أثر برس

اقتصاديون يشرحون لـ “أثر” سلبيات المطالبة بإصدار فئات نقدية جديدة في سوريا

by Athr Press G

خاص || أثر برس يحتار السوريون بين المطالبة بإصدار فئات نقدية جديدة للعملة المحلية بفئات كبيرة نتيجة المبالغ الكبيرة التي يحملونها عند شراء سلعة معينة، وبين عدم المطالبة بطرحها حتى لا تزيد من حالة التضخم في سوريا.

“أثر برس” فتح ملف الأوراق المالية للعملة المحلية وإن كان هناك بالفعل حاجة للمطالبة بإصدار قطع نقدية جديدة، وما يترتب عليها من آثار وانعكاسات، وهل هذه المطالبة تسعف واقع العملة النقدية أم غير مقبولة اقتصادياً، بالإضافة لشرح استخدام أوراق مالية تالفة، وفق قراءة تحليلية اقتصادية.

ثقافة التعامل مع العملة غير موجودة:

تطرق الخبير الاقتصادي الدكتور عامر شهدا خلال حواره مع “أثر”،لغياب ثقافة التعامل مع العملة الورقية في سوريا، معتبراً ذلك تقصيراً من المؤسسات أو من المدارس أو من المصارف كمصرف سوريا المركزي، مضيفاً: “من المفروض أن تحترم العملة الوطنية وهي ثقافة مجتمع بالأخير، وهذا الواقع يجب تغييره ويفرض احترام الأفراد لعملة بلدهم”.

معايير إصدار عملة نقدية جديدة:

وحول إصدار قطع نقدية جديدة، اعتبر شهدا أنها لا تستلزم مطالبات من المجتمع، شارحاً أنه لإصدار عملة نقدية جديدة ينبغي دراسة السوق من حيث حاجته للكتلة النقدية، عدا عن أن إصدار العملة النقدية يترتب عليه الكثير من الأمور كهل هذه العملة مغطاة أو غير مغطاة (ستتوفر بطروحات كبيرة أم لا)، ومعرفة القيمة الحقيقية لهذه العملة، وفئة العملة وتكاليفها، فجميع هذه الأمور هي معايير لإصدار عملة نقدية جديدة.

إصدار قطع نقدية جديدة لا يلبي التوجه للدفع الإلكتروني:

وينوّه شهدا لفكرة التضخم الذي تشهده سوريا والذي لا يسمح بإصدار عملة نقدية جديدة وطرح كتلة نقدية جديدة بالأسواق.

كما يرى شهدا أنه طالما الحكومة جادة بموضوع الدفع الإلكتروني فلا حاجة لهذا الإصدار إن كان بفئات قليلة أو بفئات كبيرة، إذ كانت هناك مطالب برفع فئة العملة نتيجة الأموال الكبيرة التي يدفعها الأهالي للحصول على منتج ما، وبالتالي البعض طالب بإصدار فئة 50 ألف ليرة سورية، لكن طالما بدأ العمل بالدفع الإلكتروني فلا حاجة للإصدار، ولكن الأهم أن ينجح مشروع الدفع الإلكتروني.

وبرأي شهدا، مشروع الدفع الإلكتروني إلى الآن لم يحقق النجاحات التي تتوجب عليه، ونشاط المصارف بثقافة الدفع الإلكتروني ضعيف، فهي غير نشيطة بهذا الاتجاه، وهذه الثقافة مسؤولة عنها المصارف وأهمها مصرف سوريا المركزي، وغالبية الأهالي اليوم لا تدرك معنى شبكة الدفع الإلكتروني وماهي وسائلها، وهذا التقصير ملحوظ بشكل كبير؟

أسلوب المركزي بالعملة التالفة “معيب”:

وحول استخدام أوراق مالية تالفة، اعتبر الدكتور شهدا أنه أحد مؤشرات عجز مصرف سوريا المركزي عن طباعة عملة نقدية جديدة، ومن ناحية ثانية يبين أن العملة تتلف بسبب التخزين أو بسبب مدة التعامل، فاليوم كل ورقة نقدية لها عمر استخدام، وفي سوريا لا يوجد عمر استخدام فتبقى أي فئة معينة حوالي 20/30 عام دون مشكلة لديهم.

ووفقاً لشهدا، عندما تكون العملة النقدية نظيفة وتتبدل باستمرار هذا مؤشر لاحترام الحكومة للعملة المحلية لدولتها، فعند دخول أي بلد والتعامل بعملتها يؤخذ مؤشر عن حضارة شعبها وحضارة حكومتها وحضارة المصرف المركزي وبقية المصارف، فعندما يعيد البنك المركزي توزيع العملة المهترئة يعتبر أسلوب “معيب” لأنه بحسب القانون من وظيفته إصدار العملة وبالتالي من دوره إتلاف العملة المهترئة وإصدار عملة بديلة لها.

