خاص || أثر برس سواء صحت الصورة التي يظهر فيها تلاميذ إحدى المدارس بمدينة “هجين” الواقعة تحت سيطرة الاحتلال الأمريكي و”قسد” في دير الزور وهم يفترشون أرضية غرفة على أنها صف مدرسي، أم لم تصح، غير أنّ الواقع المُعاش هناك يؤكد أن لا تعليم بالمعنى الدقيق للكلمة يحصل عليه أبناء تلك المناطق، فلا كوادر تعليميّة مُختصة، ولا اهتمام بهذا الأمر توليه سلطات الأمر الواقع لهذا القطاع، ناهيك عن أن البناء المدرسي بقي على ما هو قائم قُبيل الاحتلال، أي نفسها المدارس والبنى التعليميّة التابعة لمديرية تربية دير الزور.
تزوير شهادات:
لا إحصائية تُذكر لأعداد المدرسين، أو الطلبة والتلاميذ ممن يتلقون تعليمهم في المدارس التابعة لما يُسمى بالهيئة العليا للتعليم ولجانها ومجمعاتها التربوية، والتي تُدار من قِبل “قسد”، لكن مصادر محليّة تؤكد في حديث لـ”أثر برس” أن القطاع التعليمي يفتقد بالمطلق للكوادر التدريسيّة والتعليميّة المُختصة، ويرفض المعلمون والمدرسون ممن هم على ملاك مديرية التربية بدير الزور، والذين يقطنون تلك المناطق بالأصل، الأمر الذي جعل مسؤولو التعليم التابع لـ”قسد” يلجؤون إلى الحاصلين على شهادتي التعليم الأساسي (التاسع)، والشهادة الثانوية لتعيينهم كمعلمين، وتشير المصادر هنا إلى ظهور عمليات تزوير لهذه الشهادات بغية التعيين، ومن يلتحق بالملاك التعليمي هناك يشده لذلك الراتب الممنوح، حيث يصل راتب المعلم إلى 260 ألف ليرة سوريّة، فلا تستغرب إذا ما وجدت عنصر شرطة سابق قد بات مُعلماً .
ولفتت مصادرنا إلى أنّه لا تغيير على خارطة البناء المدرسي، فما كان قائماً من مدارس بقي كما هو، وما طالته يد التخريب والسرقة تمت عمليات إصلاحه من قِبل المنظمات الناشطة هناك، ولم تنجح “قسد” في محاولاتها فرض منهاجها التعليمي، والذي لاقى ردود فعلٍ شعبيّة غاضبة ورافضة، وإصدار بيانات استنكار رافضة للمنهاج، جاءت من الشيخ العام لقبيلة “العكيدات” إبراهيم الهفل، وعن قبيلة “البقارة” الشيخ حاجم البشير.
ويرى المعترضون من الأهالي على مناهج “قسد” أن مادة “الجنيولوجيا” مثلاً تحمل مؤشرات الانحلال الأخلاقي ونبذ الضوابط الدينية وتقاليد المجتمع، بينما مادة التاريخ فتبدأ عندهم من الأحداث التي عاشتها مدينة القامشلي عام 2004، إذ تُلغي من حساباتها العهود الإسلامية بدءاً بالراشدي والأموي والعباسي والتاريخ الحديث لسورية، فإنها بطرح تلك الأحداث تُزكي الانقسامات المجتمعية، وتطرح شخصيات كردية مثل “أوجلان” وقادة كرد أتراك كأبطال من الذاكرة الشعبيّة لفئة؛ ليصبحوا كذلك بالنسبة لكل المكونات بالمنطقة، فيما جاءت مادة التربية الدينية لتُعلي من شأن الديانات الأرضية ومهمشة للديانات السماوية.
في حين بقي المنهاج الحكومي حاضراً رغم كل محاولات “قوات سوريا الديمقراطية ” لإلغائه، إذ لا يزال تدريسه جارٍ وإنْ كان في المنازل، لاسيما لطلاب الشهادات (التعليم الأساسي والثانوي)، والذين سجلت امتحانات دورة العام الحالي 2022 حضوراً كبيراً منهم وصل إلى 3 آلاف طالب وطالبة.
تأهيل حكومي واستقطاب:
وما بعد استعادة السيطرة على مدينة دير الزور عملت مديرية التربية على تأهيل الأبنية المدرسيّة المتضررة، حسب حديث مدير تربية دير الزور جاسم الفريح لـ”أثر برس”: تجاوز عدد المدارس التي جرى تأهيلها 160 مدرسة في جميع مدن وأرياف المحافظة الواقعة تحت سلطة الدولة السوريّة، ليصل العدد الإجمالي للمدارس قيد الاستخدام 498 مدرسة، فيما بلغت أعداد الطلبة ممن هم على مقاعد الدراسة أكثر من 320 ألف طالب وطالبة”.
وأشار الفريح إلى أنّ التربية عملت على استقطاب الطلبة في مناطق خارج السيطرة (الجزيرة المُحتلة) وفق البرنامج التعليمي فئة (ب) والذي شمل كافة التلاميذ والطلبة ممن حالت الحرب دون إكمالهم لتعليمهم، حتى ممن يقطنون بمناطق السيطرة ووصلت أعداد المستفيدين منهم إلى 8 آلاف طالب وطالبة، وتم تخصيص شُعب صفيّة لهذا الغرض، وقد حازت مديرية التربية المركز الأول على مستوى سورية بأعداد الطلبة المستقطبين.
ولفت مدير التربية إلى أن المنهاج التعليمي الذي تفرضه “قسد” غير معترف بمخرجاته، وبالتالي أي شهادة دراسية تُمنح لا اعتراف بها، ولعل أعداد الطلبة من مناطق خارج السيطرة ممن يتقدمون لامتحانات الشهادات الدليل الأبرز على أن كل ما تقوم به ” قوات سوريا الديمقراطيّة ” بهذا الاتجاه لا طائل منه سوى المزيد من الفوضى والضياع لجهود الطلبة.
عثمان الخلف – دير الزور