بدأ الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ولايته الرئاسية الجديدة بإجراء تغيير وزاري جذري، فوسط الأزمة الاقتصادية والتضخم الذي تعيشه تركيا عيّن وزير اقتصاد جديد، وفي الوقت الذي تتوجه فيه تركيا إلى سياسة “صفر مشاكل” وتعمل للتقارب مع الدول كلها سيما جيرانها، عيّن أردوغان وزير دفاع وخارجية جديدين.
منذ أن تم إعلان انتخاب أردوغان، لولاية جديدة، أكدت التحليلات والتقارير التي نشرتها وسائل إعلام عربية وأجنبية أن الرئيس التركي يمثل أمام مهمة رسم خطوط جديدة لسياسة بلاده الخارجية تتناسب مع المتغيرات الإقليمية والدولية الجديدة، وأمام هذه التحديات برز اسم رئيس الاستخبارات التركي حقّان فيدان، بعد أن عينه أردوغان وزيراً للخارجية التركية.
فيدان الذي قاد الحوار مع سوريا
عُرف فيدان منذ أن تم إعلان تقلّده لمنصب وزير الخارجية بلقب “كاتم أسرار أردوغان وحافظ أسرار الدولة التركية”، كما أكدت عدد من التقارير التي نشرتها وسائل إعلام تركية عن دور فيدان الكبير في مسارات ديبلوماسية عديدة خاضتها وتخوضها تركيا، وأبرزها مسار التقارب السوري- التركي، وفي هذا الصدد سبق وأن أشار المحلل السياسي التركي أيدين سيزير، إلى أن “فيدان ترأس جهاز الاستخبارات مدة بعيدة، وهو الشخص المهيمن في العلاقات بين تركيا وروسيا، وكذلك بين تركيا وسوريا، وحضر فيدان كل لقاءات أردوغان مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، وكذلك مع المسؤولين الروس”، مضيفاً أن “فيدان من الذين يقودون الحوار مع المخابرات السورية منذ مدة بعيدة، وكان المشرف على إدارة الملف السوري في القيادة التركية” وفقاً لما نقلته وكالة “نوفوستي” الروسية.
وفي هذا السياق، نشرت صحيفة “الشرق الأوسط” تقريراً عن الدور “الإيجابي” الذي يمكن أن يلعبه فيدان، في مسار التقارب السوري- التركي بعد توليه منصب وزير الخارجية التركي، لافتة إلى أن “فيدان كان نقطة الوصل والاتصال مع الدول التي ناصبت الحكومة التركية حكوماتها العداء كسوريا ومصر”، ونقلت الصحيفة عن مصادر متابعة قولها: “إن فيدان هو مَن أطلق عملية تفاوض واسعة مع سوريا أخيراً أسفرت عن لقاءات أجراها شخصياً مع المسؤولين السوريين من دون تحديد مكان اللقاءات”.
ونقلت “الشرق الأوسط” عن المدير السابق لجهاز الأمن العام اللبناني عباس إبراهيم، الذي عمل مع فيدان على عدد من الملفات وتجمعهما صداقة عمل مستمرة تأكيده “أن تعيين فيدان يدفع في الاتجاه الإيجابي لتحسين العلاقات التركية- السورية”، وتابع إبراهيم “أن فيدان رجل براغماتي إلى حد كبير، وهو يعرف الملف بتفاصيله، كاشفاً عن لقاءات جمعت فيدان أخيراً بمسؤولين سوريين، وهو يفهمهم ويفهمونه”، ويُعتبر أن لدى فيدان قدرة عالية على بداية بناء الثقة مع الجانب السوري، موضحاً أنه “عمل في الملفات: الأمنية، والسياسية، والعسكرية، للوجود التركي في سوريا”، وفي حديثه عن توصل فيدان مع المسؤولين السوريين إلى “تنظيم خلاف تركي- سوري على الأراضي السورية، لكنه للأسف لم يطبّقه السياسيون الأتراك تحديداً”، وفقاً لما نقلته “الشرق الأوسط”.
ووفقاً لـ”الشرق الأوسط” فإن إبراهيم يظن أن “وزير الخارجية التركي الجديد ناجحاً، لأنه في عمله الأمني مارس دبلوماسية عالية”، معتبراً أن فيدان “يعيدنا إلى سياسة صفر مشاكل، فوزير خارجية بهذه الصفات يمكنه أن يقلص حجم المشاكل إلى حد كبير”.
فيدان الذي يكره “إسرائيل”
نشرت سابقاً صحف أمريكية تقارير تتعلق بتراجع العلاقة بين تركيا والكيان الإسرائيلي، بسبب فيدان، ففي عام 2013 نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً اتهمت فيه حقّان فيدان بكشف هوية 10 “جواسيس إسرائيليين” لإيران، وكذلك نشرت صحيفة “نيويورك تايمز” تقريراً تحدثت فيه عن تراجع التعاون “التركي – الإسرائيلي”، بسبب مخاوف من تسريب فيدان المعلومات إلى الاستخبارات الإيرانية، كما نشرت حينها صحيفة “هآرتس” العبرية تقريراً أكدت فيه أن وجود مخاوف لدى “الموساد” من فيدان، خصوصاً أن مقرب جداً من أردوغان، ومعروف بدفاعه عن المصالح النووية الإيرانية.
يشار إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، يصف فيدان أنه “كاتم أسراره” كما وصفته تقارير تركية أنه “حارس سر أردوغان” وأنه مؤيد ومُخلص له.