لا يكاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أن يخرج من مأزق حتى يعود ويدخل في مأزق آخر، فبعد أن أظهرت استطلاع الرأي (بعد إصابته بفيروس كورونا) تقدم منافسه في الانتخابيات الرئاسية جو بايدن، سارع الرئيس ترامب للخروج من المشفى والقيام بجولة داخل سيارته أمام مركز “وولتر ريد” بعد الإرباك الذي ولّدته التصريحات المتضاربة الصادرة عن فريقه الطبي ومسؤولي البيت الأبيض.
هذه الخطوة وعلى عكس رؤية ترامب عادت عليه بجملة جديدة من الانتقادات، حيث اشتكى العديد من الخبراء بأن خروجه من المستشفى ينتهك تدابير الصحة التي فرضتها حكومته ويعرض للخطر الفريق الخاص بحمايته، وقال كبير الخبراء المكلّفين بحالات الكوارث في جامعة جورج واشنطن: «كلّ شخص كان في السيارة خلال تلك الجولة الرئاسية غير الضرورية إطلاقاً، يتعينّ عليه الآن أن يخضع للحجر الصحّي لـ14 يوماً»، وأضاف: «قد يمرضون، قد يموتون، من أجل عرض سياسي، تلقّوا أمراً من ترامب لتعريض حياتهم للخطر للقيام بعرض، هذا جنون»، ولم تتوقف الأمور عند هذا الحد حيث زادت الضغوط عليه الانتقادات على ترامب بعد قيامه بنزع الكمامة بمجرد وصوله إلى البيت الأبيض.
تلك الانتقادات سبقها تشكيك بأصل الإصابة حيث يرى مراقبون بأن هذه الإصابة ربّما تُؤدّي إلى زيادة التّعاطف معه من خلال الانضمام إلى الكتلة الهائلة من الأمريكيين المصابين بفيروس كورونا، وتحسين فُرص فوزه بولايةٍ ثانية، خصوصاً وأن الأوساط الأمريكية ترى في ترامب “كذاب محترف” حيث رصدت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية 3000 كذبة للرئيس ترامب من بينها ألف كذبة تتعلّق بفيروس كورونا، وأشارت قبل أيام إلى أنه قال 34 مرّةً في تغريداته وخِطاباته ومُقابلاته إنّ الفيروس سيَختفِي بشكلٍ طبيعيّ في نيسان (إبريل) الماضي، مع بدء ارتِفاع درجة الحرارة، ومُنذ ذلك التّاريخ ارتفعت عدد الوفيّات إلى أكثر من 200 ألف حالة، ووصل عدد الإصابات إلى 7 مليون إصابة في أمريكا، وهي الأعلى عالمياً، ومن جهةٍ أخرى قد تساعد تلك الكذبة (في حال كانت كذلك) الرئيس الأمريكي على الهروب من مناظرة منافسه جو بايدن الذي أكد العديد من المراقبين أنه تغلب عليه في المناظرة الأولى.
الرئيس ترامب لا يزال يسعى للخروج من دائرة الاتهام بأنه السبب في انتشار فيروس كورونا في الولايات المتحدة ولذلك قد يكون يسعى لإيصال رسالة مفادها بأن الفيروس قد أصابه كما أصاب باقي الأمريكيين، وظهر ذلك من خلال ما قاله يوم أمس بأنه “تعلّم الكثير عن كوفيد – 19” في صراعه مع الفيروس في المستشفى، وأضاف: “إنّها المدرسة الحقيقية، ليست مدرسة قراءة الكتب، أنا أدركت ذلك، وفهمته، وهذا الأمر مثير جداً للاهتمام”.
بغض النظر إذا ما كانت إصابة ترامب بالفيروس حقيقة أم كذبه لكنه من الواضح بأن حملته الانتخابية باتت تعاني من الفوضى، إذ من غير المحتمل أن تكون هناك أيّ مناظرات أخرى بين الرئيس ومنافسه جو بايدن، كما لن يكون ترامب قادراً على قيادة التجمّعات السياسية، التي لعبت دوراً فعّالاً في حملته الانتخابية لعام 2016، وبالإضافة إلى كل ذلك فإن خطاب الرئيس لم يعد ذو مصداقية لدى الأمريكيين خصوصاً وأنه كان من المصرين على فكرة بأن فيروس «كورونا» مجرّد مطبّ، وأن “نهاية الوباء باتت وشيكة، وسيكون العام المقبل إحدى أعظم السنوات في التاريخ الولايات المتحدة”.
ستظهر الأيام القليلة المقبلة الفائز في الانتخابات الأمريكية لكن محاولات ترامب للإمساك بزمام الأمور التي يبدو أنها بدأت تخرج عن سيطرته لا تزال مستمرة ولا أحد يمكنه أن يتنبأ بالخطوات الجديدة التي سيتخذها هذا الرجل الأرعن الذي أمسك برئاسة أقوى دولة في العالم.