أعلنت الخارجية السعودية اليوم، عن وصول الفريق الفني السعودي المعني بإعادة فتح السفارة السعودية في سوريا إلى العاصمة دمشق، تنفيذاً لقرار المملكة باستئناف العمل في بعثتها الدبلوماسية في سوريا.
وأفادت الخارجية السعودية في بيان لها، بأنّ “الفريق الفني السعودي برئاسة الوزير المفوض غازي بن رافع العنزي، التقى بمعاون وزير الخارجية السورية د. أيمن سوسان، ورئيس المراسم في وزارة الخارجية السورية عنفوان نائب، وذلك في مقر وزارة الخارجية بالعاصمة دمشق”، وفقاً لما نقلته وكالة الأنباء السعودية “واس”.
وأضافت، أنّ “رئيس الفريق السعودي عبّر عن شكره لمعاون وزير الخارجية على ما لقيه الفريق من ترحيب وحفاوة في الاستقبال وتسهيل إجراءات الوصول، على حين أعرب سوسان عن ترحيبهم واستعدادهم وجاهزيتهم لتقديم الدعم لتسهيل مهمّة الفريق السعودية”، وفقاً للبيان.
ويأتي ذلك بعد أن أعلنت السعودية وسوريا في 10 أيّار الجاري، استئناف عمل بعثتيهما الدبلوماسية في دمشق والرياض، عُقب القرار الصادر عن اجتماع وزراء خارجية الدول العربية في 7 أيّار من الشهر نفسه، والذي يقضي بعودة سوريا إلى مقعدها في جامعة الدول العربية.
تمهيد في التقارب بين البلدين
كانت الأوساط السياسية تترقب افتتاح السفارة السعودية في دمشق، منذ أن افتتحت الإمارات والبحرين سفارتيهما في أواخر 2018، إذ بدا أن هناك مساراً ما يتشكّل، ولا سيما أنّه من غير الممكن أن تتعارض سياسة البحرين خاصّةً مع السعودية في قضية مهمّة مثل سوريا.
وفي كانون الأول 2019، أفادت قناة “روسيا اليوم” حينها، بأن “السفارة السعودية في دمشق، تشهد أعمال صيانة توحي بأن المقر يستعد لاستئناف نشاطه الدبلوماسي وإن كان موعد ذلك ما زال ضمن الغرف المغلقة”، مشيرةً إلى أن “هناك مؤشرات عدة تؤكد أن المرحلة القادمة ستشهد تحولاً في العلاقات بين دمشق والرياض، وإعادة افتتاح السفارة السعودية في دمشق”.
على حين عدّت صحيفة “رأي اليوم” الإلكترونية في العام نفسه بأن اتخاذ السلطات السعودية عدداً من الإجراءات ضد “المعارضة السورية” على أراضيها، يعطي دلالة على قرب عودة علاقاتها مع الحكومة السورية، إذ أكدت قائلةً: “إن السعودية أبلغت المعارضين السوريين بإزالة أعلام المعارضة من أراضي المملكة، ورفع أعلام الدولة السورية بدلاً منها”.
وفي 20 كانون الثاني 2022، أشارت أوساط دبلوماسية إلى عدد من الاعتبارات التي من شأنها إعادة العلاقات بين البلدين، إذ التقى مبعوث الرئيس الروسي إلى سوريا، ألكسندر لافرنتييف، ولي العهد السعودي، ومن ثم التقى الرئيس بشار الأسد منتقلاً من الرياض إلى دمشق في يوم واحد، الأمر الذي بدى وكأنه محاولة لإعادة المياه إلى مجاريها بين الدولتين، بحسب مراقبين.
ونقلت وكالة “رويترز” حينها أنه جرى التباحث في أثناء اجتماع الرياض بين لافرنتييف وابن سلمان تطورات الأوضاع في سوريا، على حين أشارت وكالة” سانا” إلى أن اللقاء بين الرئيس بشار الأسد ولافرنتييف، دار عن آخر التطورات في الساحتين الإقليمية والدولية، والقضايا السياسية ذات الاهتمام المشترك مع موسكو.
