أثر برس

عين عيسى.. المخيم الذي تحول إلى معتقل

by Athr Press G

خاص || أثر برس 

يقف “أبو خالد” لمدة لا تقل عن الثلاث ساعات للحصول على ورقة “ساعية” للخروج من مخيم عين عيسى الواقع في ريف الرقة الشمالي، لمدة لا تزيد عن الساعة للتبضع من القرى المجاورة، ومثله يقف عدد كبير من المدنيين في طابور لا تذكر صورته الأولى إلا بالطوابير الطويلة في المعتقلات التي خلقت خلال مرحلة الحرب العالمية الثانية في أوروبا.

“ساعية”.. للتسوق والطبابة

أبو خالد الذي نزح من ريف دير الزور الشمالي مع عائلته منذ أيلول للعام 2017 بسبب معركة “غضب الجزيرة” التي أطلقتها “قسد” في المنطقة ضد تنظيم “داعش”، يقول في حديثه لـ “أثر برس”، أن حراس المخيم التابعين لـ “قوات سوريا الديمقراطية”، يمنعون بشكل مطلق حركة الدخول والخروج من أبوابه من دون الحصول على “الساعية” التي تعني السماح بالخروج من المخيم لمدة ساعة واحدة للحصول على بعض الخضروات أو الدواء أو أي مادة غير متوفرة في المخيم.

تضطر “خضرة” السيدة التي تقترب من العقد الخامس من عمرها للوقوف مثل الرجال في الطابور لتحصل على إذن “الساعية” للبحث لأحد أطفالها عن “دكتور يفهم”، فهي لا تثق بالأطباء العاملين في النقاط الطبية داخل المخيم، فمن وجهة نظر المرأة التي لا تجيد كثيراً القراءة والكتابة، أن الكادر الطبي داخل المخيم “لا يعمل بضمير”، وهم يعاينون المرضى بسرعة ودون اهتمام، وغالباً ما يكون الدواء “حبوب سيتامول”، المسكنة للألم، وفي أحسن الأحول “ظرف مضاد التهاب”.

تصطحب السيدة النازحة من ريف دير الزور في كل مرة أحد أبناءها الكبار ليكون عوناً في حمل المشتريات والسير بها لمسافة طويلة في رحلة العودة إلى المخيم، فالسيارات الخاصة التي تعمل في المنطقة على نقل “الركاب” تتقاضى مبالغ عصية على النازحين الذين استهلكوا في نزوحهم “ذخيرة العمر” التي كانوا يخبؤونها للأيام السوداء وفقاً لتعبير “خضرة”.

كرمى لـ “لقمة الخبز”

وبذات الشكوى تؤكد “سوسن” التي ما تزال تحاول العودة إلى دراستها الجامعية في كلية الآداب بريف دير الزور، وتقول في حديثها: “أجبرت على ترك الجامعة منذ سنوات، القوانين في المخيم لا تسمح بالخروج الطويل منه ولذلك لا يمكنني العودة إلى الدراسة حالياً، وإن خرجت لن يمكنني رؤية أهلي مرة أخرى طالما هم مقيمين في المخيم، ومسألة العودة إلى قريتنا بالقرب من مدينة البصيرة مرهونة بعدد كبير من الموافقات التي تحتاج لدفع مبالغ طائلة كرشاوي للمسؤولين عن المخيم، والأمر شبه مستحيل مع انعدام فرص العمل في المخيم أو محيطه.

سوسن تعتبر أن محاولاتها لـ “التعيش” من التدريس بشكل خاص لبعض الأطفال الذين لا يرغب ذويهم بتدريسهم وفقاً لمناهج ما يعرف بـ”الإدارة الذاتية”، لا تؤمن لها الكثير، فهي ما زالت تتقاضي أجرة 1500 ليرة سورية عن كل طالب شهرياً لتعليمه بشكل بسيط”، وهي أرقام لا تكفي لشراء الخبز لوحده لأسرتها المكونة من 8 أفراد غالبيتهم من الأطفال، وتزداد معانة أي أسرة خلال فصل الشتاء بسبب المصاريف الزائدة في تأمين المواد اللازمة للتدفئة كـ “المازوت” و”الحطب”.

كفيل سوري لـ “السوري”

نظام الكفالة المتبع من قبل “الإدارة الذاتية” للمواطنين السوريين النازحين من ريف دير الزور لا ينحصر تطبيقه في مناطق محافظة الحسكة وحسب، فأي سوري يعيش في مخيم “عين عيسى” أو غيره ويريد العمل خارج المخيم لتأمين قوت عائلته، يحتاج لـ “كفالة” من أحد سكان الرقة.

عامر الذي يعمل في البناء يقول أنه احتاج لدفع 50 ألف ليرة سورية لـ “الكفيل” للحصول على ورقة الكفالة التي تخوله بالعمل خارج أسوار مخيم “عين عيسى” في البناء، والأمر لا يقتصر على الدفع للكفيل، إذ يتوجب على أي رجل أقل من 50 عاماً أن يتحصل على “موافقة امنية” من إدارة المخيم للتمكن من مغادرته بشكل يومي، وهذه الموافقة تصدر عن المدير “جلال عياف”، الذي بات معروفاً بأنه لا يوقع على أي طلب الكفالة إلا بعد حصوله على 50 ألف ليرة سورية.

ويقول “مؤيد” بأنه لا يفهم كيف تفكر قيادات “قوات سوريا الديمقراطية” حيال النازحين، وكأنهم مواطنين نازحين من أراض غير سورية، أو إنهم لا يحملون الجنسية السورية، فالكفالة نظام متبع لدى دول الخليج بخصوص العمالة الأجنبية، و”نحن سوريين ولسنا أجانب”.

محمود عبد اللطيف – المنطقة الشرقية

اقرأ أيضاً