بعد الكشف عن المخطط التركي لدمج فصائل “الجيش الوطني” ضمن جيش موحد وتحت قيادة مركزية، بهدف إنهاء حالة “الفصائلية” التي تتسبب بتكرر حالات الاقتتال الداخلية، في المناطق التي تسيطر عليها أنقرة شمال سوريا، تصاعدت التلميحات إلى أن تركيا بدأت تتوجه إلى إقرار وضع في شمال سوريا شبيه بالتسوية في جنوبها.
وفي هذا الصدد، نقلت صحيفة “الشرق الأوسط” اللندنية عن تقارير تفيد “باحتمالات أن تكون تركيا تفكر في تطبيق نموذج التسوية في جنوب سوريا على مناطق الشمال السوري، لتحقيق الاستقرار وجعلها مهيأة لاستيعاب اللاجئين السوريين، الذين ترغب في إعادتهم”.
وأضافت أن “هدف أنقرة الرئيس: هو تأمين عودة اللاجئين السوريين وتحقيق قفزة في هذا الملف الذي بات ورقة مؤرقة اجتماعياً، فضلاً عن تحوله إلى عنصر ضغط في يد المعارضة التركية على الرئيس رجب طيب أردوغان وحزبه (العدالة والتنمية) قبل نحو 7 أشهر من الانتخابات الرئاسية والبرلمانية التي تبدو حاسمة ومفصلية في مسيرة الحزب الذي حكم تركيا منفرداً لعشرين عاماً”.
وربطت التقارير مع هذا السياق تزامن زيارة قائد اللواء الثامن “أحمد العودة” المفاجئة إلى تركيا، لافتةً إلى أن “سبب دعوته ربما يكون للاستماع إلى تقييماته حول التسوية في جنوب سوريا، التي أعادت المنطقة إلى سيطرة الجيش السوري عام 2018”.
وتصاعدت التكهنات حول زيارة العودة لإسطنبول، كونها جاءت بعد فترة قليلة من تغييرات في المناصب بالخارجية التركية شملت المسؤولين عن الملف السوري، وشهدت تعيين أردم أوزان، الضابط المسؤول عن الملف الأمني في الشمال السوري، سفيراً لتركيا في الأردن.
وسبق أن أكد قائد “قوات سوريا الديمقراطية – قسد” مظلوم عبدي، في لقاء أجراه مع صحيفة “الشرق الأوسط” قائلاً: إنّ “الحديث عن نموذج المصالحات لتحديد مصير فصائل أنقرة تصوّر مصالح تركيا، وتحمل معها مخاطر كبيرة على مستقبل السوريين وإرادتهم”، مشيراً إلى أن “نموذج المصالحات ليس إلا تكتيكاً مؤقتاً سرعان ما سيؤدي إلى انفجار القضايا مجدداً”.
وبدأت تتكشف المعلومات عن النهج التركي الجديد للتعامل مع الوضع في مناطق سيطرتها في شمال سوريا، بعد أن نقل موقع “ميدل آيست آي” البريطاني عن مصادر أمنية تركية قولها “كل المجموعات والمكونات التابعة لـ “الجيش الوطني” ستحل بموجب الخطة الجديدة، وستظهر خلال الفترة القادمة قيادة مركزية وجيش موحد يشمل جميع الفصائل، على الرغم من أن العديد من المحاولات لإنشاء جيش موحد في السابق كانت بلا جدوى”.
وأضافت المصادر، أن“جميع الفصائل العسكرية التابعة للجيش الوطني ستنسحب من المناطق المدنية، وسيجري تشكيل جيش نظامي بقيادة مركزية”، مستبعدةً في الوقت نفسه دمج “هيئة تحرير الشام – النصرة سابقاً”، داخل “الجيش الوطني” لأنها ليست جزءاً من الحسابات التركية.
يشير محللون عسكريون واستراتيجيون أتراك إلى أن “أنقرة لا يمكن أن تتخلى بسهولة عن المناطق الخاضعة لسيطرة قواتها والفصائل الموالية لها في شمال سوريا، وأنها قد تستغل التطورات الأخير ذريعةً لإعادة هيكلة “الجيش الوطني” بعد الاقتتال والاشتباكات المتكررة بين فصائله والحوادث الأمنية التي تقع في مناطق سيطرتها”.
أثر برس