خاص|| أثر برس الهدوء السياسي والميداني الذي شهده ملف العملية العسكرية التركية شمالي سوريا، والمشروع التركي المتعلق بإنشاء “منطقة آمنة” شمالاً، تسبب بانتشار العديد من التحليلات التي حاولت تخمين مصير التهديدات التركية، لتأتي تصريحات الرئاسة التركية مؤخراً التي أكدت على إصرار أنقرة على العملية، وتعيد خلط الأوراق من جديد.
عودة التهديدات التركية بهذه العملية، تزامنت مع عدة تطورات، آخرها كان قبول تركيا بانضمام السويد وفنلندا إلى حلف الناتو مقابل ضمان الدولتين بوقف الدعم لـ “حزب العمال الكردستاني” شرقي سوريا، بحسب بيان الرئاسة التركية، وعقد جولة جديدة من محادثات أستانة بين تركيا وروسيا وإيران، إلى جانب الاشتباكات التي شهدتها مدينة عفرين بريف حلب الشمالي التي تسيطر عليها تركيا بين فصائل أنقرة ومجموعات من “جبهة النصرة”.
وفي محاولة لتفسير المشهد ومآلات التهديدات التركية قال المحلل السياسي كمال جفا، في حديث لـ “أثر” حول ارتباط قبول تركيا بانضمام فنلندا والسويد إلى الناتو بالعملية التركية شمالاً: “موافقة تركيا على ضم هاتين الدولتين يتعلق بحصولها على موافقة ضمنية ورفع الفيتو عن العملية التركية بالشمال”.
وبخصوص تفاصيل العملية وحدودها، سبق أن قال مستشار مركز المصالحة الروسي – السوري في حلب فادي إسماعيل، في حديث لـ “أثر” نقلاً عن قيادي في فصائل أنقرة الذي أكد عدم صدور أي أوامر تركية بخصوص العملية، أو أي تعليمات جديدة لناحية الجاهزية أو حتى الخطة العسكرية المبدئية التي عادة ما يتم نقاشها كمرحلة أولى من مراحل تنفيذ أي عمل عسكري من قبل أنقرة، وبدوره أشار جفا إلى أن الموضوع يتعلق بعملية عسكرية فقط في المناطق التي تتواجد فيها “قسد”، ولن يكون هناك أي عملية عسكرية في المناطق التي تتواجد فيها الدولة السورية”، مشيراً إلى أن “كل ما يحصل في سوريا يرتبط بتفاهمات وضمانات، هناك دول ضامنة وهم إيران وروسيا”.
الحديث عن التفاهمات مع الدول الضامنة، تشير إلى احتمال العودة إلى تفاهمات واتفاقات سبق أن تمت بين روسيا وتركيا بخصوص سوريا، لا سيما اتفاقية سوتشي التي تم توقيعها في آذار 2020، والتي تضمن تأمين طريق M4 الدولي وانسحاب المجموعات المدرجة على قائمة “الإرهاب” العالمية من إدلب، وفي هذا الصدد أشار جفا، إلى أن المرحلة القريبة المقبلة قد نشهد سوريا أمام تطورات ميدانية مهمة، حيث قال: “أنا أعتقد أن هناك موافقة على العودة إلى تفاهمات سوتشي، التي تُلزم تركيا بما تم الاتفاق عليه عام 2020 هذا يعني أن هناك عملية عسكرية تتضمن السيطرة على طريق M4، بدليل أن تركيا سمحت خلال الأيام الماضية لجبهة النصرة بالتقدم باتجاه الشمال واختراق تحصينات وإيجاد موقع قدم لها في المناطق التي تسيطر عليها تركيا”، مضيفاً أنه “من الوارد جداً أن نكون خلال الفترة المقبلة ربما أسابيع ربما أيام لن تتعدى أشهر، أمام تطورات من خلال تطبيق ما تم الاتفاق عليه مع تركيا، عبر عملية عسكرية تسيطر من خلالها الدولة السورية على أريحا وجسر الشغور وعين القورة في شمالي اللاذقية وكامل سهل الغاب وتأمين الطريق الدولي M4 وإنهاء تواجد “قسد” في تل رفعت ومنطقة الشهباء ومرعناز”.
بالرغم من التقارير التي تؤكد أن الوضع الإنساني في المناطق السورية كافة غير قادر على تحمّل أي عمل عسكري وما سينجم عنه من كوارث إنسانية، إلا أن التحليلات والتقديرات تؤكد أننا قد نكون أمام مشهد ميداني جديد في الجبهات السورية.
زهراء سرحان