ويضيف: من الغريب أن البنك المركزي عند استلامه العملة التالفة لا يدققها جيداً، وهذا يفسر رؤية أوراق مالية تالفة ومهترئة وكل نصف منها يحمل رقم معين، بينما يجب أن تسلم للبنك المركزي.

ويتابع شهدا أنه اليوم عند تسليم عملة تالفة للبنك المركزي يفرض دفع عمولة على الزبون بدلاً من توجيه الشكر له لقاء جمعه هذه الأوراق المالية التالفة.

الاقتراح يتضارب مع التوجه الحكومي:

بدوره، الخبير المصرفي والمالي الدكتور علي محمد اعتبر لـ”أثر” أن الحديث الذي نسمعه عن اقتراحات بإصدار فئات نقدية “من مضاعفات الـ 5000 الموجود حالياً” يتضارب مع الهدف والتوجه الحكومي بتفعيل الدفع الإلكتروني.

إذ يرى أنه يفترض أن يكون هذا التوجه الحكومي للدفع الإلكتروني مبنياً على دراسات صحيحة وتوقع لما تحتاجه سوريا من بنى تحتية والقدرة على إيجادها كمنافذ البيع والمنافذ المصرفية والإيداعات والشبكات والكهرباء وغيره.

وأردف قائلاً: “لا أعلم على ماذا يستند البعض في المطالبة بفئات أكبر من وجهة النظر النقدية والمالية، لاسيما وأن الهدف الحكومي الذي غصّ فيه إعلامنا عن التوجه الحكومي لتعميم ثقافة الدفع الإلكتروني والثقافة المصرفية والابتعاد عن الكاش، يتنافى من المطالبات بفئات أكبر من الفئة الأعلى حالياً 5000، وإن كان من ضرورة لذلك فأعتقد أن المطالبة بفئات أعلى بقليل مقبولة مع التوجه الحكومي آنف الذكر، ولكن ليس أن نصل إلى فئة 50 ألف مثلاً”.

تكلفة نفقات الطباعة:

وطالب د. محمد من يطالب بإصدار فئات نقدية عالية، أن يوضح نتائج هذه التوصية بالأرقام وبلغة الاقتصاد والإحصاء، ففي حال كان الحديث عن تخفيض نفقات الطباعة كلما زادت الفئة هو أمر صحيح، لا أحد يعلم تكلفة نفقات الطباعة لأنه أمر محصور بالبنك المركزي والحكومة السورية، فيمكن أن تكون رؤيتهم لنفقات الطباعة غير مجدية لجهة إصدار فئات نقدية كبيرة.

وضرب د. محمد مثالاً عن تخفيض نفقة الطباعة كلما زادت الفئة، بورقة (1 دولار) مبيناً أنه تكلف 5.4 سنتات، أي أن الكلفة تشكل 5.4% من قيمة الورقة، وفئة الـ (5 دولار) تكلف  11.5 سنتاً أي 2.18 % من قيمة الورقة، وفئة الـ (20 دولار) تكلف طباعتها 12.2 سنتاً، أي 0.61% من قيمة الورقة، وفئة الـ (50 دولار) تكلف 19.4 سنتاً، أي 0.388% من قيمة الورقة، وفئة الـ (100 دولار) تكلف 15.5 سنتاً، أي ا  0.155 % من قيمة الورقة.

سقطة إعلامية:

واستطرد د.محمد قائلاً: “من يطالب بإصدار فئة 50 و 100 ألف لم يوضح الانعكاس الإيجابي على القدرة الشرائية لاسيما وأن البعض (منهم اتحاد العمال) ذهب بطروحات غير واضحة من خلال الربط بين الفئات النقدية اليوم وفي الماضي من حيث ما تعادله من دولار، ومن يتحدث عن أن أعلى فئة قبل الأزمة كانت تعادل كذا دولار فيجب الآن أن تعادل الفئة كذا دولار، هذه سقطة إعلامية من قبل البعض وسقطة من قبل من يكتب بهذا الموضوع، والاقتراحات كثيرة لكن العبرة بتوجه السياسة الاقتصادية”.

وختم الدكتور محمد حديثه مع “أثر” بالإشارة إلى أنه في حال كانت المطالبة بطرح فئات نقدية جديدة أكبر من الحالية، هي بسبب المبالغ الكبيرة التي يحملها الأفراد بإمكانهم فتح حسابات بنكية، متسائلاً: “ما الهدف النقدي من إصدار قطع نقدية جديدة خاصة أنه إذا زاد العرض النقدي مقارنة بالناتج، بالتالي سيزيد التضخم.

يذكر أن مصرف سوريا المركزي طرح الفئة النقدية الجديدة 5000 ليتم تداولها جنباً إلى جنب مع باقي الفئات النقدية المتداولة حالياً منذ تاريخ 24/01/2021.

أمير حقوق

اقرأ أيضاً