بعد مرور ثلاثة أيام على زيارة الرئيس بشار الأسد إلى الإمارات تهتم التحليلات السياسية بطرح السيناريوهات المحتملة ما بعد هذا الخطوة السورية – الإماراتية التي أثارت غضب الولايات المتحدة الأمريكية، حيث أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية نيد برايس أن هذه الزيارة تسببت بانزعاجهم وقلقهم.
وفي هذا الصدد، أشارت صحيفة “التايم” إلى فوائد متبادلة من هذه الزيارة، حيث نشرت:
“وصول الرئيس الأسد إلى الإمارات أشبه بالتلويح بعلم النصر في حرب تحرير بلاده، مع تقديرات تتحدث عن إجراءات اقتصادية متوقعة بعد الاجتماع وتؤدي إلى استثمار الإمارات في إعادة إعمار سوريا، وعلى مستوى أوسع، هناك من ربط المصالحة الإماراتية مع الرئيس الأسد بخيبة أمل الإدارة الأمريكية من عودة الاتفاق النووي مع الإيرانيين وحتى المعالجة الأمريكية للحرب بين روسيا وأوكرانيا”، وأضافت الصحيفة أن “المشاعر الخليجية هي أن الإدارة الأمريكية تظهر ضعفاً في مواجهة ما يحدث في المنطقة وبالتالي من الضروري إبقاء جميع الخيارات مفتوحة وخاصة القناة الروسية المفتوحة”.
وحول هذه الفوائد نقلت وكالة “فرانس برس” عن الباحث في معهد “نيولاينز” نيكولاس هيراس، قوله: “الإمارات تسعى لأن تكون صانعة قرار في الشرق الأوسط، وأبعد من ذلك في أوراسيا، والأسد حليف أساسي لموسكو، ويرى الإماراتيون في ذلك فرصة للتفاوض على واقع جديد في الشرق الأوسط يُساهم في استقرار المنطقة، لأن الأسد ربح في حربه، وهناك قوة نووية تدعمه بشكل كامل، وأبو ظبي لم تعد ترغب بالمساهمة في “الجهود الأمريكية الرامية للحفاظ على إجماع دولي بعدم التطبيع مع سوريا” ولفت هيراس إلى أن “زيارة الأسد إلى الإمارات جاءت بعد أيام قليلة من زيارة وزير الخارجية الإماراتي إلى موسكو حيث التقى نظيره الروسي، كما يعتبرُ هذا الدفء في العلاقة مع دمشق، انتصاراً دبلوماسياً صغيراً لموسكو، حيث استقبلت أبو ظبي واحداً من الرؤساء القلائل الذين يدعمون العملية الروسية في أوكرانيا”.
فيما ألمح موقع “عربي 21” إلى قلق المعارضة من التقارب الحاصل بين الإمارات وسوريا، مشيراً إلى تخوفاتهم مرتبطة باحتمال تسليم أفراد منهم إلى الدولة السورية، وذلك استناداً إلى اتفاقية تم توقيعها بين أبو ظبي ودمشق يقضي بتسليم المجرمين حيث قال: “يخشى معارضون سوريون وحقوقيون من أن نتائج تطبيع العلاقات بين دمشق وأبو ظبي، تعني إبعاد المعارضين الموجودين في الإمارات، أو تسليم المطلوبين منهم لدمشق” لافتاً إلى أن “وزارة الخارجية الإماراتية تشير في موقعها إلى وجود اتفاقية ثنائية مع سوريا حول تسليم المجرمين، لكن دون وضع تفاصيل.. شكلت هذه المعطيات تخوفات من إمكانية تسليم معارضين سوريين لبلدهم، لا سيما أن رئاسة الشرطة الدولية الإنتربول باتت أيضاً إماراتية”.
ورأى موقع “ميدل إيست أون لاين” بهذه الزيارة خطوة لعودة سوريا إلى المجتمع العربي حيث نشر: “يرى عدد من المحللين أن استقبال الإمارات للرئيس السوري بشار الأسد خطوة على طريق عودة سوريا إلى الحضن العربي بعد أكثر من عقد من انقطاع الروابط بين دمشق والعالم العربي”.
وكذلك أشار المحلل السياسي الإماراتي حميد النعيمي، في تقرير نشره موقع “الخليج أون لاين” إلى أن “الزيارة تهدف إلى كسر عزلة سوريا، خاصة أنها الزيارة الأولى للرئيس الأسد لدولة عربية منذ قيام الحرب السورية، وإعادة التطبيع معها وللإمارات أيضاً، طموحات اقتصادية لإعمار سوريا، خاصة أن تكلفة الإعمار قد تصل إلى 400 مليار دولار”.
ما إن تم الإعلان عن زيارة الرئيس الأسد إلى الإمارات، بدأت وسائل الإعلام الأجنبية بتسليط الضوء على العديد من التفاصيل المرتبطة بها، كتوقيتها الذي تزامن مع الحرب الأوكرانية وذكرى اندلاع الحرب السورية والتوتر الحاصل بين الخليج والولايات المتحدة، كما أشار البعض إلى مستوى الوفد الذي رافق الرئيس الأسد، مؤكدين أن ما يجري هو بمثابة إشارة واضحة أن العالم مستعد للتواصل مع دمشق، لافتين إلى أن الإمارات تعني مجلس التعاون الخليجي وهي حليف وثيق للولايات المتحدة.