التقى اليوم وزيرا الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، والإيراني حسين أمير عبد اللهيان، في بكين، في اجتماع هو الأول من نوعه منذ عام 2014 بين الطرفين، حيث جاء استكمالاً للتقارب الذي حصل بين الجانبين تحت مظلة الصين.
وأكد بيان سعودي- إيراني مشترك أن الجانبين سيعيدان فتح الممثليّات الديبلوماسية في الشهرين المنصوص عليهما في اتفاق تمّ بوساطة الصين في آذار، مضيفاً أن “البلدين ناقشا استئناف الرحلات الجوية والزيارات الثنائية للوفود الرسمية ووفود القطاع الخاص، بالإضافة إلى تسهيل تأشيرات الدخول للمواطنين”.
منذ أن تم توقيع الاتفاق بين السعودي- الإيراني في آذار الفائت، بوساطة صينية، أكدت التقديرات الأمريكية أن هذه الخطوة خلطت الأوراق في المنطقة وغيّرت حسابات عدّة، حيث أشارت تقارير عبرية إلى أنه من المرجح أن يعيد هذا الاتفاق رسم الخريطة الإقليمية للأصدقاء والأعداء، وسيكون له أصداء عالمية.
واليوم بعد لقاء وزيري خارجية البلدين في الصين، أشارت التقارير الأوروبية والأمريكية مجدداً إلى تبعات هذا التقارب وفي هذا السياق نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية “يُنظر إلى الصفقة على أنها انقلاب دبلوماسي لزعيم الصين، شي جين بينغ ، حيث يحاول وضع نفسه بوصفه رجل دولة وصانع سلام عالمي، سيما فيما يتعلق بالصراع في أوكرانيا، وحاولت الولايات المتحدة التقليل من شأن أي إشارة إلى أن الاتفاق الذي توسطت فيه بكين يمثل ضربة لنفوذ واشنطن في الشرق الأوسط، لكن تم تهميش الولايات المتحدة الأمريكية في المفاوضات الإقليمية اللاحقة، مثل المحادثات بوساطة روسية بين المملكة العربية السعودية وسوريا”.
وكذلك لفت موقع “المونيتور” الأمريكي إلى أن “الأنظار تتركز الآن على الانفراج السعودي-الإيراني وكيف سيؤثر في الحروب التي استمرت لسنوات، وبالفعل تجري عمليات إعادة ترتيب إقليمية كبرى في سوريا، فبعد سنوات من العزلة الإقليمية، يبدو أن سوريا أصبحت موضع ترحيب من جديد في الحظيرة العربية، ومن المتوقع أن يسافر وزير الخارجية السعودي إلى دمشق في الأسابيع المقبلة لدعوة الرئيس الأسد رسمياً لحضور قمة جامعة الدول العربية المقرر عقدها في الرياض في أيار”.
على حين ركّز تقرير تحليلي نشره مركز الأبحاث الأمريكي “ريسبونسبل ستيتكرافت” عن الموقف “الإسرائيلي” من هذا التقارب السعودي- الإيراني، جاء فيه: “ورد أن أنباء هذه الصفقة الدبلوماسية السعودية- الإيرانية فاجأت نتنياهو، حيث تزامن هذا التطور المهم مع توتر الساحة السياسية الداخلية في إسرائيل”، مضيفاً أنه “يرى الإسرائيليون في الاتفاق الدبلوماسي السعودي- الإيراني، انتكاسة استراتيجية كبرى”، ونقلت عن الدبلوماسي الأمريكي السابق فريال سعيد، قوله: “إيران هي التحدي الأمني الرئيسي لهم، فهي خصم قوي له مخالب طويلة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، لقد ظنوا أنهم كانوا يبنون تحالفاً قوياً مناهضاً لإيران في المنطقة، والآن فإن المنافس الرئيسي الآخر لإيران وأقوى دولة عربية، وهو العمود الفقري لأي تحالف إقليمي لمواجهة طهران، يصافح إيران قبل التطبيع مع إسرائيل”.
تُجمع التحليلات والتقديرات على أن سوريا هي من أوائل الدول المستفيدة من التقارب السعودي- الإيراني، وسبق أن أشار تقرير تحليلي نشرته صحيفة “جيروزاليم بوست” العبرية إلى أن “التقارب العربي- السوري يكتسب زخماً سريعاً في أعقاب الاتفاق السعودي- الإيراني”.