تقارب بعد الزلزال
وعُقب وقوع الزلزال في سوريا، قالت قناة “الإخبارية” السعودية الرسمية، في 23 آذار الماضي: إن “المملكة تجري محادثات مع سوريا لاستئناف تقديم الخدمات القنصلية بين البلدين”، على حين نقلت وكالة “رويترز” عن مصادر مطّلعة حينها، أن “سوريا والسعودية اتفقتا على إعادة فتح سفارتي البلدين بعد قطع العلاقات بينهما لأكثر من 10 سنوات”، مضيفةً: إنّ “رئيس شعبة المخابرات حسام لوقا زار السعودية ومكث فيها أيام عدة قبل التوصل إلى اتفاق لإعادة فتح السفارات بين البلدين”.
وذكرت وكالة “سبوتنيك” الروسية نقلأً عن مصادر سوريّة مطلعة أنّ “اللقاءات بين الوفود من السعودية وسوريا تجرى منذ نحو عام”، على حين كشفت صحيفة “وول ستريت جورنال” الأمريكية، أنّ “موسكو أدت دور الوساطة في اتفاق عودة العلاقات بين السعودية وسوريا”.
وفي 18 نيسان الفائت استقبل الرئيس بشار الأسد، وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان، الذي وصل إلى العاصمة دمشق في أول زيارة لمسؤول سعودي رفيع المستوى منذ قطع العلاقات الدبلوماسية منذ 12 عاماً.
ولفت ابن فرحان خلال الزيارة إلى أن “المرحلة المقبلة تقتضي أن تعود العلاقة بين سوريا وإخوتها من الدول العربية إلى حالتها السليمة، وأن يعود دور سوريا عربياً وإقليمياً أفضل مما كان عليه من قبل”.
وجاءت هذه الزيارة بعد نحو أسبوع من زيارة وزير الخارجية فيصل المقداد إلى جدة بناءً على دعوة من ابن فرحان، في زيارة أعلن فيها الجانبان عن ترحيبهما ببدء إجراءات استئناف الخدمات القنصلية والرحلات الجوية بين البلدين.
وقادت السعودية منذ إعلان المصالحة مع إيران في 10 آذار الفائت، جهوداً في استعادة دمشق لمقعدها في الجامعة العربية، وعقدت قبل القمة العربية الاخيرة في جدة، اجتماعاً تشاورياً في المدينة نفسها في 14 نيسان الفائت، على حين شاركت رفقة سوريا في اجتماع عمّان في مطلع أيار، قبل أن يتلقى الرئيس بشار الأسد دعوة رسمية من الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز للحضور في قمة جدة.
وتصدّر تطور العلاقات السورية- السعودية المشهد السياسي، لما لها من تأثيرات عدّة في المنطقة والإقليم، ولا سيما بعد اللقاء الذي جمع الرئيس بشار الأسد مع ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على هامش قمة جدة، الذي وصفته مصادر سوريّة بأنه كان أكثر من المتوقع، وطوى صفحات الخلاف بين دمشق والرياض.
وكان الرئيس الأسد، أوضح في زيارته الأخيرة إلى موسكو في لقاء مع قناة “روسيا اليوم” أن “سوريا لم تعد ساحة صراع سعودي– إيراني مثلما كان الوضع في بعض المراحل ومن قِبل بعض الجهات”، مشيراً إلى أن “السياسة السعودية اتخذت منحى مختلفاً اتجاه سوريا منذ سنوات عدة، ولم تعد تتدخل في الشؤون الداخلية لسوريا كما أنها لم تعد تدعم أياً من الفصائل”.
وبادرت السعودية بسحب سفيرها من دمشق عام 2012، في عهد الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، وهو ما اعتبر حينها بأنه أول تدخل عربي في الشأن السوري.
وفي مؤتمر صحفي عام 2016، دعا وزير الخارجية السعودي الأسبق عادل الجبير إلى “إسقاط الدول السورية سواء بالعمل السياسي أو العسكري”.
أثر برس