بات لافتاً في الفترة الماضية التحركات الأمريكية التي تهدف إلى تأمين حماية أكبر لوجود القوات الأمريكية في سوريا، ومحاولة تقليل المخاطر المحيطة بهذا الوجود قدر الإمكان، وذلك بالتزامن مع تصاعد الاستهدافات التي طالت قواعدها في سوريا.
في الوقت الذي تشدد فيه تركيا على رغبتها بمحاربة “الوحدات الكردية” والقضاء على وجودهم شمال شرقي سوريا، بصرف النظر عن الجهة التي تدعمهم، وفقاً لما أكدته الخارجية التركية سابقاً، تتجه واشنطن نحو تشكيل قوة عربية تابعة لها شرق سوريا، تكون استنساخاً لتجربة “جيش سورية الحرة” الذي يتمركز في محيط القاعدة الأمريكية الموجودة في التنف.
وفي الوقت الذي يتزايد فيه الحديث عن محاولات الولايات المتحدة الأمريكية لإنشاء تشكيلات عسكرية عربية تكون بديلة عن “الوحدات الكردية”، أكد المتحدث باسم الخارجية الأمريكية فيدانت باتيل، أن “الولايات المتحدة لا تؤيد إقامة دولة منفصلة في شمال شرقي سوريا” وجاء ذلك خلال مؤتمر صحافي أجراه بتاريخ 8 حزيران الجاري.
وفي هذا الصدد، تشير تقارير صحفية عن وجود خلفيات أخرى للإجراءات التي تقوم بها واشنطن حول إنشاء تشكيل عسكري عربي، حيث نقلت صحيفة “الأخبار” اللبنانية عن مصادرها أن “الأمريكيين عرضوا بالفعل على قسد التحضير لحملة عسكرية للسيطرة على مدينة البوكمال، وقطع طريق دمشق – بغداد، وتوسيع طوق الأمان حول محيط القواعد الأمريكية في شمال شرق سوريا، وصولاً إلى ربط قاعدة التنف بمناطق شرقي الفرات”.
وأضافت مصادر “الأخبار” أن “قسد رفضت الفكرة مطلقاً، مبرّرةً ذلك بانشغالها بحماية المناطق الحدودية من أيّ هجمات تركية محتمَلة في أيّ لحظة، وعدم امتلاكها قوات عسكرية قادرة على تغطية كلّ هذه المساحات وتأمين الحماية لها”.
رفض “قوات سوريا الديمقراطية- قسد” المقترح الأمريكي دفع واشنطن إلى التفكير ببدائل، على رأسها التقرّب من العشائر العربية في الحسكة ودير الزور والرقة، واستكشاف مدى إمكانية قبولها الانخراط في المشروع الجديد، مقابل مغريات تتلخّص برفع سطوة “قسد” عن المناطق العربية، ومنح صلاحيات واسعة للقوات العربية المزمع تشكيلها في المنطقة، ورأى الأمريكيون التقدّم بمبادرتهم هذه في دير الزور أولاً، بسبب وجود خطوط تماس مع الجيش السوري هناك، وإمكانية إغراء عشائر المحافظة بالاستفادة من الحقول النفطية، وفقاً لما نقلته “الأخبار”.
وأجرى الأمريكيون لتحقيق هذا المسعى، عدد من الاجتماعات مع وجهاء العشائر العربية في دير الزور والحسكة، فقبل 4 أشهر أجرى وفد أمريكي زيارة إلى منطقة الكسرة في ريف دير الزور، واجتمع مع شيوخ ووجهاء عشائر في المنطقة، من دون التنسيق مع “قسد” أو حضور ممثّل عنها.
وكذلك توجّه وفد أمريكي آخر، قبل أيام إلى منطقة سيطرة “قوات الصناديد” والتقى قائد الفصيل، بندر الجربا، وبيّن حينها مصدر خاص لـ”أثر” في منطقة اليعربية القريبة من الحدود العراقية بمحافظة الحسكة أن “فكرة تأسيس قوة عربية من القوات الأمريكية تعود لأكثر من سنة ونصف، والتقت حينها القوات الأمريكية بالشيخ رافع الحران من قبيلة شمر العربية في منطقة اليعربية وتم استقطاب عدد من أبناء العشائر ح، وانسحب كثير من المنتسبين لـ قسد وقوات الصناديد التابعة لشيخ قبيلة شمر العربية للانضمام إلى هذه القوة، ولكن فجأة توقف الأمر من دون معرفة الأسباب”، كما أفادت تسريبات صل عليها “أثر” بأن قوات “التحالف الدولي” بقيادة واشنطن ستغيّر بعض القيادات التي اعتمدتها في ريف دير الزور، وستغيّر بعض المسميات كـ”مجلس دير الزور العسكري” الذي يقوده أحمد الخبيل، الذي ينتسب لقبيلة “العكيدات” ووفق التسريبات فهناك أيضاً نية لعزل الخبيل ودمج “مجلس دير الزور العسكري” بالقوات التي تسعى واشنطن إلى تشكيلها في الآونة القادمة.
وحول النتائج المتوقعة من هذه المحاولات الأمريكية، نقلت “الأخبار” عن مصدر عشائري تأكيده على أن “الشخصيات التي حضرت اجتماع الكسرة غير وازنة اجتماعياً في المنطقة، وتأثيرها محدود”، موضحاً أن “المزاج العام في المنطقة يرفض أيّ هجوم على مناطق سيطرة الجيش، والجميع يبحث عن خطوات تقرّب وجهات النظر، وتؤسّس لمصالحة وطنية تعيد الأمور إلى ما كانت عليه قبل الحرب”.
يشار إلى أنه في الآونة الأخيرة ارتفعت وتيرة التصعيد ضد القواعد الأمريكية في سوريا، حيث باتت الاستهدافات تطال أهم القواعد وتوقع في صفوف الأمريكيين قتلى وجرحى، كما يشير الخبراء الأمريكيون إلى وجود تطور لافت في نوعية الأسلحة المُستخدمة في تلك الاستهدافات، وفي هذا الصدد، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” الأمريكية تقريراً يشير إلى وجود وثائق تؤكد أن القوات الأمريكية في سوريا ستكون عرضة للمزيد من الاستهدافات.