال الكهرباء إلى ما تبقى من أحياء شرق المدينة التي ما تزال تنتظر تحقيق هذا الحلم رغم مرور ما يزيد عن خمس سنوات على تحريرها من المجموعات المسلحة؟، أم أن لا حياة لمن تنادي؟”.
في السياق ذاته، تداولت صفحات التواصل الاجتماعي في حلب خلال ساعات الأمس، خبراً يتحدث عن وفاة شاب في حي الحمدانية، متأثراً بصعقة ناجمة عن ماسٍ كهربائي في مولدة “الأمبير” المغذية لمنزله، ومن خلال تواصل مراسل “أثر” مع الطبابة الشرعية بحلب، تبين عدم وصول أي حادثة مشابهة إلى مقر الطبابة بالمطلق، باستثناء الطفلة أمل.
وبعد البحث والوصول إلى أقارب المتوفى، تبين أن الشاب توفي بفعل “جلطة” قلبية، وليس نتيجة صعق كهربائي، خلافاً لما تم تداوله سواء عبر الصفحات أو بين أوساط الشارع الحلبي.
وتعاني مدينة حلب بشكل عام، من تقنين كهربائي جائر مستمر، بمعدل يصل إلى ما بين /10/ و/12/ ساعة من الانقطاع مقابل ساعتين فقط من التغذية، بينما تعاني رقعة واسعة من أحياء شرق المدينة، من تقنين دائم للكهرباء التي لا تصلها نتيجة الخراب والتدمير الذي لحق بالبنية التحتية خلال فترة سيطرة المجموعات المسلحة عليها بين عامي /2012/ و/2016/، حيث ما تزال وتيرة العمل على إيصال الكهرباء لتلك الأحياء تتم بوتيرة بطيئة أثمرت عن إعادة الكهرباء لعدد محدود من الأحياء الشرقية دون الأخرى.
وفي ظل ذلك الواقع الكهربائي المتردي، الذي فاق السوء وصفاً، لم يجد الحلبيون بداً من الاستعانة بمولدات “الأمبير” التي باتت تمثل الوسيلة الرئيسية للحصول على الكهرباء في المنازل والمحال التجارية، الأمر الذي أوقع الأهالي بين مطرقة الظلام والانعزال عن العالم الخارجي، وسندان جشع معظم أصحاب “المولدات” وإهمالهم وتحكمهم بحياة وأرزاق المواطنين.
زاهر طحان – حلب